تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


أستانا: رمــز كازاخســــتان المعاصـــرة

مجتــمـــــع
الخميس 29-12-2011
من قال إن الشرق هو الشرق، والغرب هو الغرب، ويستحيل أن يلتقي هذان الزوجان؟

هناك مدينة في كازاخستان دحضت كلمات روديارد كيبلنغ التي تبدو لاتقهر.‏

في عام 1997 اقترح رئيس كازاخستان المستقلة نور سلطان نزارباييف نقل عاصمة البلاد من ألماآتا إلى أكمولا. واستند الرئيس في اختياره إلى دراسة وطنية أخذت بعين الاعتبار 32 عاملاً ، كان من بينها مؤشرات اجتماعية- اقتصادية والمناخ والمناظر الطبيعية والشروط الزلزالية والبيئة الطبيعية والنقل والبنية التحتية ووسائل خدمة البناء والعمل وتمثلت المزايا الحاسمة لصالح أستانا في مساحتها الشاسعة وموقعها في الجزء المركزي وقربها من المراكز الرئيسية للاقتصاد الوطني والطرق وإمكاناتها الديموغرافية والبنية التحتية المتقدمة والنقل والبيئة الطبيعية.‏

عموماً كان نقل العاصمة تصرفاً موضوعياً مبرراً لا غنى عنه وأصبح إلى جانب الإصلاحات الاقتصادية آلية استراتيجية مصممة لتلبية المهام التنموية لكازاخستان وضمان انتقال البلاد إلى اقتصاد السوق والديمقراطية.‏

في عام 1998 تبنت الحكومة الكازاخستانية قراراً لإعادة تسمية العاصمة الجديدة فقد أطلق عليها اسم أستانا الذي ترجم إلى اللغة الكازاخستانية بمعنى العاصمة.‏

منذ أن تولت أستانا مهام العاصمة الوطنية بدأت المدينة حياة جديدة فقد غدت مركزاً للأنشطة الحكومية والمجتمعية والثقافية للتنمية في البلاد.‏

شاركت 71 مدينة في بناء أستانا كما شاركت 432 شركة بناء في حين زود 135 مصنعاً بمواد البناء الضرورية وإلى جانب الشركات الكازاخستانية شيدت العاصمة الجديدة شركات إيطالية وتركية فرنسية وسويسرية وسنويا انخرطت 60- 100 شركة بناء متوسطة وكبرى في العملية وكانت ثمرة المعدلات القسرية للبناء والدعم الوطني الواسع مدينة عصرية فريدة من نوعها وأسلوبها داخل السهوب الكازاخستانية.‏

خلال العمل على التصميم والأفكار المعمارية للمدينة أخذ الخبراء بعين الاعتبار فكرة الرئيس نور سلطان نزارباييف لإضفاء مظهر أوروآسيوي على المدينة. وقام بتصميم مخطط تطوير أستانا المهندس المعماري الياباني المعروف كيشو كوروكاوا صاحب مشاريع بناء شهيرة في العالم مثل متحف فان غوخ في أمستردام، ومطار كوالا لامبور الدولي ومتحف الأثنولوجيا الوطني في أوساكا.‏

جمعت إبداعات كيشو كوروكاوا المعمارية بين التصميم الحديث والصبغة الآسيوية وهذا ما يمنح أستانا مظهراً لن يتكرر في حين تستطيع المدينة الآن التنافس مع طوكيو ونيويورك ودبي من حيث ارتفاع مبانيها.‏

كذلك أصبحت أستانا ميدان اختبار لأفكار المهندس البريطاني البارز نورمان فوستر الذي يعرف باسم سيد عمارة التكنولوجيا الفائقة ونورمان فوستر هو الذي بنى جسر الألفية في لندن وأكبر مطار في العالم في بكين ورمم البوندستاغ في برلين وفي أستانا صمم نورمان فوستر مبنى قصر السلام والوئام الذي يعتبر بيت الأديان الأكثر فرادة في العالم كما صمم فريق المعماري البريطاني المركز الترفيهي الجديد للعاصمة الكازاخستانية- خان شاتير.‏

