|
ثقافة كان للإبداع السوري نهضته المميزة وخصوصيته في الفترة الأخيرة، فترة الأحداث المؤلمة، ليصبح صورة حقيقية عن تجليات العشق الكبير للوطن سورية، فظهر عبر مجالات مختلفة وأشكال شتى، وإلى حد برز فيه ذاك الحب كأسطورة، تعجز البشرية عن الاتيان بمثلها، إذ جسد أمثولة وفاء وانتماء وتقديس..
حتى إن غالبية الفنانين يرجعون إبداعهم لهذا العشق تحديدا.. والفنانة التشكيلية وفاء الحافظ واحدة من مئات الفنانين السوريين، كان حب الوطن مصدر إلهامها، كما تؤكد على الدوام، وها هي تترجم عشقها لوطنها في لوحاتها بأساليب واقعية تنبض بالحياة، كي تظهر سورية كما هي الألق الدائم للحياة، ففي معرضها الأخير (إشراق لون) في المركز الثقافي ـ أبو رمانة، برز في أعمالها الكثيرة الأمل والتفاؤل لترسيخ روح العمل والإقدام في مثل ظروفنا الصعبة، فالفنانة اعتمدت هذا الأسلوب عن قصد، وتعلن ذلك دوما.. ما إن تدخل معرض إشراق لون حتى تستقبلك لوحاته المفعمة بالحب والحنو لكل ذرة من تراب أرض الوطن سورية، لطبيعتها التي أتت في المقدمة، لغوطتها، لأنهارها، حيث تصدرت لوحاتها للفرات وبردى وشلالات زيزون المعرض، ثم تنتقل بعد الطبيعة السورية إلى التراث السوري، كي ترسم تحف الأجداد وتفاصيل حياتهم، ثم لوحات دمشق القديمة بالأبيض والأسود، دون أن تنسى ترك أثر يدل على حداثة اللوحة، كما حضرت ملامح العزة والفخار عبر لوحات الخيول. اهتمت الفنانة الحافظ بالمرأة، وقدمت رؤيتها حول حالها وبأكثر من شكل، وأكدت أنها رسمت آلهة الجمال بشكل له خصوصيته، وهي معصبة العينين، مثلما يريدها الرجل، رغم أنها في لوحة سابقة، كانت المرأة مثلما هي، بحنانها وبعطائها وجبروتها، متمسكة بأنفتها وعزتها.. وصولا إلى بورتريهات الوجوه، منها ما كان لوالدتها، والتي تصر الفنانة أن تكون تلك اللوحة مرافقة لها في كل معارضها. في المعرض (إشراقة لون) تتزاحم القيم الجمالية والقيم النبيلة، التي تتألق جميعها بحب الوطن والارتباط فيه أرضا وأناسا، طبيعة وقيما وثقافة، وقد عبرت التشكيلية (وفاء الحافظ) عن ذلك دوما حيث قالت: حبي لوطني ككل سوري، ولكني أترجمه بلوحاتي، وأرجع ذلك الإبداع لذلك الحب الكبير، فغالبا أعمالي ترتبط بالوطن و تتعلق بتاريخه، وفي هذا السياق تحديدا، استعمل الخطوط الدقيقة عن قصد، حتى لا أفقد الأعمال جماليات روحانيتها وحميميتها، كما استعمل البعد الثالث لسلالة وصوله إلى المتلقي، عدا عن إمكانيته توضيح الفكرة التي أطرحها بشكل أكبر.. ولطالما أعطيت المرأة اهتماما خاصا، وكيف يجب أن تثبت وجودها، كي تكون حاضرة مهما كانت العوائق، فحاولت أن أثبت لها أن البداية ليس لها وقت، طالما أنك تؤمنين أنك تملكين شيئا..اعملي على تطويره، وستصلين بالإصرار والعزيمة، إذ حملت بعض اللوحات الخاصة بالمرأة السورية ملامح العزة والعطاء وهي بكامل جمالها كأم للحياة. |
|