|
قاعدة الحدث ويبدو من خلال تتبع الأحداث ان الدول الكبرى, خاصة المهيمنة على العالم لا تشجع وضع تعريف واضح ومحدد للارهاب لأنه يصطدم مع طروحاتها ومصالحها الاقتصادية والسياسية فتهربت من تعريف محدد ودقيق للأعمال الإرهابية. وحسب القانون الدولي فإن الارهاب يقع ضمن نطاق الجرائم، كما انه يعد جريمة دولية، والجرائم الدولية تعرف بصفتين الصفة الاولى بأنها تخالف القيم الانسانية للمجتمع الدولي أو تسبب ضرراً لمصلحة مشتركة للمجتمع الدولي، والثانية ان هذه الافعال تسبب خطراً على المجتمع الدولي أو تخل بالأمن والسلم الدوليين, وعلى هذا فهي تدرج في اتفاقيات دولية ويتضمنها ايضا العرف الدولي كالقرصنة والرق وتجارة الرقيق والاعمال الشبيهة بذلك والاتجار بالمخدرات وجرائم الحرب والجرائم ضد الانسانية وإبادة الجنس البشري واختطاف الطائرات والقرصنة الجوية واعمال العنف ضد الطيران المدني وضد رؤساء الدول والاشخاص المحميين دوليا مثل الدبلوماسيين وموظفي المؤسسات والهيئات الدولية واحتجاز الرهائن المدنيين لاغراض ارهابية وسرقة الاثار القومية والتراث القومي والاتجار فيها كما يتضمن العرف الدولي جريمة العدوان وبعض انماط جرائم الحرب وحظر استخدام بعض الاسلحة المسببة للآلام الجسمية، وهذه الانماط من الجرائم مدونة في اكثر من (274) اتفاقية دولية ابرمت خلال الفترة ما بين عام 1815 وعام 2001 حيث عنيت جميعها بالمسؤولية الجنائية وليس بمسؤولية الدولة فعلى سبيل المثال هناك اربع اتفاقيات معنية بجرائم الحرب هي اتفاقيات جنيف الاربعة لعام 1949 اضيفت اليها ملحقات اضافية عام 1977 وفي مجال تجريم المخدرات هناك (13) اتفاقية دولية بينما هناك 12 اتفاقية في مجال الإرهاب، ومن الملاحظ ان لكل من هذه الجرائم عنصراً دولياً وهو ما يجعلها موضع اهتمام دولي ومن الملاحظ انها نابعة من ارادة الدولة وليس من مشروع دولي. كذلك فإن اي جريمة دولية هي جريمة تعرف في معاهدة ثنائية او متعددة الاطراف ويحق لاطراف المعاهدة فقط ادانتها او يكون لديها الصلاحية القانونية في مقاضاة الجاني المزعوم وفي ضوء قواعد وتعريفات الاشكال المختلفة للارهاب المضمنة في معاهدات مختلفة فإنه بلا جدال جناية كبرى تهدد سلام الامم والشعوب وتتسبب في مقتل مجاميع من الناس وتولد معاناة للبشرية. ويبقى هذا التعريف للارهاب تعريفا استنتاجياً لم يجر الاجماع الدولي عليه وتجدر الملاحظة بأن تعليق وصف فعل الارهاب بأنه جريمة دولية على اتفاق الدول قد يعني بأن افعالاً معينة يمكن ان تبقى خارج دائرة هذا الوصف ما لم تتفق الدول على شمولها به. والواقع ان الارهاب برغم الاختلافات الناشئة حول تعريفه كان يعد جريمة دولية منذ فترة طويلة وكان من الطبيعي ان تبرز صفته في هذا الوقت الحاضر نتيجة اتساع نطاق وتزايد مخاطره على نطاق دولي وهو يعد اليوم جريمة دولية للاجماع تقريبا، ورغم الاختلاف على مصدر دولية هذه الجريمة فالبعض يرى ان الارهاب جريمة دولية لأنه يؤدي الى تهديد السلم الدولي وتدهور العلاقات الدولية ويراه البعض الآخر فعلاً يرتكبه افراد او مجموعة افراد او منظمات خاصة في اقليم آخر او أي فعل يؤثر بطريقة ما في مصالح دولة اخرى، وذهب آخرون الى انه بالامكان وصف فعل ارهابي ما بأنه دولي ليس فقط عندما يشمل عنصراً خارجياً بل عند اعتداء سيادة دولة واغتصابها يحق للشعوب ان تناضل من اجل تحقيق مصيرها حيث إن ما يتعرضون له هو عمل إرهابي ويعد جريمة دولية. كما ان الارهاب بإلحاقه أضرارٍ مختلفة بمصالح الافراد والدول على حد سواء يتناقض وعدد من المواثيق والاتفاقيات الدولية فمثلا تؤكد ديباجة