في تموز 1999 حصلت أستانا على جائزة اليونسكو مدينة العالم وفي عام 2003 ذكرت من قبل وكالة التصنيف الرائدة في العالم مووديز اينفيستورز سيرفيس.‏

أصبحت العاصمة الكازاخستانية الفتية جزءاً مهماً من العلامة المميزة لكازاخستان ومفخرة للبلد وشعبه ورئيسه وفي أحد لقاءاته مع الصحافيين أعلن الرئيس الكازاخستاني قائلا: لدينا خطط هائلة وأعتقد أنه على الأغلب سيتم الانتهاء من بناء المدينة بحلول عام 2012 وستعيش المدينة بشكل مستقل ولن تتوقف عن التطور وبالفعل تنمو العاصمة وتتحول لتصبح المكان الأكثر جاذبية للقدوم والإقامة لمواطني كازاخستان والضيوف من الخارج وتشغل أستانا اليوم 710.2 كيلو متر مربع في حين يبلغ عدد سكانها أكثر من 700 ألف شخص.‏

الطراز المعماري للمدينة الذي يجمع بين أفضل تقاليد الثقافات الأوروبية والشرقية يعكس تماماً مظهر العاصمة الجديدة كمركز وطني للاقتصاد والسياسة والثقافة.‏

في غضون فترة قصيرة جداً من الوقت تغير المشهد الحضري للمدينة بشكل جذري ومازالت المدينة مستمرة في تحولها إلى العصرية.‏

كذلك تبدو أستانا في الليل رائعة مع الإضاءة الاصطناعية لمبانيها، وأضواء شوارعها وأكاليلها، والألوان المتعددة لنوافيرها على نهر إيشيم ومصابيح جسورها والواجهات المضاءة لمحلاتها وحاناتها ونواديها الليلية.‏

تعكس أستانا حقائق كازاخستان المعاصرة كبلد متعدد الأعراق والأديان فقد عاش هنا في كازاخستان ممثلو كافة الأجناس والأعراق والأديان العظيمة وعملوا معاً. وليس من قبيل الصدفة أن أصبحت أستانا مكاناً لتنظيم المنتديات الضخمة حيث تناقش على نطاق واسع قضايا العلاقات بين الأعراق والتعاون بين الأديان فمراراً استضافت أستانا منتديات قادة الأديان العالمية وفي عام 2001 زار بابا الفاتيكان يوحنا بولس الثاني أستانا الأمر الذي جسد تقديره لمساهمة كازاخستان في حل المشكلات الدينية وفي عام 2010 ترأست كازاخستان منظمة الأمن والتعاون في أوروبا واستضافت أستانا قمة المنظمة وفي عام 2011 نظمت في أستانا دورة الألعاب الآسيوية وأصبحت مقراً لكل من منظمة شنغهاي للتعاون القمة والجمعية العالمية للكازاخيين وتمخض عن هذه المنتديات قرارات ذات تأثير على النطاق العالمي.‏

علاوة على ذلك تمكن جميع زعماء العالم الذين زاروا أستانا من الحصول على تصور عام حول كازاخستان كبلد أوروآسيوي ديناميكي التطور.‏

لقد أصبحت أستانا المعاصرة وبحق رمزاً لانتصار الفكرة الوطنية والنزاهة ويرتبط مستقبل كازاخستان ارتباطاً وثيقاً بمستقبل أستانا التي كان ينظر إليها منذ زمن قريب فقط كعاصمة جديدة أما اليوم فهي في الواقع جزء لا يتجزأ من الصورة الجديدة لكازاخستان البلد الذي يمضي قدماًَ في القرن الحادي والعشرين.‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية