تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


قاهر السرطان

طب
الأثنين 1/12/ 2008 م
الدكتور: محمد منير أبو شعر

لانس آرمسترونغ الذي أحرز كأس البطولة في دورة فرنسا للدراجات للمرة الثانية على التوالي, حقق إنجازاً خارقاً يلامس الإعجاز.

وإنجازه هذا لا يعود إلى أنه أحرز مرتين دورة فرنسا, التي بلغت مسافتها 3630 كم, والتي تعد أقسى دورة للدراجات في العالم, ولكن هذا الإنجاز- الإعجاز مرده إلى أن لانس آرمسترونغ قد حققه بعد إصابته بالسرطان, وبدل أن يقعده السرطان عن ممارسة أي نشاط رياضي, شحذ إرادة التحدي لديه, وفجر فيه طاقات دفينة, جعلته قادراً على قهر المرض القاتل, وعلى ترويض المستحيل.‏

ومن غرائب المفارقات أن آرمسترونغ أخفق قبل مرضه في إحراز لقب هذه الدورة.‏

وآرمسترونغ الذي كان على موعد مع الموت قَلَبَ الموقف رأساً على عقب, وضرب موعداً مع النصر, فتم له ما أراد, وأكد أن إرادة الحياة أقوى من جبروت الموت, وجاء انتصاره في دورة فرنسا للمرة الثانية ملحمة من ملاحم الصمود الإنساني.‏

ومن الصعب أن ينسى آرمسترونغ الأوقات الحرجة التي مر بها, والظروف القاسية التي عاناها, حيث خضع للعلاج الكيميائي فتساقط شعره, وساءت حالته, لكنه رفض أن يلقي السلاح في معركته مع المرض, فقاوم بضراوة وعناد, ولجأ إلى الهجوم المضاد معتبراً أن الرياضة هي سلاحه الأمضى لكسب المعركة, فربح في الجولة الأولى معركته ضد المرض, وقبل أن يحقق انتصاره الأول في دورة فرنسا نجح في تحقيق الانتصار على الذات.‏

وكل الدلائل تشير إلى أن آرمسترونغ الذي أصبح رمزاً للرياضيين من جهة وأملاً لمرضى السرطان من جهة ثانية, سيستمر في الساحة الرياضية مادام يجد متعة في التدريبات الشاقة, وفي ممارسة رياضة الدراجات على أعلى المستويات... وسيبقى سيد نفسه وسيد قراره سواء في المشاركة أو الاعتزال.‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية