تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


بانتظار المفوض الجديد لحقوق الإنسان

نوفوستي
ترجمة
الاثنين 1/9/2008
ترجمة د. ابراهبم زعير

صادقت الجمعية العامة لهيئة الأمم المتحدة بالإجماع في 29 تموز على تعيين الحقوقية الإفريقية الجنوبية نافانيثيم بيلاي مفوضاً أعلى جديداً لحقوق الإنسان, وستباشر شغل

منصبها في الأول من أيلول للعام الحالي ويصف البعض في دوائر الأمم المتحدة بأنها يكاد ما يشبه اللعنة. ويحكم على من يتبوأ هذا المركز المهم من خلال عمله ليس لاستئصال انتهاكات حقوق الإنسان المتنوعة بل وكذلك الإشارة إلى هذه الانتهاكات التي ترتكب في الكثير من دول العالم ولاسيما الانتهاكات ضد حقوق شعوب بأكملها.‏

والمشكلة أن أي مفوض لم يغادر هذا المنصب بارتياح تام وبدون نظرات غاضبة موجهة إلى ظهره, ونذكر ما قالته ماري روبنسون رئيسة ايرلندا سابقا لدى تركها هذا المنصب عام 2002 :)إنه لايمكن عمل أي شيء تقريباً في هذا المجال فكل شيء يتعلق بالحقوق يخضع للتسييس أقصى حد( زد على ذلك أن الولايات المتحدة لم تسمح لها ولا لغيرها بعمل أي شيء بالدفاع الحقيقي عن حقوق الإنسان وخاصة في عهد إدارة بوش , وعندما كانت الكندية لويزاربور سلف بيلاي في هذا المنصب تعرضت لضغوط شديدة من قبل الولايات المتحدة فقط لأنها لم تكن راضية عنها لكونها انتقدت أفعال وممارسات )إسرائيل (المنافية لحقوق الإنسان في الأراضي الفلسطينية المحتلة, ورفضت المساواة بين قصف الصواريخ البدائية الفلسطينية لإسرائيل وبين قصف جنود ودبابات )إسرائيل( للأراضي الفلسطينية وارتكابها انتهاكات فظة بحق الشعب الفلسطيني , وكان الرد عليها عدم ترشيحها مرة أخرى لهذا المنصب بذريعة أن حكومتها لم تكن متشجعة لاستمرارها في هذا المنصب.‏

وستأتي نافانيثيم بيلاي إلى جنيف )مقر المفوضية( في الوقت الذي تجري فيه إعادة تغيير جذرية لجميع بنية الدفاع عن حقوق ارسنان لهيئة الأمم المتحدة, ولا أحد يعرف عما ستسفرعنه هذه التغييرات, مع الأخذ بعين الاعتبار جميع الخلافات والشجارات والفضائح السابقة بخصوص حقوق الإنسان, في عام 2006 تخلصت الأمم المتحدة من لجنة حقوق الإنسان التي وجدت منذ عام 1946 وتشكل بدلاً منها مجلس هيئة الأمم المتحدة لحقوق الإنسان علماً أن الجميع كان يصر منذ وقت بعيد على إعادة تنظيم اللجنة, فماذا كانت تستطيع لجنة حقوق الإنسان العمل حين كان يجلس فيها )شخصيات إنسانية( يثير حتى ذكر أسمائهم الرعشة في قلوب المدافعين عن حقوق الإنسان في العالم, فالمجلس الجديد يرث تركة غير موفقة تماماً, وقد صوتت ضد التشكيلة الجديدة الولايات المتحدة و)إسرائيل( وجزر مارشال وبابوا وهما تابعتان للولايات المتحدة إدارياً(, وتقاطع واشنطن عمل المجلس تقريباً وحسب رأي الأميركيين أن المجلس غير معصوم من أن تدخل فيه الأمم التي تنتهك حقوق الإنسان باستمرار, أما في واقع الأمر فقد كان يكمن وراء )لاءات( واشنطن خشيتها من وجود هيئة ستكون في طليعة من يبدأ بانتقاد أفعال التعذيب في السجون السرية التابعة لوكالة الاستخبارات المركزية الأميركية, واحتجاز السجناء بصورة غير قانونية في غواتنامو وفي العالم بأسره, حيث تقوم الولايات المتحدة تحت شعار)مكافحة الإرهاب( بممارسة انتهاك حقوق الإنسان وعدم الأخذ بعين الاعتبار لهذه الحقوق.‏

وانضمت روسيا إلى المجلس الجديد وأعلنت أنها ستطرح في المجلس قضايا انتهاك حقوق الناطقين بالروسية في لاتفيا وليتوانيا والشناعات في مدح النازية وملاحقة قدماء المحاربين ضد الفاشية, وبالمناسبة إن جميع بلدان هيئة الأمم المتحدة تبدي استعدادها لمناقشة حقوق الإنسان في كل مكان باستثناء وضع هذه الحقوق لديها, وهذا ما دفع العديد من الدول رفض الانضمام إلى المجلس مثل الولايات المتحدة و)إسرائيل( اللتين تمارسان انتهاكات لحقوق الإنسان في فلسطين والعراق وفي أماكن أخرى من العالم و أعلن كينيث روث المدير التنفيذي لمنظمة )هيومان رايتس ووتش( أن الحكم على بيلاي كمفوضة جديدة للجنة حقوق الإنسان )يجب أن ينظر أولاً كيف ستتمكن من مقاومة انتهاكات حقوق الإنسان من قبل الدول الكبرى ( ومن الدول التي لا تحترم حقوق الإنسان في العيش بحرية في وطنهم الأم.‏

لاشك أن المهمة الشاخصة أمام بيلاي صعبة جداً نظراً لاتساع انتهاكات حقوق الإنسان حتى أن خصصت للمجلس ميزانية بمبلغ150 مليون دولار المشكلة تكمن في الحرص على حقوق الإنسان والشعوب وكيفية الدفاع عنها بنزاهة وحيادية وبعيداً عن أي تسييس وبهذا فقط يمكن أن تحقق اللجنة أهدافها وتحقق النجاح.‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية