|
الثورة الذي يجب أن يستمر إلى آخر رمقٍ عند تجارنا , الذين لم يعرفوا بعد كيف عليهم أن يتأقلموا مع المعطيات الجديدة , والمتغيرات المتلاحقة , ولم يدركوا بعد مدى الأذى الذي سيلحق بهم قبل غيرهم , إن استمروا على هذه العقلية الجامدة , فأسعار الأرز مثلاً انخفضت في مختلف أنحاء العالم , انخفاضات تراوحت بين 25% - و 35% , في الوقت الذي كأنَّ شيئاً لم يكن في أسواقنا , وهذا ليس صحيحاً , ولا هو في مصلحة تجار هذا السوق أصلاً , فمثلما يستغلون غلاء الأسعار , ويبيعون بضائعهم بالسعر الجديد , رغم أنهم يكونون قد استوردوها بالسعر القديم المنخفض , فعليهم أن يتعودوا على تخفيض أسعار السلع التي استوردوها بأسعار عالية , وقتما تنخفض أسعارها , فهذه هي آلية السوق في العرض والطلب , حتى وإن تسببت هذه الآلية بالخسائر في بعض فصولها , سرعان ماتُعدّلها وتستردها في فصولٍ أخرى . أما نحن المستهلكين فعلينا أن نعتاد أيضاً على التعامل مع التاجر هكذا وجهاً لوجه , ونؤمن أنه لم يعد للتسعير الإداري مكاناً بالنسبة لمثل هذه السلع , فإما أن يُعجبنا ونشتري , وإما أن نعدِل عن الشراء , ودعونا نتعاضد مع الحكومة في مجابهة هذه المظاهر والحالات في أن تتقدّم نحو الأمام , من خلال إيجاد حلول اقتصادية لمثل هذه الحالات , وذلك على قاعدة التوجّه الجدّي للحكومة في التدخّل الإيجابي في السوق . إنّ إصرار التجار في هذه الأثناء على بيعنا الأرز بالأسعار القديمة المرتفعة , على الرغم من انخفاض هذه الأسعار عالمياً , هي فرصة حقيقية وكبيرة أمام الحكومة , لضربة تدخّلٍ إيجابي في السوق من الطراز الممتاز , وذلك من خلال قيامها بمبادرة سريعة , باستيراد كميات كبيرة من الأرز بالأسعار الحالية , وعلى جناح السرعة , وخارج إطار المناقصات والتعقيدات الروتينية , لطرح هذه الكميات عبر الصالات الحكومية (الاستهلاكية الخزن ) وبجميع المنافذ الممكنة . ولاشك بأنَّ الحكومة قادرة على ذلك , ولاسيما أنَّ استيراد كميات كبيرة من الأرز الآن , يتيح للحكومة أن تزيد ولو قليلاً من أرباحها , كما تُجبر التجار وقتها على كسر الأسعار وخفضها , ليتجلى وقتها التدخل الإيجابي الذي تَعِدُ فيه الحكومة دائماً بأبهى صوره . إنَّ توفر مثل هذه الفرصة , من شأنها أن تُقنعنا بأهمية تحرير التجارة الخارجية , ولعله من مثل هذه المناسبات , تأتي مؤيدات تتمسك فيها الحكومة بأنَّ تحريرها للتجارة الخارجية كان في مكانه , أما أن نُحرر التجارة الخارجية , ونبقى مُتفرجين في مثل هذه الحالات , فنحن فعلاً أمام مشكلة , وفي حالة من عدم الوضوح لأهداف التحرير ذاته . |
|