تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


دعوات لتعريف الإرهاب.. وأميركـــــا بـالمـرصــــــاد!!

قاعدة الحدث
الخميس 29-12-2011
إعداد: راغب عطية

يأتي رفض الدول الغربية بشكل عام والولايات المتحدة الأميركية بشكل خاص لعقد مؤتمر دولي حول الإرهاب منسجماً مع سياساتها الداعمة للكيان الصهيوني الإرهابي، ومواقفها حيال العديد من القضايا على الساحة الدولية وخاصة الصراع العربي الصهيوني،

وبهدف الإبقاء على الاختلاط بالمفاهيم ما بين الإرهاب الذي يهدد الأمن والسلم الدوليين والمقاومة كحق مشروع للشعوب ضد الاحتلال الأجنبي لأراضيها.‏

وقد دعت سورية في عام 1986 وبشخص قائدها الخالد حافظ الأسد إلى عقد مؤتمر دولي لتعريف الإرهاب وبيان طرق مكافحته إلا أن الدول المتنفذة في مجلس الأمن والأمم المتحدة لم تتجاوب مع هذه الدعوة.‏

سورية التي حاربت الإرهاب دائماً وهي من أكثر الدول التي تعرضت له بسبب مواقفها القومية الثابتة في وجه الصهيونية والمخططات الاستعمارية في الوطن العربي والمنطقة، وما تواجهه اليوم يعتبر أشد أنواع الإرهاب الدولي لما جندله من وسائل مادية وتقنية وبشرية من قبل العديد من العواصم وعلى رأسها واشنطن بهدف زعزعة أمنها واستقرارها وإخضاعها للمشروع الأميركي - الصهيوني في المنطقة.‏

فبعد عشرات السنين من الحرب العالمية الثانية التي احتوت على فظائع إرهابية حقيقية سواء في الحرب نفسها أم في الأحداث التي تلتها وخاصة في كوريا وفيتنام وفلسطين وأميركا اللاتينية فإن أياً من النكبات التي وقعت في إحدى هذه المناطق وغيرها لم تعتبر إرهاباً، ولم تحرك ضمير المجتمع الدولي حتى إذا وقعت حادثة ميونيخ التي قتل فيها 11 رياضياً إسرائيلياً في 5/9/1972 وقبلها حادثة مطار اللد في 30 أيار من العام نفسه وقتل فيها 28 شخصاً طلب الأمين العام للأمم المتحدة آنذاك إدراج بند عنوانه(منع الإرهاب وأشكال العنف الأخرى التي تقضي على حياة الأشخاص الأبرياء أو تعرض الحريات الأساسية للخطر).‏

إذاً بدأت المعركة ضد الإرهاب متأخرة في سبعينيات القرن الماضي، وغدت محاولات القضاء عليه دون أن تكون مرفقة بتقصي أسباب التعرف على دوافعه، فظلت المعايير مزدوجة وجرت تحت شعار مكافحة الإرهاب العديد من أشكال العدوان والاحتلال في أفغانستان والعراق وفلسطين، تهديدات ضد سورية ولبنان وإيران.‏

كما جرى اعتبار النضال من أجل التحرر والاستقلال أعمالاً إرهابية من قبل الإدارات الأميركية المتعاقبة والتي ترفض في الوقت نفسه عقد مؤتمر دولي يعكف على دراسة تعريف الإرهاب والتفريق بينه وبين حركات التحرر الوطني ضد الاحتلال والاستعمار.‏

ويقول الدكتور هيثم الكيلاني: لقد تورطت وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية سي آي إيه بأعمال إرهابية في لبنان أثناء الغزو الإسرائيلي للبنان (1982-1985)، وهي قد انتهزت فترة الاحتلال هذه وقامت بهذه الأعمال الإرهابية مع العلم أن المجتمع الدولي عرف العدوان في العام 1974 بأنه أسوأ شكل من أشكال الإرهاب على اعتبار أنه يشكل جريمة دولية في نظر العالم.‏

إن الإشارة إلى الإرهاب دون فهم واضح لمعنى المصطلح ونظامه هو أمر مضلل وهو ما تتكأ عليه الإدارات الأميركية لكي تقدم تعريفات متنوعة ولكي ترفض أي تعريف مقبول على الساحة الدولية، فمثلاً طول فترة حكم إدارة رونالد ريغان 1981-1989 جعلت الإدارة مكافحة الإرهاب حجر الزاوية في سياساتها الخارجية، وكانت مواقف الجهات المتخصصة الاعتراض بشدة على إدخال أي تعريف للإرهاب محلياً ودولياً في صلب القانون إنطلاقاً من أساس« نحن الذين نتهمهم بالاسم ونحن الذين نعاقبهم».‏

وتصر الأمم المتحدة ممثلة بجمعيتها العامة على تفاوت تعريف عام شامل للإرهاب الدولي رغم قيام معظم المجموعات الإقليمية وشبة الإقليمية بهذا التعريف ومنها الاتحاد الأوروبي، كما تصر على قصر الإرهاب على عمل الأفراد والجماعات من دون الدول، وتستبعد إرهاب النزاعات المسلحة من قائمة الإرهاب الواجب المعاقبة.‏

وبتأثير الولايات المتحدة و«إسرائيل» وعدد من الدول صرفت الجماعة الدولية في روما النظر عن اعتبار الإرهاب الدولي جريمة دولية يطالها اختصاص المحكمة الجنائية الدولية.‏

إن الموقف الغربي والأميركي القائم على رفض الاعتراف بإرهاب الدولة ويعني بذلك «إسرائيل» ورفض التمييز بين الإرهاب الفردي الذي يتوخى المصالح المادية المباشرة وبين النضال الوطني والتحرري للشعوب هما اللذان حالا دون الوصول إلى تحديد مفهوم موحد للإرهاب على المستوى العالمي، وفي إطار المنظمات الدولية على وجه الخصوص.‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية