|
Iran-daily تم إبرامها في شهر تموز عام 2015، والتي أفضت إلى تخفيف العقوبات الدولية عن طهران مقابل لجم البرنامج النووي الإيراني. في الحين الذي يعرب به الرئيس الأميركي عن امتعاضه من اتفاقية عقدتها إيران مع ست قوى كبرى إحداها الولايات المتحدة الأميركية نجد سفيرة الولايات الأميركية في الأمم المتحدة تعمد إلى تبرير الانسحاب الأميركي غير الشرعي من هذا الاتفاق بإلقاء مسؤولية نقضه على الكونغرس. في الأحوال التي تصر بها الولايات المتحدة على خرق الصفقة، فلا ريب بأن عقابيل ذلك سيكون وخيمة، وستطال على نحو خاص برنامج عدم الانتشار النووي والمصداقية الأميركية العالمية. وقد علمت من خلال لقاءات أجريتها مع شخصيات سياسية إيرانية خلال رحلة قمت بها في الشهر الفائت، بأن التغير الكامل والمفاجئ في الموقف الأميركي سيقود أيضا إلى تحول في السياسة الخارجية الإيرانية. منذ فترة بعيدة بدا بأن المؤسسة الخارجية الإيرانية منقسمة بشأن مزايا تطبيع العلاقات مع الغرب واحتواء التوترات الأميركية الإيرانية. فمدرسة الفكر المتشدد في طهران ترى بأن السياسات الأميركية تمارس التهويل وأن أي مرونة يبديها الجانب الإيراني ستكون بمثابة خنوع يفضي إلى ممارسة ضغوط أكبر. منذ انتخاب الرئيس حسن روحاني عام 2013، ومؤسسة السياسة الخارجية الإيرانية الساعية للصلح تشهد نهوضا كبيرا. وقد أثبت الجانب الإيراني مصداقيته بشأن الحل السلمي للأزمة النووية، كما وأن الغرب من جانبه ما زال متمسكا أيضا بالاتفاقية النووية بما فيها من تخفيف العقوبات الأمر الذي يؤكد بأن تأييده للاتفاق قد جاء نتيجة لمناقشات أعطت ثمارها بعد مفاوضات مستفيضة. وإزاء ذلك باتت الاتفاقية النووية المعيار الأساسي في طهران للحكم إن كان من الممكن إعطاء الثقة للغرب والولايات المتحدة. أدلى القائد الإيراني اية الله علي خامنئي بتصريح في شهر نيسان عام 2015 قال فيه: «في الوقت الراهن، تعتبر المفاوضات النووية تجربة حديثة بالنسبة لنا، وفي حال تخلى الجانب الآخر الذي يتمثل بالولايات المتحدة عن سلوكها الأرعن، فإن ذلك سيكون تجربة جديدة بالنسبة لنا الأمر الذي سيجعلنا على بينة بما يمكن أن يتم عبر التفاوض معهم بشأن قضايا أخرى. لكن، في حال إقدامهم على تكرار ذات السلوك وإتباع السبيل الخاطئ فإن المفاوضات ستعزز تجاربنا السابقة معهم» ونظرا لمساعي ترامب الرامية إلى عرقلة الاتفاق، فإن مناصري الانخراط الدبلوماسي مع الغرب في إيران لن يؤخذ بآرائهم. وفي حال المضي في تنفيذ رغبته المعلنة بإلغائه فإن اجماعا محليا سيتشكل بهدف عدم منح الثقة أو القبول بالتفاوض أو التعاون مع الولايات المتحدة بشأن القضايا المستقبلية. وسيتابع صناع السياسة في طهران الموقف الأوروبي وإن كانت أوروبا ستحذو حذو ترامب فيما يطرحه من اقتراحات ترمي إلى ممارسة الضغوط على إيران. في حال تمسك القادة الأوروبيين بالاتفاق، وفقا لما أدلوه بتصريحاتهم، فإن ذلك يشكل دليلا على قدرة إيران على إقامة علاقات مع الغرب دون وجود دور للولايات المتحدة في هذا المجال. وثمة احتمال بأن تسعى إيران للتعاون مع أوروبا بشأن قضايا إقليمية على غرار إلحاق الهزيمة بداعش وإعادة الاستقرار للدول المجاورة. من الجهة الأخرى نعتقد بأنه في حال إتباع أوروبا النهج الأميركي (على الرغم من الالتزام الإيراني الكامل والتام ببنود الاتفاقية النووية) فإن طهران ستضع في سلم أولوياتها الاهتمام بالأمن الإيراني وتجعله فوق كافة الاعتبارات الأخرى. لاسيما وأن نقض الاتفاق يعتبر خيانة لحسن النية الإيرانية، الأمر الذي سيفضي إلى إشعال الدعوات في مؤسسة أمن البلاد لتعزيز وسائل الدفاع الإيرانية بما في ذلك البرنامج الصاروخي البالستي، وشبكة التحالف الإقليمي. ربما يطرأ تغيير وتطوير لعلاقات إيران مع الدول الشرقية من أمثال روسيا والصين والهند. إذ في الأحوال التي تقرر بها تلك الدول التخلي عن ترامب، وربما أوروبا أيضا، فإن التوجه الجيوسياسي الإيراني سيتحول بشكل حاسم نحو الشرق وستصبح إيران في عصر جديد متعدد الأقطاب وستنظر إلى تلك القوى الناهضة بهدف التعاون في مجالات التجارة والأمن والسياسة الدولية. في حال إصرار الرئيس ترامب على المضي بغيه، فعليه أن يعلم بأن التراجع أو تحجيم الاتفاق النووي لن يجعل إيران أو العالم يتراجع قيد أنملة عما تم الاتفاق عليه. وأنه وفي حال النكول عن الوعد الذي قطعه سلفه، فإن مصداقية أميركا في المنطقة ستتدهور، وستفقد إيران الثقة بالولايات المتحدة، وستعمل طهران على بناء علاقات وشراكات مع دول أخرى يمكن الوثوق بها. |
|