تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


مضمون عملية السلام...في ضوء أعمال اللجنة الرباعية وخطة أولمرت

خاص بالثورة
شؤون سياسية
الاثنين 5/6/2006
الدكتور عبد الله الأشعل

انعقدت اللجنة الرباعية المعنية بالوضع في الشرق الأوسط في مقر الأمم المتحدة في نيويورك يوم 9/5/2006وأصدرت بياناً أكدت فيه ضرورة العمل وفق خارطة الطريق. كما بحثت في طرق وآليات دعم الشعب الفلسطيني والضغط على حماس في نفس الوقت حتى تستجيب للمطالب الدولية.

كما أكد البيان دعم اللجنة لأبي مازن وأعربت عن احترامها له, وكرر البيان شروط إسرائيل لحماس وهي الاعتراف بإسرائيل ونبذ العنف وقبول الاتفاقات السابقة.‏

أكد البيان ضرورة تحويل إسرائيل استحقاقات الجمارك الفلسطينية إلى السلطة الوطنية الفلسطينية, والتزام حكومة حماس بمطالب اللجنة الرباعية.‏

وقد أكدت كوندوليزا رايس أن أبا مازن لا يزال ملتزماً بالحل القاضي بوجود دولتين, وقد حضر اجتماع اللجنة الرباعية وزراء خارجية مصر والأردن والسعودية.‏

في الأسبوع الأخير من أيار زار أولمرت واشنطن لعرض خطته التي تعتبر برنامج حكومته حتى عام 2010 وأهم ملامح هذه الخطة هي أن إسرائيل هي اللاعب الوحيد وهي التي تقرر خطوط التسوية وحدها وربما تدعو الفلسطينيين إلى التوقيع على تسوية نهائية تتضمن كافة الأعمال التي تنتهي إليها إسرائيل في كل القضايا وهي الأرض والقدس واللاجئين وغيرها.‏

وقد أقدمت إسرائيل على التصرف الأحادي تماماً بعد موافقة واشنطن في خطاب الضمانات الذي وقع عليه الرئيس بوش وسلمها لشارون في نيسان 2004 في واشنطن.‏

في هذه الخطابات أكد الرئيس بوش أن شارون يستطيع أن يتخذ ما يشاء من اجراءات وأن يخلق الواقع الذي يريد, وأن هذا الواقع هو الذي يملي خطوط التسوية, ما يؤدي إلى القفز فوق كل المرجعيات المعروفة للتسوية وهي حدود ,1967 وقرارات مجلس الأمن, وقرار الجمعية العامة بشأن حق العودة, وقرارات القدس, والقرارات الخاصة بعدم شرعية المستوطنات.‏

وقد وافقت واشنطن على خطة أولمرت التي تستند إلى خطاب الضمانات, والتي تقوم على ضم أراضي الضفة واستكمال بناء الجدار وانكار حق العودة وضم القدس وتأكيد أنها عاصمة إسرائيل الأبدية, وهو موقف أيدته الولايات المتحدة منذ قرار مجلس النواب عام ,1995 ثم قانون القدس عام .2002 فإذا كان التناقض صارخاً بين الموقف الأميركي المؤيد لإسرائيل وبين تصريحات المسؤولين الأميركيين والسلوك الدولي للولايات المتحدة في قضية فلسطين, فإن ذلك يدفع المتابع إلى الحيرة والخوف من أن يكون فهمه قاصراً عن إدراك هذه العبقرية. من ناحية أخرى تتابع الولايات المتحدة عملية إبادة الشعب الفلسطيني وحصاره بسبب اختياره حماس, ومساندة واشنطن لكل الاجراءات البربرية الإسرائيلية من اغتيال وإبادة شاملة بالغارات والتجويع ومذابحها المتكررة, ويبارك العالم كله هذه التصرفات, كما تساند خطة أولمرت المناقضة تماماً لكل المرجعيات.‏

ومع ذلك تتحدث اللجنة الرباعية عن دولتين وهي تعلم أن الدولة الفلسطينية لن يبقى لها أرض بعد ضم إسرائيل لأراضي الضفة بالاستيطان والتهويد والجدار.‏

وتؤكد اللجنة على خارطة الطريق وتدعو حماس إلى الالتزام بها, رغم أن خطة أولمرت تتكفل بالتسوية الانفرادية, ولا يمكن الجمع بين منهج خارطة الطريق ومنهج أولمرت.‏

فهل يعقل أن هذه البيانات تسمو على أفهامنا, أم أن اعضاء اللجنة الرباعية يمارسون دوراً يتسم بالنفاق الدولي وتخدير المنطقة, وذلك بالحديث عن أمرين متناقضين, أم أن هناك وثائق سرية غير تلك المنشورة وهي خطة أولمرت وخارطة الطريق, بحيث تظل هذه التمثيلية تشيع الأمل في شعب ترى اللجنة أن إسرائيل وضعت خطة إبادته واستلاب أرضه.‏

ولقد حاولت بكل حسن النية أن أفهم منطق كل هؤلاء العباقرة الذين كرسوا وقتهم في نيويورك ومعهم وزراء خارجية عرب وتمنيت أن يشرح لنا الوزراء العرب بلغتنا ما العلاقة بين بيان اللجنة الرباعية وخطة أولمرت التي لم يرفضها أحد, ولماذا يركزون على فرض شروط إسرائيلية على حماس.‏

بينما لا يحظر على إسرائيل إفناء الشعب الفلسطيني حتى يتم الافناء في هدوء, حتى لو تحولت مقاومته للاحتلال إلى مقاومة لسياسة الإبادة والاصرار على التمسك بالحياة.‏

هل يصل الأمر إلى تواطؤ اللجنة للمرة الثانية ضد حماس بينما لا ترى في خطة أولمرت ما يراه أمثالنا من البسطاء.‏

أو لماذا شارك الوزراء العرب هذه المرة, هل هم جزء من المؤامرة أم أن اللجنة أرادت توريطهم, أو أوهمتهم بأن مشاركتهم دليل على خطورة أدوارهم وأدوار بلادهم في عملية السلام -الإبادة للشعب الفلسطيني. ولماذا لم تطبق خريطة الطريق منذ اعلانها في قرار مجلس الأمن رقم 1500 في أيلول ,2004 وما الجديد فيها, ولماذا اكتشفت مصر أن الخارطة قد انتهت صلاحيتها ويتعين العمل على تجديد العمل بها? وهل يعقل أن تصرح كوندوليزا رايس نفسها بتصريحات متناقضة تماماً حول الخريطة وخطة أولمرت? أم أنها تعتبر الخريطة والتمسك بها ستاراً لكسب الوقت حتى يتم تنفيذ المشروع الصهيوني الذي تدعمه كوندوليزا رايس نفسها.‏

لقد لاحظت أن مراسلة إحدى الصحف الأميركية سألت وزيرة الخارجية الأميركية خلال المؤتمر الصحفي الذي أعلن فيه بيان اللجنة الرباعية: لماذا يصر أولمرت على تنفيذ خطته الأحادية الجانب, بينما يعلن أبو مازن استعداده التام أن يكون شريكاً مع أولمرت في عملية السلام (طبعاً السلام الإسرائيلي)?‏

تهربت الوزيرة الأميركية من السؤال وأكدت أن البيان شدد على احترام اللجنة لأبي مازن, فما العلاقة بين احترام اللجنة لأبي مازن وعدم اعتراف أولمرت به أو احترامه له, وهذا هو الأهم, وماذا يجدي احترام اللجنة لأبي مازن في نظر كوندوليزا رايس, بل ماذا يجدي تعاون أبي مازن الكامل مع الشروط الإسرائيلية والأميركية? وماذا كسب أبو مازن من تنفيذه للشروط الإسرائيلية التي وضعتها إسرائيل ذريعة لخصومه وقطيعة مع الفلسطينيين لكي يستمر برنامج الاغتيال والإبادة عن طريق التجويع. وخلاصة القول إن اللجنة الرباعية قد تحولت إلى جهاز دولي يغطي على مخطط إسرائيل, فإذا اضفنا إلى ذلك حالة الصمت على معاناة الفلسطينيين التي تسود العالم العربي, أدركنا أن هناك تسليماً اقليمياً وعالمياً بأن تصفي إسرائيل القضية بهدوء على طريقتها, بينما تظل تمثيلية اللجنة الرباعية ومسلسل خارطة الطريق ومحاصرة الشعب الفلسطيني حتى تتمكن إسرائيل من إبادته, وخلق التفاعلات في الداخل ما ينتج حرباً أهلية تتكفل هي الأخرى بالإسراع بالابادة الذاتية ما يقرب يوم تحقق المشروع الصهيوني في فلسطين.‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية