تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


لنفكر معاً:إذا استمر الدعم ما هي البدائل العاجلة لتأمين الإيرادات?

اقتصاديات
الأحد 9/9/2007
منير الوادي

موضوع إعادة توزيع الدعم لمستحقيه بدأ الجدل فيه منذ لحظة إطلاقه قبل عامين تقريباً وما زال مستمراً. ولكن مع دعوة الحكومة للحوار

حول هذا الموضوع انطلقت الأفكار لتناقش وتحلل آلية إعادة توزيع الدعم والطرق المثلى لإيصاله, ما يعني أن الحوار يسير في اتجاه واحد فقط وهو رفع الدعم عن المحروقات وباقي السلع لإعادة توزيعه بشكل يفترض أن يكون عادلاً. ولكن قلة هي الأصوات التي سمعناها تنادي بعدم تنفيذ هذا المشروع لأن الآليات الضرورية والمناخ المناسب ما زالا غير مهيئين للقيام بهذه الخطوة اقتصادياً واجتماعياً. ورغم أن المشروع ما زال في طور طرح الأفكار والحوار تسلل الجشع إلى ضعاف النفوس وتم رفع أسعار السلع كاملة ولم تفلح آليات الرقابة الحالية في إيقافها أو الحد منها لأن هذه الآليات ما زالت تتوجه إلى تجار المفرق ونصف الجملة وتنسى أو تبتعد عن المصدر الأساسي لهذه السلعة سواء كانت استيراداً أو منتجاً محلياً.‏

خلاف الأرقام‏

وضمن الحوار لن نتوقف كثيراً عند الأفكار المطروحة بين زيادة الرواتب أو مبلغ 12 ألف ليرة لكل عائلة لأن النتيجة في الحالتين واحدة تقريباً وبعيداً عن هذا ما زلنا نسمع من مصادر غير حكومية حول وجود خلاف في الأرقام التي تطرحها الحكومة أو تلك التي يقدمها المختصون. فالأرقام الرسمية تشير إلى أن نسبة الفقر بحدود 9% أو أقل وهذا يعني عدداً قليلاً جداً من الفقراء بينما الأكاديميون والمحللون يقدرون الرقم بحدود 5 ملايين وهذا قد يكون سببه الاختلاف في تعريف الفقر وهذا يعني أن إعادة توزيع الدعم قد تحسن مستوى شريحة الفقراء حسب التصنيف الرسمي وليس غيره ما يعني عدم وصول الدعم لمستحقيه بشكل عادل. وكذلك ما زال هناك نقاش حول رقم الدعم نفسه فالخلاف يدور حول رقم المشتقات النفطية وطريقة حسابها بين المنتج المحلي والمستورد ومقدار الدعم الذي يطالها مع ضرورة عدم تحميل التهريب المسؤولية الكاملة لأنه إلى الآن لم يصدر رقم رسمي أو غير رسمي حول كمية المازوت المهرب وهي إشكالية أخرى يفترض وجود آليات لضبطها دون اللجوء للحلول الداخلية المؤلمة.‏

نتائج رفع الدعم‏

طبعاً المبلغ المقترح سيكون تعويضاً فقط لكمية المحروقات المستهلكة في المنازل ولن يتوفر أي تعويض مقابل غلاء أسعار السلع سواء منها النقل أو المواد الغذائية أو الدوائية أو غيرها لأن هذه السلع وخاصة المحلية تحتاج للطاقة لإنتاجها ورفع أسعار الطاقة سيؤدي بشكل طبيعي إلى رفع تكلفة المنتجات المحلية كاملة فالمصنع يستهلك طاقة والمزارع يحتاج للطاقة لاستخراج المياه والنقل ولهذا سيكون من الطبيعي رفع أسعار المنتجات المحلية وبالمقابل ستصل عبر التجار سلع مستوردة من جميع الأصناف مع سياسة تحرير الاستيراد والسلع المستوردة ستكون أسعارها أقل من المنتج محلياً لتكون النتيجة توجه المواطن نحو السلع المستوردة وبالتالي تكدس المحلي والإضرار بالصناعة الوطنية إلا إذا تم تطبيق قانون الإغراق ووقف الاستيراد عندها لن يشتري المواطن السلعة المحلية لأن سعرها مرتفع جداً.‏

بدائل رفع الدعم‏

وأمام تبعات هذا القرار نتساءل هل فعلاً وصلنا إلى طريق مغلق ولم يبق أمامنا (حلاً وحيداً) إلا رفع الدعم وإعادة توزيعه?‏

التفكير الحكومي لديه مبرراته التي تتمثل بانخفاض الإيرادات النفطية وتراجع الإيرادات مع تخفيض الضرائب والرسوم الجمركية وهي إشكالية تحتاج إلى حلول قد تكون عاجلة أو آجلة. ولكن مع وجود عجز بالموازنة وتجنباً لزيادته لابد من البحث عن حلول بديلة للمشروع المطروح حالياً والإبقاء على الدعم لحين توفر المناخ المناسب وعندها يمكن إعادة توزيعه أو إزالته دون آلام.‏

ونعتقد أن العجز الحالي بالموازنة الذي يصل لحدود 5% يمكن تحمله لفترة أخرى حتى تتوفر مصادر إضافية للإيرادات من المشاريع المشملة بالاستثمارات خاصة أن إحصاءات هيئة الاستثمار تقول إن 80% من المشاريع المشملة هي مشاريع صناعية وزراعية ووصلت نسبة تنفيذ هذه المشاريع إلى حدود 70% أي أنها ستبدأ بالإنتاج بعد فترة قريبة خاصة أن هناك 700 مشروع صناعي من المشملين حصل على سجل صناعي وهذا بالتأكيد يعني تشغيل المزيد من اليد العاملة يضاف لها المشاريع السياحية الكبيرة التي وافقت عليها وزارة السياحة ويفترض أن تكون منجزة خلال الفترة القادمة.. ولهذا قد تكون البدائل من خلال زيادة التسهيلات الإدارية في إقامة المشاريع التي تتطلب أيدي عاملة كثيرة وزيادة ضغط الإنفاق العام والتوجه نحو زيادة الإيرادات من خلال تنويع مصادرها.‏

ولهذا نرغب بطرح هذا الموضوع للنقاش العام ونتساءل: في حال استمر الدعم كما هو ما البدائل الممكنة لزيادة الإيرادات في حلول قصيرة الأجل?‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية