العرب واليهود.. علينا ردم الهوة
جيروزاليم بوست ترجمـــــــــــة الأحد 27-1-2013 ترجمة: ليندا سكوتي ما أن وضعت حرب الاستقلال أوزارها وظهرت دولة إسرائيل للوجود حتى تبين أن ما نسبته 1% من يهود إسرائيل قد لاقوا حتفهم في تلك الحرب وأن الدولة الوليدة تضم 156000 عربيا
أي ما يعادل 12% من إجمالي سكانها آنذاك في الحين الذي أشارت به تقارير الامم المتحدة إلى ان عدد العرب الذين نزحوا من إسرائيل إثر تأسيسها قد بلغ 711000 عربي وأصبح معظمهم لاجئين في دول الجوار منضمين إلى الدول التي تناصب إسرائيل العداء. عند إنشاء دولة إسرائيل قطعت حكومتها وعدا لكافة مواطنيها بنشر الحرية والعدالة والسلام (مسترشدة بأقوال أنبياء إسرائيل) وضمان المساواة الكاملة في الحقوق الاجتماعية والسياسية لجميع مواطنيها دون استثناء بغض النظر عن العرق أو الدين أو الجنس وضمنت الحرية الدينية والفكرية واللغة والتعليم والثقافة لسائر المواطنين فيها. وقد أغدقت تلك الوعود في الوقت الذي كانت به دولة فقيرة تحتاج إلى المساعدة والدعم من دول العالم.ما أن انقضت عشر سنوات حتى تضاعف عدد سكان الدولة وأخذت اعداد القادمين الجدد بالازدياد خاصة ممن جاؤوا من الشرق الأوسط وشمال إفريقيا حيث قدموا إليها وهم خالي الوفاض من أي أموال أو ممتلكات وعلى الرغم من فقرهم المدقع فقد كان العرب في إسرائيل أكثر فقرا وبؤسا فضلا عن افتقارهم لقيادات ومراجع يمكنهم الاستئناس بآرائها ذلك لأن المثقفين والزعماء السياسيين والدينيين والنخبة المتحضرة منهم قد باتوا لاجئين في دول الجوار ولم يتبق منهم إلا النذر اليسير يضاف إليهم أعداد من الفلاحين الذين تستشري الأمية في صفوفهم حيث يشكلون نسبة بلغت 92% وهم لا حول لهم ولا قوة ويعانون من الجهل حيث لم يتبق في متناولهم سوى مدرسة ثانوية واحدة في الوقت الذي أخذت به إسرائيل بمصادرة أراضيهم وإنشاء ما يسمى بالحزام الأمني في كل موقع من أماكن تواجدهم. وكانت معظم القرى تخلو من الكهرباء أو شبكة أنابيب المياه أو البنى التحتية الأساسية الأخرى. أما اليوم فقد أصبح عدد العرب في إسرائيل مليون نسمة أي غدوا يشكلون ما نسبته 20% من إجمالي عدد السكان وقد لوحظ تحقيقهم لتقدم ملموس في شتى مجالات التنمية ولم يعد من وجود للأمية بين صفوفهم بعد أن عمت المدارس سائر القرى والتجمعات السكنية.لقد انتظم عشرات الآلاف من المواطنين العرب في الجامعات ودرسوا في مختلف الاختصاصات محققين تقدما في شتى المجالات العلمية وباتت المستشفيات الإسرائيلية تغص بالأطباء العرب وأخذت معامل الأدوية والصيدليات تعتمد في كثير من نشاطاتها على الصيادلة العرب كما وأن مصانع التكنولوجيا أخذت تعتمد في كثير من أعمالها على الأختصاصيين منهم وبات لدى المواطنين الفلسطينيين الكثير من الأمور الجديرة بالفخر والاعتزاز وأصبح كل ما يبدعوه ملكا لهم. أما اليوم وبعد مضي 65 عاما على إنشاء الدولة لم تعد إسرائيل بالبلد الفقير بل أصبحت في طليعة العالم بمجالات شتى ولها العديد من الانجازات التي يمكنها الافتخار والاعتزاز بها، مما يسقط كافة الذرائع والأعذار لعدم الوفاء بالوعود والعهود التي قطعها الآباء والأمهات المؤسسون عند إنشاء الدولة من حيث تحقيق العدالة والمساواة بين جميع مواطنيها الأمر الذي جعل من التبريرات التي تقدم أمرا غير مقبول ومرفوضاً رفضا قاطعا. مما يؤسف له بأنه يتعذر على أي كان الإدعاء بأن ثمة مساواة قائمة بين اليهود والعرب في إسرائيل الأمر الذي يلزمنا أن نتوخى الصدق مع أنفسنا والاعتراف بصراحة بأنه مازال هناك الكثير من المحاباة والتفضيل لليهود في إسرائيل عن سواهم ذلك لأن التمييز بين المواطنين أصبح نظاما عاما تسير عليه البلاد برمتها ولا يقتصر على الأمور الاجتماعية فحسب بل يتعداه إلى إصدار الأحكام المسبقة. لقد أعلنت معظم الحكومات الإسرائيلية التي قامت منذ عام 1948 حتى الآن عن رغبة بإلغاء التمييز وقطعت الوعود بسد الثغرات والفجوات القائمة في المجتمع والعمل على تشغيل المزيد من العرب في الوظائف الحكومية وإحداث المدارس بغية تحسين واقعهم التعليمي وغيرها من الأمور، تلك الوعود البراقة التي دأبت الحكومات على إطلاقها وتحدثت بها الأحزاب (التي تسعى للحصول على أصوات المواطنين العرب) قبيل الانتخابات.إزاء ما سلف ذكره يتعين علينا أن نشعر بالخجل عندما نشاهد التمييز ما زال قائماً بين المواطنين بعد مضي 65 عاما على تأسيس الدولة لأننا قصرنا في بذل المساعي والجهود لإنهائه خلال كل هذه المدة، حيث كان من الحري بنا أن نعترف بهذا الواقع ونعمل على استنكاره ومعالجته وكان على الحكومات الإسرائيلية اتخاذ قرارها بعدم شرعية التمييز والمحاباة لفئة دون أخرى تلك التوجهات التي ترسخت في مجتمعنا لأنه من غير المسوغ التشدق بالديمقراطية في الوقت الذي تستمر به أعمال التمييز بين المواطنين.إننا لو نظرنا إلى الواقع سنجد بأن أولئك الذين نسميهم عرب إسرائيل مازالوا يعرفون عن انفسهم بأنهم مواطنون فلسطينيون كما وأن غالبية الذي صوتوا منهم لم يصوتوا للأحزاب السياسية الصهيونية بل أنهم يتعاطفون ويتضامنون مع إخوانهم وأخواتهم الذين يناضلون من أجل التحرر من الاحتلال الإسرائيلي لكنهم في ذات الوقت استمروا بالنضال من أجل الحصول على حقوقهم المشروعة في المساواة والعدالة داخل دولة إسرائيل. إن على الدول أن تضمن حقوق مواطنيها باعتبار أن هذا الأمر حق طبيعي لهم لأنهم ولدوا في هذه الدولة وأن توفي بالتزامها تجاههم من حيث توفير الرعاية الصحية والتعليم والرفاه الاجتماعي وتطوير الاقتصاد وتزويدهم بالبنى التحتية وكل تلك الأمور يجب أن تتحقق على قدم المساواة لكافة المواطنين على اختلاف مشاربهم ذلك لأن المواطن في حالة رفضه أو إحجامه عن دفع الضرائب المستحقة عليه فإن القانون يحدد الطرق والوسائل التي تمكّن من إيفائه بهذا الالتزام. ليس ثمة مشروع لدى الدولة الإسرائيلية لتنفيذ فرض الخدمة العسكرية على مواطنيها من الفلسطينيين كما وليس هناك من قانون خاص يلزمهم بتأدية تلك الخدمة ذلك لأنه وفقا للقانون هم ملزمون بالخدمة لكن الجيش لم يستدعهم لأدائها وذلك لأسباب معروفة ومفهومة للجميع. ليس هناك من مشروع قرار بالخدمة الوطنية أو المدنية ويتعذر على الدولة ربط الحقوق بالواجبات لأن الواجبات لم تأخذ سبيلها إلى التقنين. فالدولة تستطيع مكافأة الذين اختاروا الخدمة العسكرية والتطوع في الجيش لكنها لا تضمن لهم كافة المزايا التي يحوز عليها غيرهم من المواطنين.إن المواطنين الفلسطينيين في إسرائيل يلتزمون بالقانون ويناضلون من أجل المساواة لكن أكثر من 50% منهم لم يمارسوا حقهم في التصويت وذلك يمثل خطأ فادحا من جانبهم في الوقت الذي يعطي فيه انطباعاً عن فشل الديمقراطية في إسرائيل.قال أول رئيس لإسرائيل حاييم فايتسمان: «إني على ثقة تامة بأن العالم سيتخذ موقفه من الدولة اليهودية من خلال تعاملها مع مواطنيها من العرب» وعلينا أخذ هذا القول باعتبارنا وأن نسعى جاهدين لردم الهوة بين المواطنين العرب واليهود في إسرائيل قبل فوات الأوان.
|