|
شؤون سياسية ولعل أبرز تلك التحديات هي تلك الأمنية حيث تشير الدلائل والمعطيات على الأرض أن العراق أخفق في أول اختبار من هذا النوع بعد توليه زمام الأمور من قوات الاحتلال الأميركي التي انسحبت وسلمت معظم قواعدها للجيش العراقي ،وهو الأمر الذي يؤكد تلك المخاوف المستندة في معظمها إلى ضعف إمكانيات قوات الجيش والأمن العراقية وعدم قدرتها على تولي زمام الأمور في البلاد مايفتح الباب على مصراعيه على عدة تساؤلات قد تبدو منطقية وواقعية الى حد كبير، ولعل ابرز تلك التساؤلات هي تلك التي تشكك بصدقية ونيات الاحتلال طيلة سنوات الاحتلال الثماني عن حقيقة تدريبه للقوات العراقية ومدها بكافة أشكال ووسائل العمل الأمني الذي يمكن من خلاله مجابهة كل التحديات والظروف المستقبلية التي تتطلب قاعدة عريضة من التجهيزات التكتيكية والمعنوية واللوجستية . وإذا استبعدنا المصالح الاحتلالية الاستراتيجية للولايات المتحدة الأميركية والتي أعلنت عنها واشنطن بشكل صريح وواضح ،فإنه يظهر جليا ان العراق دخل في نفق معتم للغاية نتيجة لجملة من التحديات الأمنية الداخلية على مختلف الجبهات والمحكومة بتداعيات الصراع السياسي الذي بدا هو الأخر هشا وضعيفا أكثر من الأول وسببا رئيسا وأساسيا لتأجيجه ،بالمقابل فإن ذلك لايلغي قدرة العراق والعراقيين على تجاوز كل تلك التحديات التي من المتوقع أن تتصاعد وتيرتها في المرحلة القادمة كمنتج طبيعي للعهد الجديد الذي خلقه خروج الاحتلال. صحيفة (يو إس أي تودي ) الأميركية أشارت الى أن العراق سيواجه بعد الانسحاب الأميركي تحديات داخلية من عدة جهات أهمها وأبرزها تنظيم القاعدة والمجموعات المرتبطة به، بالإضافة إلى الميلشيات المسلحة المدعومة من قبل مختلف الأطراف السياسية الداخلية ، مضيفة في الوقت ذاته أن انسحاب القوات الأميركية من العراق سيولّد انتكاسات كبيرة لبرامج بناء القوات العراقية لتصبح قادرة على حماية حدود العراق الطويلة التي تشترك فيها مع ست دول هي الكويت والسعودية والأردن وسورية وتركيا وإيران ،كما بينت الصحيفة. بدوره قال الجنرال الأميركي روبرت كالسين المشرف على تدريب وتجهيز القوات العراقية : إن العراق سيواجه في المستقبل القريب فجوة كبيرة في تدريب قواته الأمنية ، مضيفا «أفضل حل هو وجود قوة تدريب مقيمة يمكنها أن تدربهم كما نفعل نحن في جيشنا». كما ألمح كالسين إلى احتمال اللجوء إلى دول الجوار لسد النقص في برامج التدريب للقوات العراقية بعد الانسحاب الأميركي ، وأشار كالسين أن القوات العراقية لمكافحة الإرهاب لا تزال تعتمد على الجانب الأميركي في مجال تقنيات جمع المعلومات الاستخباراتية والدعم الجوي، رغم التحسن الكبير الذي طرأ على أداء تلك القوات بشكل عام. من جانبه شكك النائب الجمهوري ورئيس لجنة القوات المسلحة في الكونغرس الأميركي بيك مكيون في إدعاءات إدارة أوباما بأن العراق أصبح آمنا ومستقراً ومعتمداً على نفسه ، مضيفا أن مجموعة خبراء قالوا في جلسات استماع أمام لجنته بأن العراق لا يزال غير قادر على حماية وحفظ الأمن الداخلي والحدود. على الضفة الأخرى يواجه العراق تحديا أمنيا من نوع آخر قد يكون صعبا ومعقدا ، وهو تأمين الحماية للطواقم الأميركية التي ستبقى في العراق والتي لم يكشف حتى الان بشكل واضح ورسمي عن أعدادها الحقيقية ،في وقت كشفت فيه عدة تقارير أميركية عن أرقام هائلة من القوات الأميركية التي ستتخذ من السفارة الأميركية في بغداد موقعا وقاعدة رئيسية لها تحت مسمى موظفين دبلوماسيين من جهة ومدربين للقوات العراقية من جهة أخرى ، وفي هذا الإطار قالت صحيفة (وول ستريت جورنال ) الأميركية :إن الجيش الأميركي انسحب من العراق، لكن التحديات الأمنية التي جلبها معه ستظل قائمة حتى بعد الانسحاب وعلى العراقيين التعامل معها لوقت طويل ، ونقلت الصحيفة عن السفير الأميركي في بغداد جيمس جيفري مخاوفه من صعوبة حماية الطواقم الأميركية في بغداد، خاصة أن الولايات المتحدة تنوي الانخراط في العمل عن قرب مع القطاعات العراقية الأخرى غير العسكرية ، في وقت ذكرت فيه بعض التقارير العسكرية الأميركية ان مهمة حماية المصالح والمسؤولين الأميركيين في العراق بعد انسحاب الجيش الأميركي ستناط إلى شركات أمنية خاصة،حيث سيبقى في العراق بحسب التسريبات حوالي 15 إلى 16 ألف أميركي جلهم من عناصر الشركات الأمنية الخاصة ، وهذا ما أكدته صحيفة (واشنطن بوست ) الأميركية في وقت سابق بقولها : إن خطة الولايات المتحدة في العراق تنص على ضخ 16 ألف موظف مدني تابع لوزارة الخارجية في أكبر عملية مدنية أميركية منذ خطة مارشال التي نفذت في أعقاب الحرب العالمية الثانية، والتي اضطلعت بمهمة إعادة اعمار أوروبا ،وعلقت الصحيفة على قضية الشركات الأمنية الخاصة بالقول: إنه يقلق جهات عديدة في مراكز صنع القرار في العاصمة الأميركية واشنطن، خاصة أن حادثة عام 2007 التي قتل فيها عشرات المدنيين العراقيين على يد عناصر الشركات الأمنية الخاصة لا تزال عالقة في الأذهان. وتقول الصحيفة: إن مسؤولا أميركيا اعترف بأن الانسحاب الأميركي سيخلف فجوات متعددة لا سيما في مجال التعامل مع القضايا الأمنية اللوجستية كالسيارات المفخخة والألغام المزروعة في الشوارع والطرقات والأماكن العامة وكذلك التصدي للقصف الصاروخي وقنابل الهاون. |
|