الميثاق الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية النافذة المفعول منذ عام 1977 حق الفرد في ان يتمتع بالتحرر من الخوف من الارهاب وتقر أولى مواد هذا الميثاق بأن لكل شخص حق الحياة وبأن ما من شخص تسلب حياته اعتباطاً. وهناك الكثير من المواثيق والاتفاقيات كاتفاقية جنيف لمنع الارهاب والمعاقبة عليه لعام 1937 والتي تعتبر اولى المحاولات لتحديد الافعال التي تؤلف ارهاباً دولياً وينص الميثاق على ان اعمال الارهاب تعني الاعمال الاجرامية الموجهة ضد دولة والتي يقصد بها خلق حالة من الرعب في أذهان اشخاص معينيين او جماعة من الاشخاص او الجمهور بصورة عامة وينص ايضا على أن يعتبر كل طرف من اطراف الاتفاق عددا من الافعال المرتكبة على ؟؟ افعالا اجرامية اذا كانت موجهة ضد طرف آخر وهذه الافعال خمسة وهي اي فعل يؤدي الى اصابة او وفاة شخص من رؤساء الدول او الاشخاص الذين يتمتعون بامتيازات رؤساء الدول او ورثتهم أو اي من الاشخاص المكلفين بوظائف عامة او يتولون مراكز عامة عندما يكون الفعل موجهاً ضدهم بصفتهم العامة إضافة الى تدمير ملكية عامة وخاضعة لسلطة او الإضرار بها وتعريض أرواح المجتمع عمداً الى الخطر ووضع أسلحة أو ذخائر أو متفجرات أو مواد ضارة أو الحصول عليها وحيازتها أو تزويدها لغرض ارتكاب جريمة في أي قطر، بالتالي فقد تركزت الجهود الدولية قبل الحرب العالمية الثانية لتحديد أفعال الإرهاب على تحديد الأفعال الإرهابية الموجهة إلى رؤساء الدول والحكومات والدبلوماسيين ولم يبدأ الاهتمام بمسألة الإرهاب التي تتعرض له الشعوب وحركاتها الوطنية على أيدي الأنظمة الاستعمارية والاستيطانية والعنصرية إلا بعد انتهاء تلك الحرب وتصاعد هذه الحركات ففي عهد الأمم المتحدة قدمت عدة مشروعات تتضمن الأفعال التي رأى مقدمو هذه المشاريع أنها تقع ضمن مفهوم الإرهاب الدولي كان أبرزها في هذا الخصوص ما تقدمت به مجموعة الدول غير المنحازة عام 1973 في اللجنة الخاصة بتعريف الإرهاب الدولي مشروعاً حددت فيه الأفعال بأعمال العنف والقمع التي تمارسها الأنظمة الاستعمارية التي تناضل من أجل الحصول على استقلالها وقيام الدول بمساعدة التنظيمات الفاشية أو المرتزقة التي تمارس أعمالها الإرهابية ضد دول أخرى ذات سيادة وأعمال العنف التي يرتكبها أفراد أو مجموعات من شأنها أن تعرض حياة الأبرياء إلى خطر أو تنتهك الحريات الأساسية. كما ونص المشروع الذي قدمته اليونان بأنه لا يمكن أن يعتبر أو يفسر الكفاح المستمر والمشروع الذي يخوضه شعب في أرضه من أجل تحرره من الأجنبي عملاً إرهابياً أو منع أي نشاط تخريبي للنيل من سلامة الأرض والسيادة. كما نص المشروع على أنه يعد فعلاً من أفعال الإرهاب الدولي أي فعل عنيف آخر له طبيعة إجرامية يرتكبه فرد أو مجموعة أفراد ضد أي شخص أو مجموعة أشخاص أبرياء بغض النظر عن جنسية الفاعل أو الفاعلين في إقليم أي دولة بقصد ممارسة ضغط في أي نزاع أو بقصد الحصول على مكسب شخصي أو إشباع عاطفة ما. وهناك العديد من الاتفاقيات والاجتهادات التي تعرف الإرهاب وتحدد طبيعته وعلى الرغم من تلاقيها في الكثير من النقاط إلا أن هذه التعاريف تبقى منقوصة ومشتتة وغير محددة بإطار ولاإجماع عليها فهي إما اتفاقيات ثنائية أو مشاريع مقدمة تنبع من فعل معين تعرضت له الدول المقدمة للمشاريع وعلى الرغم من الحاجة الدولية لتحديد تعريف واضح للإرهاب وإدراج أفعاله ببنود واضحة ومجمع عليها من قبل المجتمع الدولي إلا أن هذا يبقى رهناً لبعض الدول الاستعمارية والإمبريالية التي تتخذ من الإرهاب وسيلة وذريعة للاحتلال وتحقيق المآرب. |
|