|
دراسات وإن كانت صغيرة, كما أنه يعاني من تدهور الأوضاع الاقتصادية وازدياد حدة الفقر. إضافة إلى المواجهات الدامية بين الجيش ومتمردي المناطق القبلية المحاذية للحدود مع أفغانستان-فيما يعرف بالحرب على الإرهاب-فقد قتل 1200 شخص معظهم من المدنيين خلال موجات اعتداءات لاسابق لها بعد اقتحام الجيش المسجد الأحمر في اسلام أباد في تموز 2007 كما قتل 1000 جندي منذ عام 2002 وكانت الضغوط الأميركية كبيرة لمواجهة المتمردين. وجاء تحديد السادس من أيلول موعداً لانتخاب رئيس جديد بعد تنحي مشرف, ليطرح العديد من التساؤلات المشروعة ومنها هل سيعود الاستقرار? لهذا البلد أما أن الصراع على السلطة سيستمر? وبالتالي فإن أحداثاً أخرى ننتظرها, وخاصة أن الولايات المتحدة لايهمها من بلدان مثل الباكستان سوى أن تكون دريئة ترد عن واشنطن وتمنع عنها الاعتداءات مثلما حدث في الحادي عشر من أيلول 2001 لذا يتردد في الأوساط الباكستانية وغيرها أن واشنطن تقابل بالجحود جهود حلفائها وهو ماحدث مع الجنرال مشرف, وبحسب السياسي البريطاني سيريل تاونستر فإن دول الغرب ستجد نفسها أمام خيبة أمل حيال باكستان. إذاً في الثامن عشر من آب أعلن مشرف عبر شاشات ا لتلفزيون تنحيه وشرح ماقام به منذ تسلمه زمام الحكم في 1999, وطبعاً وضع اللوم على مناهضيه السياسيين الذين اتهمهم بأنهم يسعون وراء مصالحهم الشخصية. والحقيقة أن الحكم في هذا البلد يتناوبه العسكريون المدنيون وهو يعيش بين سلسلة انقلابات عسكرية وحكومات منتخبة, اتهم معظمها بالفساد خلال ممارساتها للسلطة. لقد جاءت إقالة عدد من القضاة ذوي الشأن في تشرين الثاني الماضي من قبل مشرف كتحد للمبادئ الدستورية ورغم تنحيه عن قيادة الجيش نهاية العام الماضي, لكنه أساء تقدير النتائج الوخيمة التي ستواجه سلطاته المدنية والعسكرية وتحديه للدستور, ناهيك عن الاستياء الشعبي جراء ارتفاع أسعار المواد الغذائية وتفشي الفقر واتساع دائرته. لذا جاء قرار الائتلاف الحاكم بإدانة الرئيس مشرف, بمثابة حكم التعجيل باستقالته والذي أوضحه بالقول: إنه يفضل الاستقالة بدلاً من مواجهة الإدانة, لقد جاء التشجيع الداخلي والخارجي على قيامه بالتنحي رغم قدرته على حل البرلمان بمثابة حل يمنع الباكستان من القفز نحو المجهول. وهكذا تضافرت عدة عوامل لإنضاج ظروف الاستقالة وتحديد موعد لانتخاب رئيس جديد. ففي شباط الماضي فاز حزب الشعب في الانتخابات العامة بعد الاغتيال المروع لزعيمته بناظير بوتو بأيدي مجهولين في كانون أول 2007. وجاء في المرتبة الثانية في هذه الانتخابات النيابية حزب الرابطة الاسلامية بزعامة نواز شريف وهو مثل بوتو ترأس الوزارة لمرتين, قبل أن يعزله الجنرال مشرف عام 1999. لقد أكد نواز شريف منذ فوز حزبه في الانتخابات أنه لم يعترف يوماً بوجود مشرف, وقد اعتبر أن ولايته الرئاسية غير دستورية وغير شرعية مشيراً إلى أنه لن تذهب التضحيات التي قام بها خلال السنوات الثماني الماضية هدراً. وقد اختار حزب الشعب آصف علي زرداري ليخوض الانتخابات الرئاسية, وهو زوج بوتو وخليفتها في رئاسة الحزب. علماً أن حزب الشعب وحزب الرابطة الإسلامية عقداً في 9/3 تفاهماً لتقاسم السلطة, لكن ظلت وجهات نظرهما مختلفة تجاه العديد من القضايا. وهكذا فسوف يختار البرلمان ومجالس الولايات رئيساً جديداً في السادس من أيلول, أما قيادة الجيش فتسعى للظهور في موقف معتدل, فقبولها الضمني باستقالة مشرف يعني أنها بحثت عن حل سريع وخروج آمن لمشرف من رئاسة الجمهورية. مايقال من أن الرئيس جورج بوش أراد بقاء مشرف في الحكم. لكن التحديات تبقى كبيرة أمام الباكستان, وخاصة أن الضغوط الأميركية مستمرة لزج هذا البلد في مواجهات داخلية مع المتمردين في المناطق الحدودية المتاخمة لأفغانستان وهكذا فإن المستقبل لايشي بأن الصراع السياسي سينتهي كما يشتهي الباكستانيون, بل وكما يؤكد الكثيرون فإن الوضع وإرهاصاته المستقبلية لاتعطي للتفاؤل مساحة كبيرة, خاصة إذا كررنا مايقال من أن واشنطن وكما هي دائماً تقابل بالجحود جهود حلفائها. |
|