تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


عن الصراع والمقاومة والاحتلال

آراء
الأثنين 1/12/ 2008 م
أحمد صوان

في ضوء ظروف ومعطيات الصراع العربي الإسرائيلي, وفي إطار جوهر هذا الصراع, وفي ظل المشهد السياسي العربي الراهن, وما تشهده (إسرائيل) من إشكاليات خطيرة وتحديات واستحقاقات, ومن ضعف داخلي في بنيتها السياسية...

أرى في ضوء ذلك أنه علينا ألا نمل من الحديث عن السلام العادل والشامل, وعن ضرورة إنهاء الاحتلال الإسرائيلي الكامل عن أراضينا العربية المغتصبة, في الضفة والقطاع, والجولان, ومزارع شبعا وتلال كفر شوبا, كما علينا أيضاً أن نسعى وبشكل علمي وموضوعي ودقيق إلى الربط بين السلام الذي نريده, وحشد الطاقات والامكانيات لتحرير أراضينا, بحيث يكون هدف السلام إنهاء الاحتلال, شأنه في ذلك شأن هدف المقاومة في نضالها وكفاحها وصمودها وهو تحقيق إنهاء الاحتلال, وتحرير الاراضي المحتلة بالتالي.‏

وهذا يعني تلقائياً أنه إذا كان الاحتلال هو نقيض السلام, فالطبيعي أن تكون المقاومة هي المعادل الموضوعي للسلام, وأن تحرير الأراضي سواء بالسلام أم بالمفاوضات, أم بالمقاومة والكفاح, هو ما يشكل اجماعاً لا يمكن لأحد أن يخترقه أو يهدد أركانه ومقوماته وعناصره وعلى هذا النحو تدور وتتكثف السياسات بل وتتصاعد عمليات الخداع والتضليل على الطرف الإسرائيلي والأميركي, وكل من لا يريد تحرير الأرض, بالسعي إلى خلق هوة أو ما يسمى التناقض بين السلام والمقاومة وهو ما ينبغي مواجهته, لأنه ما من شعب احتلت اراضيه إلا وكانت كل الوسائل والأساليب الممكنة والمتاحة هي طريقه الحقيقي من أجل تحرير أراضيه واستعادتها, وإذا كانت المقاومة المسلحة هي أعلى هذه الأساليب والوسائل إلا أنها في النتيجة هي حاجة ملحة وضرورية أمام تعنت العدو الإسرائيلي, وتمسكه بالاحتلال, وسعيه الدؤوب إلى إفراغ عملية السلام كما جرت العادة, ومنذ مؤتمر مدريد للسلام عام 1991, من مضامينها ومن مقوماتها وأسسها وركائزها وعواملها وأركانها, ومن هنا ليس من رد حقيقي وصائب على أضاليل وعمليات المناورة الإسرائيلية في المفاوضات الدبلوماسية إلا اللجوء إلى المقاومة المسلحة, وبذلك لا يمكن أن نفصل هذه المقاومة عن تطلعاتنا السلمية, والسياسية, والدبلوماسية, بتحقيق السلام العادل والشامل, السلام الذي يبنى على مبدأ عودة الأرض, واستعادة الحقوق, ورفض كل محاولات الاستسلام والمهادنة والتنازلات, فكما أن السلام والاحتلال نقيضان لا يلتقيان, فإن المقاومة بمختلف اساليبها واشكالها ووسائلها, بما فيها المقاومة المسلحة, مادامت تتجه صوب الاحتلال لالحاق الهزيمة به, فالطبيعي أن تلتقي مع دعوة السلام وأهدافه التي هي في نظرنا ومواقفنا كعرب, عملية مقدسة ونبيلة ولا يجوز التلاعب أو القفز فوق حقائقها ومعطياتها ودوافعها الطيبة.‏

أقول ذلك من أجل توضيح مسألة في غاية الأهمية, وهي أن العرب حين نادوا بالسلام لم يكن ذلك من موقع ضعف, بقدر ما كان من موقع قوة ومن موقع الحق والعدل والأمن والأمان, إلا أن إسرائيل التي رأت في تمسك العرب بالسلام العادل والشامل, ما يطلق يدها لإحكام قبضتها على الأراضي العربية المحتلة, وتبني سياسة المراوغة والمناورة, اتضح لها بالنتيجة أن إطالة الوقت, واستغلاله لفرض شروطها واملاءاتها غير مجد, ووجدت أيضاً أن مثل هذه السياسة المغامرة والعمياء, قد أوقعتها في مصيدة وفي عنق الزجاجة وهو ما تجلى وبشكل عملي وعلى الأرض, بما حصدته إسرائيل من خيبة وخذلان ومن هزيمة على يد المقاومة الوطنية اللبنانية في حرب تموز من العام 2006, وكذلك ما انعكس عليها من أزمات داخلية, وخلافات أصابت عمق الداخل الإسرائيلي بسبب صمود المقاومة الفلسطينية في وجه آلة الحرب الإسرائيلية, ولاسيما في غزة التي استطاعت بالصبر والصمود, وإرادة أهلنا الابطال والأشاوس في هذا القطاع الثائر من محاصرة إسرائيل, في حين توهم الإسرائيليون أنهم يحاصرون غزة وشعبها, ويقومون بحصارهم الظالم بتجويع القطاع.‏

صحيح أن إسرائيل أرادت تحويل القطاع برمته إلى سجن في العراء وفي الهواء الطلق, إلا أن هذا الهدف سقط وباءت أساليبه واجراءاته العنصرية بالإخفاق الحتمي والذريع, فالمقاومة مستمرة, والصمود قائم, والصبر على هذا السجن بات جزءاً من حياة أهلنا وشعبنا في قطاع غزة, إلا أن ذلك لاينبغي أن يترك دون دعم ومساندة ومساعدة من العمق القومي العربي وهو عمق استراتيجي للقضية الفلسطينية وحقوق شعب فلسطين.‏

وهكذا كانت وقفة سورية العرب في مؤتمر وزراء الخارجية العرب مؤخراً وفي القاهرة, تطالب بكسر الحصار بإرادة عربية وفوراً, حيث إن العرب أولى من الغربيين وجمعيات وروابط ومنظمات دعم القضية الفلسطينية على المستوى الدولي من فك الحصار, وكسره بجهود وقدرات عربية وما أكثرها بيد العرب إذا ما توافرت الإرادة السياسية على المستوى الرسمي, كما الحال مع المستوى الشعبي العربي في دعم صمود أهلنا, وتأييد المقاومة.‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية