|
تحقيقات
وبعد أن تم نشر التحقيق الآنف الذكر دبت الغيرة في قلوب أهالي مدينة عفرين في ريف محافظة حلب - تلك المدينة التي يخترقها نهر عفرين - لأنهم حسبوا أن مشكلة نهر قويق قد حلت من خلال النشر. وبالانتقال إلى مدينة عفرين كانت المفاجأة.
ملوثات الصرف الصحي أربعة مصبات للصرف الصحي ترمي بمخلفاتها ضمن مجرى النهر, وتتجمع عند فوهة المصب شتى أنواع القاذورات والأوساخ القادمة من شبكة الصرف الصحي للمدينة, وهي مشكلة قديمة - كما أكد سكان المدينة - ولكن ازداد حجمها بتزايد أعداد السكان وزيادة التوسع العمراني, دون لحظ هذه الكارثة البيئية, وخاصة أن أحد هذه المصبات قادم من المنطقة الصناعية - والكل يعلم كم هي خطرة ملوثات مخلفات الصناعة, وكم هي أضرارها على الإنسان وما يحيط به من بيئة تعتمد الماء عنصراً أساسياً لها.
معاصر الزيتون شريك في التلوث أربع معاصر لا ندري كيف سمح المعنيون بتشييدها على ضفتي النهر دون النظر بعين الاعتبار إلى طرق الوقاية من مخلفاتها التي تصب هي الأخرى في مجرى النهر, وللأسف فإن واحدة منها تتبع لجهة حكومية (الزراعة) وحينما سألنا أصحاب المعاصر عن سبب عدم تقيدهم بتعليمات البيئة, أجابوا بأن هنالك معصرة حكومية هي مخالفة أيضاً, وكلنا في الهواء سواء. المسلخ البلدي أيضاً على مقربة لا تتجاوز 10 أمتار تمتد قناة من المسلخ البلدي باتجاه مجرى النهر تظهر فيها مخلفات الذبح, وهي تجعل من نفسها مرتعاً للحشرات والذباب وناشراً أساسياً للروائح الكريهة, ونقول هذا المسلخ مشكلة قديمة قارب عمرها نحو 50 عاماً, دون أن تجد لها الجهات المعنية حلولاً إلا اللهم (سين) التسويف, التي اعتاد بعض المسؤولين استخدامها لتبرير أخطائهم. القمامة تحت الجسر الجديد الجسر الجديد هو جديد باسمه ورسمه, يمر من تحته النهر, وتتجمع تحته أيضاً تلال من القمامة التي يقوم برميها أصحاب المطاعم, هذا ما تأكدنا منه من خلال مشاهداتنا لمخلفات الفروج وفوارغ البيبسي والكولا, وغيرها من مخلفات المطاعم, وتتجمع هذه القمامة على ضفتي النهر ويرمى قسم منها في الماء الجاري ضمن النهر. أليس هذا كافياً ..?! هذه الملوثات الأربعة أليست كافية لإلحاق الأذى بالنهر والضرر بالإنسان والبيئة وما تحويه من نبات وحيوان? قبل أن نتوجه إلى مجلس مدينة عفرين, تساءلنا بيننا وبين ذاتنا: ماذا عملت المجالس السابقة تجاه هذا النهر (البريء) الذي سودته الأيدي الآثمة? وما وجهة نظر المعنيين في كافة المفاصل الحكومية..? مجلس المدينة .. ماذا عملت المجالس السابقة..?! المهندس عبد الرحمن قضيب البان رئيس مجلس مدينة عفرين أكد أن مشكلة النهر ليست بالمشكلة الجديدة, وإنما هي قديمة, وبدلاً من أن نسأله عن واقع النهر بدأ هو بالتساؤل التالي: إذا كانت المجالس السابقة قد تحركت لمناقشة واقع النهر, فأين النتائج? وما الحلول التي توصلوا إليها? حتى نقوم نحن بمتابعتها, فالنهر أمانة, والكل مسؤول عن هذه الأمانة, لأن النهر هو هبة الله, ومصدر مهم لاقتصاد الوطن, وحبنا للوطن يعني أن نهتم بثرواته, لا أن نهملها. ولم يكن جوابه برأينا كافياً لتبرير ما آل إليه النهر من تلوث, بل سيتحمل هو جزءاً من المسؤولية إذا بقي الحال على ما هو عليه..! ومن جملة ما