|
مجتمع المشكلة أن حسنة عندما تنتهي من الأعمال الزراعية في أرضها, تتجه إلى أرض غيرها في القرية أو خارج القرية, لتعمل كما الرجال (بالفاعل) أي كعامل زراعي مياوم, يقبض أجرته يوماً بيوم. ولكن حسنة وشقيقاتها في الشقاء, لايقبضن أجورهن من أصحاب الأرض مباشرة, وإنما من (أبو شلهوب) ذلك المتعهد الذي يطوف على القرى أيام قطاف القطن وغيره من المحاصيل. ولينقل حسنة وأمثالها في ( تريلاته) إلى قرى مجاورة منذ الفجر ويعود بهن إلى بيوتهن عند غروب الشمس وبعض الفتيات في القرى البعيدة يلجأن إلى الإقامة في معسكرات زراعية مع مثيلاتهن من العاملات القادمات من القرى البعيدة ريثما ينتهي موسم القطاف. والسؤال: ماالذي جعل حسنة وأمثالها يتغربن بين التراب والشمس, في عمالة أقل مايقال فيها إنها (غالب ومغلوب). فأبو شلهوب يأكل نصف أجرهن بحجة أنه يؤمن لهن العمل, والحال مع أبي شلهوب كما تقول حسنة, أرحم منه من العمل في أرض الأهل لأنهن لايتلقين عن هذا العمل أي أجر, وإنما يجير نتاج عملهن لتعليم وزواج أخوتهن الذكور وليس لهن سوى اللقمة بمعنى أنهن يعملن كأجير بكعكة. والمفارقة أن لاتحتسب عمالة الإناث في الأعمال الزراعية في أغلب محافظاتنا الشرقية, لأنها جيرت للغير, فلا تبرز نسبة مساهمة المرأة في الأعمال الزراعية بوضوح, مايؤثر في النتيجة على خفض نسبة مساهمة المرأة السورية عموماً في الأعمال الزراعية. قد يسأل أحدكم هنا: وأين دور الدولة في تفعيل هذه النسب وإخراج حسنة وأمثالها من طوق الحاجة إلى رحاب العمل المثمر, بحيث يعملن لحسابهن الشخصي, ومادور وزارة الزراعة في دعم حسنة وأمثالها بالقروض للبدء بمشاريع زراعية صغيرة مدرة للدخل?.. رائدة ديوب... مديرة المرأة الريفية في وزارة الزراعة صرحت للثورة قائلة: لقد استطاعت القروض المتناهية الصغر المقدمة للنساء الريفيات خلال هذا العام توفير1043 مشروعاً صغيراً مدراً للدخل, يساهم في تحسين دخل الأسرة وبلغت قيمتها 93 مليون ليرة سورية, وأشرف على تأهيل النساء ومتابعة تنفيذ المشروعات مديرية المرأة الريفية في وزارة الزراعة... وحسب تعبير ديوب أنه تم خلال العام الماضي توزيع 1562 قرضاً على النساء في الريف, مؤكدة أن نسبة السداد جيدة, وهناك شبه التزام كامل في إعادة القروض, ما يسهم في خلق حلقة متوالية لتأسيس المشاريع الصغيرة. وطالت القروض هذا العام 45 قرية في درعا هي قرى معربة ونصيب وصماد... وفي السويداء - البثينة - امتان - واسعنا وفي القنيطرة جبا وفي ريف دمشق - التواني - والهيجانة ودير قانون وفي حمص السنكري وأبو حكفة وتل الناقة وجباتة الزيت وفي حماه قصر الحمرة وقصر المخرم, وعدبس وفي اللاذقية: - الكرم وعرافيت والبلاط والبيوتات. وفي طرطوس: حيلانا ومعتي والرقمة. كما طالت القروض في حلب: كفين ومنغ والرقمة. وفي ادلب: فيلين وكورين. وفي الرقة: الجرنية والظاهرية وفلاح ربو وتل عثمان والارتوازية والمبوه ومطلب أبو راشد, والشريدة الغربية. وفي دير الزور: الباعوز والكبر وصبيخان وازغير الجزيرة وهيجين وجديد عكيدات والتوابعة وحوايج ديبان والحريجية الجنوبية. وفي الحسكة: التونية وسليمة وخاتونية البحرة والغرب وتل حفيان ومفلوجة والمناجير وأم الروس.. وفي الختام نحن نقدر توجه وزارة الزراعة إلى دعم المرأة الريفية بالقروض المتناهية الصغر ومضاعفة عدد القرى التي شملت في المحافظات الشرقية بهذه القروض قياساً بقرى المنطقة الساحلية والمنطقة الوسطى. ولكننا نأمل المزيد من الدعم للمرأة الريفية في تلك المناطق, بحيث لا تضطر للعمل بالفاعل لحساب الآخرين في أيام قطاف المواسم, ولا تنتظر كما تقول حسنة عريساً ينقذها من هذا الواقع, فتقبل ولو كان الأمر على ضرة, لتجد نفسها أمام متعهد جديد يأخذ الأربعة للقطاف ولكن لحسابه. |
|