|
آراء هي أول مهد وديع للمسيحية منحها اليسوع شرف التسامح والتضحية والفداء.. فكان الفادي الجليل الذي مسحت كفه الناصعة وجه الأرض، ليغدو النور ضيفاً فياض النهوض في معابد هوائها مشبعاً بطيف لطيف كهسيس الوداد، هو أول معنى من معاني الطهر، باركته أبجدية النبوءات التي توالت تباعاً، نبوءة إثر أخرى.. طفل يعتمر مغارة وأمه مريم، يتوسدان الحزن، يتوكأان الصدق، يصدان ارتباك الحقائق، يعلقان أيقونة فيها تعويذة السلام مع الله، والسلام مع الذات والسلام مع الإنسان، والتصالح مع الآخر، وطلب الغفران للخاطئين لأنهم لا يعلمون. على رسله.. مرّ من هنا.. ميلاد مجيد.. لم يطل المكوث، وليته أطال، احتضنته سورية، واحتضنها بعرفان جليل، ومصباح منير، زار المساجد والكنائس، وكان للأماكن المعفرة بالحزن حظها من خشوع ودموع حمل إلينا رسالة وأعطيناه مثلها، فصار الهاجس الوحيد لدينا معاً، أن يعم الخير، وتغدو الحقيقة مشكاة سطوع، زيتها وافر ونورها يستحق الصلاة كي تخرج سورية من محنتها أكثر قوة، وأكثر تماسكاً، متجاوزة الظلم والظلمة التي داهمتها على عجل. أيها المسيح المتسلح بالصبر.. يامن مشى على هديك رجال ونساء وأطفال شرفاء لم يقبلوا الوقوف على الحياد، لكنهم تحولوا جميعاً إلى ذاكرة مشجرة، أفياء عامرة بحب الله والوطن، باسم النورانية والطهارة تاقوا إلى مسارات الارتقاء، وتنقلوا بين خطوط سر الماء، ومن هذا الماء خطوا حروفاً سمائية هي دعاء القلب والعقل في يوم ميلاد قيامة وكلمة كتبت بالحبر المقدس، بل الأعظم، لتبقى الشام شام الدنيا التي لا تنام، تحتفي بالصالحين الرافعين راية الجمال الرافضين للبشاعة، الداعين للأمان، الواقفين في وجه النفوس الميتة الأمّارة بالسوء. أيها المخلص المبشر.. أفض نفحات الحب في كل مكان، خفف من ساعاتنا المثقلات بالوجع، امسح بيدك الفضلى أزماتنا الصعبة، بارك لنا أيامنا، أمطرنا بزهر أبيض كندف الثلج، هبنا ظلالاً من ظلالك واعطنا خبزنا كفاف يومنا. وارسم خطواتنا نحو مساكب «الشوح» لا نحو صنوف الشوك واجعل وقتنا صهيلاً يعاند العواصف ويمضي في إهاب الفضاء الجلي خالياً من الجراح. |
|