تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


عودة الكفاءات المالية العالية

مصارف وتأمين
الأثنين 1/12/ 2008 م
د.خالد الزامل

يبين لنا التاريخ الاقتصادي أن الاقتصاد لا ينمو أبداً بطريقة سلسة متناسقة, فسنوات من التوسع والازدهار الاقتصادي الباهر ستتلوها سنوات من الركود الاقتصادي أو حتى الذعر والخراب فينخفض الناتج القومي وتتراجع الأرباح والدخول الحقيقية وتقفز معدلات البطالة إلى مستويات غير مريحة مع خسارة كبيرة في أعداد من العمال لوظائفهم.

ففي ضوء الأزمة المالية الأخيرة التي كانت انطلاقتها من أكبر اقتصاد في العالم (الولايات المتحدة الأميركية) وامتدت إلى أوروبا واليابان وبقية الاقتصاديات العالمية نجد أن الركود الاقتصادي أصبح يلوح في الأفق وهناك بعض المظاهر المصاحبة له كانخفاض الاستهلاك وانهيار الأسعار وتراجع الاستثمار بحدة, وكذلك انخفاض الطلب على الأيدي العاملة حيث يعتبر هذا الأخير مأساوياً, فمن الناحية الاقتصادية يعتبر (تبديداً لموارد قيمة) فهناك مقدار من الهدر في مخرجات الناتج المحلي الإجمالي خلال فترة البطالة ستؤثر على مجمل الاقتصاد الوطني, أما من الناحية الاجتماعية فهي مصدر معاناة هائلة حيث يتوجب على العاطلين عن العمل تدبر معيشتهم بمداخيل أقل فتعم المحنة الاقتصادية لتؤثر على مشاعر الناس وحياة أسرهم.‏

والبطالة الأكثر توقعاً ستكون في المؤسسات المالية من شركات تأمين ومصارف وشركات صيرفة في معظم دول العالم التي تأثرت بهذه الأزمة وهناك نوعان ممن فقدوا وظائفهم في ظل الأزمة الأخيرة:‏

- بطالة ذوي الكفاءات العالية والذين كانوا يتقاضون رواتب جيدة ولم يتوقعوا قط الاستغناء عن خدماتهم وكانت صدمة البطالة بالنسبة لهم شديدة.‏

- بطالة ذوي الكفاءة العادية, وأمام هذا الوضع ما الذي ينبغي أن تعمله الحكومة السورية فيما إذا بدأت العمالة السورية بالعودة إلى الوطن في ظل تراجع النمو الاقتصادي وخاصة في دول الخليج والتي تحتوي على نسبة مرتفعة من العمالة السورية وفي دول العالم بشكل عام?‏

في رأيي تقع معالجات هذه المشكلة وخاصة بطالة ذوي الكفاءات والمؤهلات العالية أذكر على سبيل المثال لا الحصر :‏

- من خلال دراسة واقعها وتحليله ومن ثم يتم تقديم رؤية استراتيجية في إطار التغير الشامل الذي باتت تفرضه متطلبات التنمية الوطنية وأولوياتها, فمن خلال هذه الشريحة تستطيع سورية تحقيق قفزة حقيقية للأمام, وإن عدم حل هذه المشكلة يعني هدر كفاءات رأسمالنا البشري الأكثر موهبة وإبداعاً وقابلية للإبداع والتجديد والنهضة التنموية الشاملة.‏

- تشابك الكفاءة النوعية والفنية الداخلية مع الكفاءات السورية الخارجية.‏

وسورية التي تشهد نهضة واسعة ومستقرة في قطاع المصارف والتأمين ينتظر أن تفتح أبوابها لعودة أبنائها الخبراء فالاحصاءات تشير إلى وجود الكثير من الكفاءات العالية السورية التي أسست لنهضة مالية متميزة في دول عربية وأجنبية والقطاع المالي حالياً يزخر ببعض هذه الخبرات ولكن ما زال هناك الكثير منها مهاجراً ويحتاج لتشجيع للعودة.‏

وفي النهاية فإن الاستثمار في رأس المال البشري الوطني هو أفضل استثمار وأكثر ربحية وعائدية وإنتاجية وتنافسية اقتصادياً ومهارياً, وأرقاه سلعة وتقانة وأكثره مواطنية واندماجاً اجتماعياً ووطنياً وأعلاه أخلاقية ومسؤولية وأفضله تطويراً للتقانة نفسها. وبالتالي للإنتاج وأكثر إعداداً للمشاركة المجتمعية وإطلاق المبادرات.‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية