تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


النووي الإيراني السلمي.... وازدواجية المعايير الغربية

شؤون سياسية
الأحد 27-1-2013
 فاتن حسن عادله

هي هكذا دائما الدول الاستعمارية الكبرى تسعى جاهدة لاحتكار كل شيء لنفسها, بقاعدة ( حلال عليّ حرام على غيري )وتحاول استغلال الشعوب وابتزاز حكوماتها وبالتحديد الدول التي تسعى لتطوير نفسها ,مستخدمة معها سياسة العصا والجزرة,لتبقى تحت إمرتها وسيطرتها ولتبقى سوقا لتصريف منتجاتها ,

فلا يحق لدولة ما أن تنهض وللشعب أن يتقدم ويتحضر إلا تحت إشراف دول الاستكبار والاستعباد هذه , ولكن زمن الاستعمار والقمع تغير والشعوب بدأت تحقق تطلعاتها ,بتصميمها وعزمها وإرادتها عبر استغلال طاقاتها وإمكاناتها المتوفرة وهذا ما تجده في الجمهورية الإسلامية الإيرانية التي أضحت دولة إقليمية عملاقة في المنطقة , والتي يحسب لها ألف حساب خاصة من قبل من يدعون الحرية ويتشدقون بالديمقراطية التي يحرمونها على غيرهم.‏

هذه الدولة الصاعدة, نهضت من الحصار والعقوبات المفروضة عليها منذ سنوات, حيث قررت أن تتحدى نفسها أولا وتعيد بناءها إيران التي باتت قوة إقليمية يحسب لها بدأت تفرض وجودها وقوتها على الساحة الدولية وما طائرات التجسس الأميركية التي اصطادتا في أجوائها والقبض على العملاء الذين أرسلوا لاغتيال العلماء الإيرانيين وغيرها إلاّ دلائل حقيقية كبيرة وملموسة تدل على قوة إيران من جهة وعلى التأمر الدولي عليها وذلك بغية إيقاف برنامجها النووي السلمي .إن إيران التي أكدت مرارا على سلمية برنامجها النووي تستعد حاليا لجولة جديدة من المفاوضات حول ملفها النووي في الثاني عشر من الشهر القادم مع مجموعة (5+ 1)وهي القوى الكبرى الست ,بريطانيا,فرنسا, روسيا, الصين,الولايات المتحدة الأميركية وألمانيا ,بممثلتها وزيرة خارجية الاتحاد الأوروبي كاثرين أشتون ,وتأمل طهران بمفاوضات بناءة وأكثر جدية واعتراف أكبر بحقها بعملية تخصيب اليورانيوم وكذلك بالحصول على الطاقة النووية السلمية ,فهي لن تذعن لتصريحات معادية ولا لعقوبات تفرض عليها مهما كانت ,للتنازل عن حقوقها المشروعة بالتهديد والوعيد المؤكد أن الدول المعادية لهذا البلد الذي يسعى للاستفادة من خبرات أبنائه في تطوير مجتمعه, ثار غضبها وجن جنونها من تطورات إيران العلمية المذهلة ما دعاهم لإطلاق العنان لصراخهم ,وتهديدهم بإمكان ضرب المنشات النووية الإيرانية والبنية التحتية وتوجيه ضربة عسكرية لتفادي القوة الإيرانية .‏

ولكن هذا لن يصب في مصلحة احد في حال تنفيذ خطوة كهذه وإيران لن تسكت وتقف مكتوفة الأيدي, في حال الاعتداء على سيادتها وسترد بقوة وهذا ما أكده وزير الدفاع الإيراني احمد وحيدي من أن بلاده على أهبة الاستعداد للرد على أي عدوان صهيوني ضدها.واعتبر وحيدي أن قادة الكيان الصهيوني من خلال تصريحاتهم العدائية ضد إيران يتجهون نحو التمهيد لانهيار كيانهم وجيشهم . الأمر الذي سيشعل المنطقة بحروب لن يكون أحد بمنأى عن تداعياتها وهو ما حذرت من خطورته روسيا التي توضح دائما أن الحوار هو طريق المفاوضات ووضع خطة للتسوية تنفذ على مراحل هو الحل والصواب, لحل المشاكل العالقة في المنطقة, التي لا تحتاج إلى مزيد من الهزات إذا لقد بات الملف النووي الإيراني الشغل الشاغل للمسؤولين الأميركيين وحلفائها الغربيين ومعهم مسؤولي الكيان الصهيوني وذلك رغم تأكيدات طهران المتكررة على سلمية برنامجها ,ورغم نفيها الدائم لامتلاك أسلحة نووية , ورغم هذا فإن الحقد والعداء أعميا الدول الكبرى المعادية ,حتى باتت تسعى بشكل دائم لتشويه صورة وسمعة إيران أمام المجتمع الدولي لتأليبه ضدها .‏

وهم بهذا يسعون إلى تسييس ملفها لإطالة عمر الخلافات التي يفتعلونها ويستغلون ذلك لممارسة مزيد من الضغوط والعقوبات لتثنيها عن تقدمها ,رغم أنهم لم يقدموا دليلا ملموسا واحدا على أنه غير سلمي وهذا ما يؤكده الخبراء والمراقبون ومن بينهم كبير مفتشي الوكالة الدولية للطاقة الذرية سابقا يسري أبو شادي بأن الوكالة تصدر تقريرا بشان البرنامج النووي الإيراني كل ثلاثة أشهر تحاول خلالها إثارة تساؤلات حول هذا البرنامج في حين أن تقارير المفتشين تؤكد حتى الآن عدم وجود دليل مادي واحد يدين إيران فهم ينهالون عليها باتهامات وافتراءات مع اقتراب كل جولة مفاوضات بين الطرفين , ومع ذلك يدركون تماما أن طهران حققت انجازات كبيرة في تخصيب اليورانيوم وصل إلى 20% وهي لن تتراجع أو تصدر مخزونها من اليورانيوم المخصب أو حتى تغلق محطاتها وغير مستعدة للوقوف لحظة واحدة عما أنجزته في مسيرتها النووية هذه، هذا ما أكده مرشد الثورة الإسلامية الإيرانية علي خامنئي من أن بلاده لن تتراجع أمام مطالب الدول الكبرى بإيقاف البرنامج بقوله إن التراجع خطوة واحدة إلى الخلف سيشجع القوى الاستكبارية إلى التقدم خطوة إلى الأمام وبقول الرئيس الإيراني محمود احمدي نجاد بان بلاده لاتسعى لتطوير الأسلحة النووية,حيث لا نؤمن بالسلاح النووي والتاريخ أثبت أن امتلاكه لا يساعد الدول على تحقيق أهدافها السياسية مؤكدا أنهم لا يرضخوا للضغوط الدولية أما وزير الخارجية الإيراني علي اكبر صالحي فانتقد ازدواجية المعايير الأميركية بشأن ملف بلاده وذلك بعدما لمس مسؤولو ن بالوزارة بدقة المواقف والممارسات الأميركية حيث لم تغير واشنطن سياستها العدائية للشعب الإيراني ,بعدما أكدت التجارب السابقة انه لا يمكن الوثوق بتصريحات المسؤولين الأميركيين حيث يجب ألا ننسى أن المسؤولين في الحكومات المتعاقبة في أميركا تعمل بإمرة المسؤولين الصهاينة خدمة لأجندات صهيونية تستهدف تعطيل برنامج إيران عبر العقوبات الاقتصادية والتهديد هذا التناقض والاحتكار الأميركي لم يقف عند هذا الحد .‏

فهو يتغاضى بوقاحة عن دعم حكومة الاحتلال الصهيوني والتي تمتلك آلاف الرؤوس النووية الفتاكة والتي تشكل الخطر الأكبر ليس على المنطقة فحسب بل على العالم كله ما جعله السبب الحقيقي لكل مشاكل المنطقة ومصدرا للقلق والتوتر على مدى عشرات السنين السابقة وحتى الآن .فبأي حق تحاسب أميركا إيران وبنفس الوقت تدعم الصهاينة حيث تطرح نفسها أمام العالم على أنها تسعى لحل مشكلة السلاح النووي في الشرق الأوسط ومنع إنتاجه علما أنها عطلت مؤتمر هلسنكي للحد من انتشار السلاح النووي حتى لا يتعرض المجتمع الدولي للسلاح النووي الصهيوني وهذا ما يشير بوضوح اكبر إلى ازدواجية المعايير التي تتبعها الدول الاستعمارية والتي أكدها المراقبون الذين أوضحوا أن وجهة الكيان الصهيوني والسياسة الأميركية في المنطقة ليست نحو تقليص انتشار أسلحة الدمار الشامل وإنشاء شرق أوسط خال من السلاح النووي والأسلحة النووية وإنما نحو تطوير مرحلة جديدة من سباق التسلح غير التقليدي واحتكاره وتوسيع انتشاره يبقى أن نشير إلى أن إيران يحق لها وبمقتضى معاهدة الانتشار النووي ( NPT ) أن تخصب ما يكفي من الوقود لاستخدامات إنتاج الطاقة المدنية وذلك في ظل الخضوع لتفتيش الوكالة الدولية للطاقة الذرية وطهران تؤكد أنها تقوم بالمسموح لها في ظل المعاهدة الموقعة عليها وأنها بحاجة لإنتاج الكهرباء من هذه الطاقة النووية وأنها أنجزت الكثير حتى الآن للأغراض العلمية والاستخدامات الطبية والزراعية و إنها لن توافق على شيء يتخطى معاهدة الحد من الانتشار النووي وهذا يستدعي من المجتمع الدولي تفهم حاجة إيران للطاقة السلمية والعمل للضغط على الكيان الصهيوني الذي يملك ترسانة نووية بدعم أميركي وغربي ما يهدد امن واستقرار المنطقة .‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية