|
شؤون سياسية مع جورج ميتشل دار حول سحر الأذواق والأطباق في الشرق الأوسط وذلك قبل تكليفه وإيفاده في مهمة استطلاعية كان يفترض أن تنطلق من دمشق، ولأنه أمضى فترة من طفولته في جاكرتا اشتهى أوباما وهو يمسك بالعالم من القارة الأميركية، الطعام الاندونسي أي الأرز المقلي وكرات اللحم والرامبرتان تلك الثمرة الاستوائية ذات المذاق الرائع، تلك شهوة أسر بها الرئيس الأميركي إلى جورج ميتشل وهي تدمغنا بقوافل الشهداء والشعوب والأوطان المقلية في الحروب البوشية المتنقلة الموروثة وآخرها في غزة لكنها تثير الحماسة في كتابنا وتدغدغ حيرتنا وجروحنا برئيس موشح بشقاء القارة الإفريقية التي تعرف ربما كيف تدس النضال أقلاماً من رصاص في فروة رأسها الكثيف. وإذا كان طعم جنوب شرقي آسيا بمعابده الهندوكية القديمة قائماً تحت لسان الرئيس الأميركي المنسوج ريقه بلازمة دغدغة إسرائيل فنحن نعرف بالضبط أن جورج ميتشل الواصل إلى مرتبة أبرز الشخصيات الأميركية الخبيرة بإيرلندا وشؤون الشرق الأوسط بادل الرئيس أوباما حنينه إلى طعم الأطباق اللبنانية القائمة تحت لسانه مثل المحشي وشوربة العدس والمجدرة، ما قد يخلق تقاطعاً في الطعم والريق بين البشر لكننا لا نعرف هل يخلق تقاطعاً في النهج السياسي والسلوك والقناعات، والمعروف أن جورج ميتشل مولود من أم لبنانية مارونية هي منتهى سعد التي ولدت في قرية بكاسين 1902 في جنوب لبنان الذي خرج من بؤسه إلى مقاومته وهاجرت يافعة إلى أميركا لتتزوج من إيرلندي متجذر في البؤس تخلى عنه والداه وتبناه زوجان لبنانيان مسنان لا يعرفان من الانكليزية سوى بضع كلمات مثل بعض سياسيينا الذين لا يعرفون سوى لفظه yes واختاروا ميتشل اسماً لعائلتهما وأتقنوه العربية، وبالرغم من أن فقرهما المدقع دفعه إلى العمل كعامل قمامة وبواب لكنه أطلق اسمه على ابنه جورج الذي ترعرع مع أشقائه الثلاثة وشقيقته في أجواء لبنانية محضة. بما أسقط إيرلندا تماماً من حياتهم. بدأ أوباما من غوانتانامو والشرق الأوسط وتقاسم الشهوة في المذاق بين الفروع والجذور، كما بين الشرق والغرب والتي يراهن عليها بسطاء العقول من بعض سياسيينا وإعلاميينا. وعلى الرغم من أن عرب الممانعة والمقاومين في العراق وغزة ولبنان والشعوب العربية المستيقظة لا يمسحون أرغفتهم سوى بزيت القدس وسورية ولبنان يرشون فوقها السعتر والكشك المستخرج من حليب الماعز الطبيعي الذي تربى عليه جورج ميتشل كما قال لأوباما وقد يخلطونه بالزعفران الإيراني والتركي حيث ينسحب الرئيس التركي أردوغان غضباً من صلف المنطق الإسرائيلي راكضاً من منصة الألب الباردة نحو الشعوب التي تغلي في اسطنبول ودمشق وعواصم العرب بالرغم من يباس العديد من الأنظمة وبرودتها وتواطنها فإن التحدي ليس في قواسم الطعم بل في استحالة الفصل بين حبيبات السعتر والكشك والزعفران في رغيف الشرق الأوسط، كيفما دارت الأمور فإن المقاومة وكل الملح السوري قائم منذ التاريخ في هذا الرغيف الذي تحلم به الجماهير الخارجة من سباتها. كاتب واستاذ الإعلام السياسي في الجامعة اللبنانية drnassim @ hotmail . com nassim.khoury@ gmail. com |
|