تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


آثار لن تمحى

شؤون سياسية
الثلاثاء 25/11/ 2008 م
منهل ابراهيم

أصبح باراك أوباما رئيسا للولايات المتحدة كأول رئيس أسود يجلس على عرش البيت الأبيض الذي زحف خصمه الجمهوري جون ماكين نحوه بيديه ورجليه دون أن يدرك من بياضه شيئا.

النجم الأسود الصاعد كان حلما يتراقص أمام أعين مناصريه وأصبح اليوم حقيقة ماثلة يجدون فيها الأمل للخروج من قعر الأزمة المالية التي خنقتهم والحروب التي طوقتهم عبر السنوات الثماني الماضية.‏

ولعل غرق الولايات المتحدة في وحل الأزمات المختلفة جعل الانتخابات فريدة ومدهشة, فذاب الجليد العرقي والحزبي ليمتزج الأسود مع الأبيض والجمهوري مع الديمقراطي باتجاه دعم أوباما لأنهم رأوا فيه بياض أيامهم ضد ماكين الذي يتمتع بتراث أسود كبير في حرب فيتنام ووارث إدارة تعج بصقور مستائين من الانسانية وأغرقوا العالم وبلادهم بالشلل وتلطخت أرياشهم بدماء حمامات السلام على امتداد الأجواء التي جابوها.‏

وها هو سجل ماكين في غزو فيتنام لم يفتح له أي باب ولم تكن له أي أهمية في تعويمه على كرسي الرئاسة وقد سبقه في الإخفاق في هذه المزية الديمقراطي جون كيري أمام جورج بوش الذي تخلف عن المشاركة في غزو فيتنام وكان في صفوف حرس تكساس الجوي القومي ولكنه عوض وأثلج صدره بغزو العراق وأفغانستان فيما بعد.‏

ومن المؤكد أن شخصية أوباما القوية أثناء معركته الرئاسية كانت صاحبة الكلمة والفصل في تتويجه رئيسا فهو لاشك صاحب كاريزما قوية ويمتلك قدرة خطابية منقطعة النظير.‏

ولعل كلام أوباما وخطابه الجديد راق لسكان الولايات المتحدة الساعين للقفز فوق حواجز الفوارق العرقية والسياسية والأزمات الاقتصادية فكتبوا أصواتهم باسمه.‏

فجورج بوش كحَّل أيام الأميركيين بسواد ثماني سنوات بعث خلالها حروبا ذميمة عركتهم عرك الرحى بثفالها وانتجت لهم الافلاس والخراب, وهو ما شكل طعنة قوية للجمهوريين لن يتعافوا منها على المدى القريب.‏

بوش المتمرس بالغزو وسفك الدماء عجن أزماته العسكرية والسياسية بأزمة مالية نتج عنها خبز بطعم العلقم لايزال زاد الأميركيين حتى هذه اللحظة. لاشك أن أوباما أظهر نفسه كأميركي عادي متحرر من ضغوطات اللوبي بواشنطن واستطاع كسب العرب الأميركيين بانتقاده التمييز الذي تعرضوا له عقب أحداث 11 أيلول.‏

والشيء اللافت للنظر هو صعود نجم أوباما السريع في السياسة وهو ما جعله زعيما سياسيا أكثر جاذبية في عيون الجماهير الأميركية بمختلف أطيافها.‏

إن سراب البيت الأبيض لاح لماكين من بعيد ولما وصل إليه لم يجد عنده شيئا بل وجد نفسه يلوح بيدين فارغتين وكأن قدر (الجونات) هو الخسارة على الساحة الأميركية وتحديدا الانتخابات الرئاسية, فجون كيري كان السابق في البكاء على أعتاب البيت الرئاسي وجون ماكين اصبح اللاحق وربما الحبل على الجرار.‏

ومن يدري فربما يجلي أوباما الأسود بسجله الأبيض سواد البيت الأبيض الذي صبغ به على أيدي صقوره السود الحاليين فلم يبق من بياضه سوى الاسم وآثار سوداء لعهد بوش لن تمحى من صفحات التاريخ.‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية