تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


تشيلي ... من الليندي إلى باشليه

حدث وتعليق
الثلاثاء 17/1/2006م
نادية دمياطي

هل تغير العالم منذ سقوط الحرب الباردة?.. سؤال جوابه لايبتعد كثيراً عن الإيجاب في الحسابات الدولية التي بدأت تضبط على إيقاع متغيرات متسارعة بسقوط جدار برلين أواخر القرن الماضي وهيمنة القطب الواحد على القرار الدولي.

ولكن وفي المقابل فإن الذاكرة الحية للشعوب ورغم المتغيرات ليس من السهل تجاوزها كلما فتح المشهد على حدث مازال يتفاعل ويشحن تلك الذاكرة الوطنية بتفاصيله منذ أيام الحرب الباردة.. الذي من الصعب قراءته حاضراً دون العودة إلى البدايات.‏

ودولة تشيلي .. هذا الشريط الساحلي الغربي من قارة امريكا الجنوبية والتي خاضت قبل يومين انتخابات رئاسية مازالت احداثها في أعماق الذاكرة البشرية عندما قاد الجنرال أوغستو بينوشيه بدعم امريكي انقلاباً ضد نظام سلفادور الليندي عام 1973 - فأغرق البلاد في حمام دم موصوف..وكان على التشيليين الانتظار 17 عاماً ليرحل عنهم هذا الديكتاتور الذي يتردد اسمه اليوم في تشيلي كثيراً وسط مناخ انتخابي يميل نحو عودة التيار الاشتراكي ,كما يحصل في أجزاء واسعة من امريكا اللاتينية التي تعتبرها الولايات المتحدة باحة خلفية لمصالحها.‏

وقبل يومين اقترع نحو ثمانية ملايين ناخب تشيلي لاختيار رئيس جديد في جولة اعادة تنافست فيها الوزيرة الاشتراكية السابقة لوزارة الدفاع والصحة ميشيل باشليه مع المرشح اليميني الملياردير سباستيان بينيرا على هذا المنصب.‏

وبفوز باشيله فإنها أول امرأة تنتخب للرئاسة في تشيلي والأولى التي تصل لهذا المنصب عبر الانتخاب المباشر في امريكا اللاتينية ورابع زعيمة لتشيلي على التوالي من تحالف وسط اليسار الحاكم منذ سقوط الديكتاتور بينوشيه عام .1990‏

ووجود عنصر نسائي في هذه الانتخابات ليس العامل الوحيد الذي يعطيها أهمية خاصة..فالمرشحة تمثل الحزب الاشتراكي ووصولها إلى كرسي الرئاسة من شأنه أن يعزز من موقع الحكومات الاشتراكية التي تجتاح بلدان القارة اللاتينية الساعية إلى تحقيق العدالة الاجتماعية والتخلص من التبعية للولايات المتحدة..وللتحكم بثرواتها لمصلحة شعوبها.‏

ولأن الذاكرة الوطنية تظل مشحونة بإرث الليندي مثل تحقيق العدالة الاجتماعية والتي كافح من أجلها, فإن هذا الارث مازال حياً ويتكيف مع كل ما حصل من متغيرات خلال 36 عاماً .. والجيل الجديد في تشيلي وهو يختار الاشتراكية باشليه يحاول التمسك بخيار اليسار لأن مشهد الديكتاتور الذي هزمه هذا اليسار مازال حاضراً ورسالة الليندي مازالت تطبع الحياة السياسية في تشيلي بطابعها.‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية