|
دراســــات ومهما حاول مَنْ مازال يسمّي الحدث منذ 15/3/2011 «ثورةً أو ربيعاً» أن يسوّق تفسيره فإن اليد الصهيونية تُلوِّحُ له بأن في الأمر مذهباً آخر ليجد أن الاستخدام الغادر للعقول السورية التي تورّطت في الحدث على أنه كما كانت أحلامها الساذجة تعتقد فينكشف الحال عن مخطط أميركي أوروبي لإعادة تشكيل المنطقة شرق المتوسط وشماله بما يفتح الطريق لإعادة تقسيم العرب مرّة أخرى، ووضعهم من جديد تحت الإدارة الأمروصهيونية على مدى القرن الحالي على أقل تقدير. وكلّما استبصرنا بالحدث الإرهابي، وتابعنا التجاذبات الدولية حوله، وحلّلنا التوازنات التي حاول الغرب المتصهين أن يخترعها ليحقق جبهة ظافرة على الجبهة التي يمكن أن تساند الطرف العربي المستهدف فتقع الواقعة، وتتشظّى الجغرافية الوطنية، والقومية للعرب؛ وبعدها يدفن التاريخ العروبي الحضاري، وتستبدّ الحقبة الصهيونية، ولو جاءت بثوب الإسلام المتصهين كما نرى الآن أن القدس، وأرض فلسطين بكاملها ليست أرض جهاد عند الذين يقدّمون الفتاوى العميلة؛ بينما سورية، والعراق، ولبنان الجنوبي «أرض جهاد» عند شيوخ الفتنة، والمزوّرين للإسلام الإيماني الحنيف. وحين نعود بالذاكرة إلى الحقبة التاريخية منذ احتلال فلسطين عام 1948 حتى اليوم، سنتوقف عند شيوخ الفتاوى كيف يصمتون حين يتعلق الأمر بالكيان الصهيوني، ويفتحون حلوقهم على أوسعها بفتاوى القتل، والحرب متى تعلّق الأمر بين دولتين عربيّتين، أو إذا كان الحال متصلاً بدولة أجنبية حليفة للدول العربية التي تتمسّك بسيادتها، ولا تقبل أن تقع تحت الإدارة الصهيونية، وإذا تذاكرنا الوجود السوفييتي في أفغانستان في ثمانينات القرن العشرين المنصرم نرى كيف تعهّدت السعودية بتمويل كافة الإرهابيين ليحاربوا هذا الوجود السوفييتي، وصارت كابول أكثر قداسة من القدس، وصُرِفت من أجلها مئات مليارات الدولارات من ميزانيّة مملكة الرّمال، بينما فلسطين كانت تنتظر المجاهدين المدعومين من آل سعود، ولم ترَهم، وحين تقرّر في الحلف الأمروصهيوني شنّ الحرب الإرهابية على سورية، وقبلها تونس، وليبيا انخرط حكّام مملكة الرمال ومشيخاتها في هذه الحرب مباشرة، وأمروا شيوخ الفتاوى العملاء أن يقدّموا للمجاهدين الذين سيبسطون «سلطة الله» على الأرض كلّ فتوى للقتل، وسفك الدم، وتدمير البشر والحجر في الدولة العربية المستهدفة، ومازلنا نتذكر أن القرضاوي قد أفتى بقتل ثلث الشعب السوري أي قرابة ثمانية ملايين مواطن سوري دون أن يكون لديه رادع من ضمير، وحين تقوم إسرائيل بتهويد القدس، وجعلها عاصمة لها، وطرد الفلسطينيين منها لا نجد للشيخ المذكور أي فتوى تنقذ أصحاب الحق التاريخي من جور الصهاينة الغزاة. وعليه أيضاً رأينا كيف حميت رؤوس الصهاينة على أثر اتفاق سوتشي الأخير بين بوتين وأردوغان المؤطّر بزمن لخروج الإرهابيين من إدلب والذي يكرس انتصار الدولة السورية الكامل على الإرهاب، لتقوم بإسقاط الطائرة الروسية إيل 20، وتعتدي على مواقع للصناعة السورية في اللاذقية، الأمر الذي أدخل الحرب على الإرهاب في منعطف كبير أعلنت فيه روسيا عن تسليم سورية الصواريخ (إس 300) التي ستغلق الأجواء السورية، وتفرض التوازن الاستراتيجي العسكري مع كيان العدوان؛ وما إن اتصل الرئيس بوتين هاتفياً، وأبلغ الرئيس الأسد قرار الاتحاد الروسي بتسليم سورية صواريخ (إس 300) خلال أسبوعين حتى ارتعدت إسرائيل، وتحول الذئب إلى حمل وصارت تستجدي الرئيس بوتين بأن لا يسلّم هذا السلاح إلى جهةٍ غير مسؤولة كما ادّعت. وكأن السّلاح الاستراتيجي الذي يفرض التوازن، ويضع حدّاً لعربدة القوة الغاشمة الصهيونية لا يجوز أن تمتلكه سورية؛ بينما حين تعطي أميركا لإسرائيل آخر منتجات الصّناعات الحربيّة بكافة صنوف الأسلحة فهذا ضروري وكيان العدوان جهة مسؤولة على خلاف سورية. وهنا ندخل نحن في سورية، كما ستدخل معنا الحالة العربية التي خذلتها الدول العربية عبر هذا الرّكون للعدوّ الصهيوني والاستخذاء أمامه، في منعطف لحضور القوة التي ستفرض الحقّ الذي سلبته دولة العدوان بمساندة الغرب المتصهين وأدواته من أعراب مملكة الرّمال ومشيخاتها، فمنذ أن تم الإعلان عن تسليم سورية الصواريخ المعنية، وأميركا على لسان بومبيو، وجون بولتون تواصل التصريحات بأن هذا الأمر سوف يُدخل المنطقة بشأن خطير، ويتم الإعلان عن التقاء لافروف بــ بومبيو عبر اجتماع الجمعية العامّة للأمم المتحدة في دورتها الثالثة والسبعين التي تواصل جلساتها، والإعلان عن اجتماع بولتون مع المسؤول عن شؤون الأمن الروسي، وكل هذه الهستيريا الصهيوأميركية مكشوفة الغرض كي لا تعطي روسيا السلاح الذي يحدّ من الغطرسة الصهيونية على سورية والحجّة الماكرة والذريعة الغبيّة هنا أن إسرائيل تحاول أن تطرد القوّات الإيرانيّة الموجودة في سوريّة لما تشكّله من خطر عليها، وكأن إسرائيل لا تملك قوات أميركية تساندها للتفوّق الدّائم على محيطها العربي ومازلنا نتذكّر الدّور العسكري الأميركي في حرب تشرين التحريرية 6/10/1973 حين أُنزلت الدبابات الأميركية بطواقمها وساهمت في ثغرة الدّفرسوار على الجبهة المصرية، ومن الطبيعي أن يأخذ الاتحاد الروسي هذا القرار بعد أن كان قد أجّله لسنتين في محاولة لاختبار النّوايا الصهيونية من عملية القبول بالسّلام العادل والشّامل مع العرب، وحين استكبرت دولة العدوان وصارت تهدّد الوجود العسكري الشرعي لروسيا في تحالفها مع الدولة السورية لمكافحة الإرهاب واستئصاله من كامل الأراضي السورية، وقامت بإسقاط الطائرة إل 20 فإنّ الاتحاد الروسي قد توافرت لديه القناعة بأن الغطرسة الصهيونية لن تقبل بالدّور الذي تقوم به روسيا في تحالفها مع الدولة السورية في الحرب على الإرهاب. وعلى أثر اتفاق سوتشي، ووضع جدول زمني لخروج الإرهابيين من إدلب وعودة المحافظة إلى السّيادة السّورية جنّ جنون دولة العدوان فشنّت عدوانها دون إعلام الجانب الروسي إلّا قبل دقيقة وأسقطت الطائرة التي جمعت المعلومات الهامّة عن حركة الإرهابيين في إدلب، وعن مواقعهم، وبناءً عليه فلم تعد أعصاب مجرمي الحرب الصهاينة تتحمل حيث قاموا بالاقتراب من الطائرة والتّسبّب في إسقاطها. والواضح أن الاتحاد الروسي عبر قرار الرئيس بوتين سيدخل المنطقة عبر هذا السّلاح في عتبة تنهي فيها غطرسة القوّة الصهيونية، وتتهيّأ الفرصة لدخول إسرائيل ومعها أميركا حقبة انتهاء غطرسة القوّة وعندها سيأخذان معاً بعين الاعتبار الحقوق العربية المشروعة وقرارات الأمم المتحدة بشأنها، ويأتي المعنيّون إلى إنهاء الحرب الإرهابيّة على سورية، ودخول المنطقة في توازنات السّلام العادل والشّامل، وفي موازين القوى المتكافئة وبغير ذلك لا تفهم الصّهيونية وكيانها أهمية أن يكون السّلام بعودة الحقوق التّاريخيّة المشروعة فتنهي حقبة الظّلم، وجولة الظّالم. |
|