أكده رئيس مجلس المدينة أن هنالك عدة اجتماعات جرت لمناقشة واقع النهر, وكان آخرها الاجتماع الذي عقد برئاسة السيد محافظ حلب, وبحضور عضو المكتب التنفيذي المختص في المحافظة, وممثلين عن مديرية زراعة حلب, وغرفة الزراعة, ومجلس مدينة عفرين, جرى خلاله مناقشة واقع معاصر الزيتون, وقد تم التوصل في الاجتماع إلى إعطاء أصحاب المعاصر مهلة لغاية 15 أيلول القادم, لتسوية أوضاعهم, حيث سيتم تشميع المعاصر المخالفة بشكل مباشر, والتي لا يتقيد أصحابها بالتعليمات التي تنص على عدم رمي مخلفات المعاصر (مياه الجفت) في مجرى النهر, ونحن كمجلس مدينة سنتخذ قراراً فيما يخص مياه الجفت والترحيل سيكون تحت إشراف مجلس المدينة. وفيما يخص مصبات الصرف الصحي, فقد أشار قضيب البان أنه قد طلب في أحد اجتماعات مجلس محافظة حلب بضرورة وجود محطة بيولوجية لمعالجة مياه الصرف الصحي.. وقد علمنا أنه قد تم إدراجها في خطة عام 2010. وفي سؤال خاص بالمصبات الفرعية القادمة من المنطقة الصناعية وحي التقدم وحي الأشرفية, فقد أكد أنه فيما إذا تم رصد الميزانية المناسبة, فعندها سيتم العمل على تمديد قساطل من المصبات الفرعية إلى المصب الرئيسي, ولكن هذا المشروع مكلف, وميزانية المجلس ربما لا تكفي, لأنها مخصصة ل 48 ألف نسمة, ولكن في الحقيقة وعلى أرض الواقع فإن عدد السكان قد تجاوز حسب احصائية مخاتير المدينة 83 ألف نسمة. وحول مشكلة المسلخ يضيف رئيس مجلس المدينة إنه يجري العمل حالياً على تأمين مكان بديل, ويعود ليتساءل: طالما أن المسلخ قارب عمره على الخمسين عاماً, فلماذا لم تعمل المجالس السابقة على حل مشكلته وتأمين المكان البديل. وبالنسبة للقمامة المجمعة تحت الجسر الجديد فقد أكد قضيب البان أن عدد العمال والآليات لا يكفي, حيث لا يوجد لدى المجلس سوى ضاغطة قمامة واحدة, إضافة إلى 6 جرارات زراعية قديمة, وعدد عمال النظافة 15 عاملاً فقط, وحاولنا تشغيل بعض العاملين المؤقتين, ولكن لم نتمكن من ذلك بسبب عدم وجود اعتماد مالي.. وكما قلنا الميزانية لا تكفي. البيئة تستغرب مدير شؤون البيئة في محافظة حلب, المهندس أحمد حسام مخللاتي أشار إلى أن دور المديرية هو رقابي فقط, ولا تقوم بأي إجراءات تنفيذية, مؤكداً أنه لم يتقدم أحد بأي شكوى حول المشكلات البيئية في نهر عفرين, وبالنسبة لمصبات الصرف الصحي الرئيسية فهذه مسؤولية الشركة العامة للصرف الصحي بحلب, والمصبات الفرعية ووصلها بالمصب الرئيسي مسؤولية مجلس المدينة, وفيما يتعلق بالمسلخ البلدي ورمي مخلفاتها في النهر فهذا إجراء مخالف, وتم تنبيه مجلس المدينة أكثر من مرة لاتخاذ الإجراءات اللازمة, وهذا برأينا - والحديث لمدير البيئة - موضوع خطر للغاية, وهو بؤرة من بؤر التلوث في حال عدم وجود محطة معالجة للمسلخ. الصرف الصحي .. سنبدأ بحل المشكلة عام 2010..!! هنالك 4 محطات معالجة ستقام على نهر عفرين, واحدة منها ضمن الحدود الإدارية لمدينة عفرين, وسيبدأ العمل بها عام 2010 بتمويل من بنك الاستثمار الأوروبي - هذا ما أكده المهندس وائل علوان مدير عام الشركة العامة للصرف الصحي في حلب, مضيفاً: إن مسؤولية الشركة تنحصر فقط في محطة المعالجة, أما بقية الحلول بالنسبة لوصلات المصبات الفرعية إلى المصب الرئيسي فهي مسؤولية مجلس المدينة. مشيراً إلى أن تكلفة المحطة عالية جداً. المحافظة .. تستغرب..!! المهندس عمر شعراني عضو المكتب التنفيذي لمجلس محافظة حلب المسؤول عن قطاع البيئة والخدمات كان متجاوباً جداً حينما علم بوجود المشكلة, مشيراً إلى أنه لأول مرة يسمع بها, منذ بداية عمله في المجلس, ووعد أن يضع حيثيات هذه المشكلة أمام السيد محافظ حلب من أجل إيجاد الحلول الإسعافية والجذرية لهذه المسألة البيئية الخطرة التي تهدد الإنسان والبيئة في ريفنا الجميل. أما السيد أحمد السلمو عضو المكتب التنفيذي لمجلس المحافظة مسؤول قطاع مجالس المدن والبلديات, فقد أكد هو الآخر استغرابه, مشيراً إلى أنه هو الآخر ليس له علم بالموضوع, وذلك منذ توليه مهامه في المجلس. كتب ومراسلات المجلس.. ما مصيرها..? لاحظنا أن مجلس مدينة عفرين قد تقدم بعدة كتب إلى الجهات المعنية من أجل المساهمة بحل جزء من المشكلة.. من هذه الكتب: 1- الكتاب (639 - ص) تاريخ 25/3/2008 موجه إلى السيد وزير الإدارة المحلية والبيئة, يعرض فيه المجلس مشكلته بالنسبة لقلة آليات النظافة, والتي لم تعد تتناسب مع الزيادة الكبيرة بالنسبة لعدد السكان والتوسع العمراني, ويرجو فيه الموافقة على منح مجلس المدينة ضاغطة قمامة وكانسة حجم وسط, ودراجة نارية لعمال الصيانة. 2- الكتاب (672 - ص) تاريخ 26/3/2008 موجه إلى السيد وزير الإدارة المحلية عن طريق محافظة حلب, يرجو فيه الموافقة على شراء آلية تركس باكر - آلية ضاغطة قياس وسط - قلاب صغير عدد اثنان فقط, من اعتمادات الموازنة المستقلة, وذلك بسبب كثرة الأعطال في مجال الصرف الصحي ضمن المدينة, وبسبب كثرة القمامة, وبغية التطبيق الأمثل لقانون النظافة. 3- كتاب (337 - ص) تاريخ 18/2/2008 موجه إلى السيد وزير الإدارة المحلية والبيئة عن طريق محافظة حلب, يبين فيه مجلس المدينة أن العدد الفعلي للسكان وفق سجلات هيئة المخاتير في مدينة عفرين هو 83220 نسمة, وليس 48000 نسمة, ويرجو المجلس من الوزارة لحظ هذا الرقم بالنسبة لكتلة الموازنة والآليان المخصصة لمجلس المدينة وللملاك العددي بالنسبة للوظائف في مجلس المدينة. إضافة إلى كتب ومراسلات أخرى تؤكد معاناة مجلس المدينة من جراء ما تتعرض له من مشكلات بيئية وإدارية ومالية يوجد لدينا العديد من الكتب والمراسلات التي تثبت صحة ذلك. المطلوب محاسبة المسيئين والمقصرين!! من خلال ما تقدم نجد أن مصير نهر عفرين كالمثل القائل (بين حانا ومانا ضيعنا لحانا) فالمراسلات برأينا لا تجدي نفعاً في حل كارثة بيئية يتعرض لها ريفنا الجميل, وكما يقول لي أحد أصحابي باللهجة العامية الحلبية (الزواج ما بصير بالمراسلة - واللي بدو أولاد الزواج بالمراسلة ما بفيدو) وأظن أن هذا المثل كاف لأن تبادر الجهات المعنية بدراسة الواقع دراسة حقيقية, ومحاسبة المجالس السابقة, إن ظهر أن هنالك أي تقصير في أداء عملها بخصوص مشكلة النهر وغيرها من المشكلات, وكذلك محاسبة كل الجهات صاحبة المسؤولية في جميع مواقعها (وإن علت), إذا كان هنالك أي تقصير, لأنه في النهاية الوطن ملك للجميع, والمسؤولون مؤتمنون على رعاية مصالح الوطن وليس مصالحهم الخاصة والشخصية أليس كذلك..?! ولنا متابعة. |
|