تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


أشلاءٌ من وعي.. على هيئـة ذكـاءات المستقبل

بث مباشر
الأربعاء 3-10-2018
لميس علي

من الممكن أن تكون مختلف الأفلام السينمائية التي تطرح موضوعة التطور الفائق للذكاء الاصطناعي وعالم الروبوت ذات تحفيزات نفسية..

بمعنى تصديرها لشرارة التحذير والخوف من إمكانية وصول تلك الذكاءات لمستقبلٍ غير مضبوط التحكم.‏

في دراسته التي أدرجها ضمن كتاب (الرؤية للدماغ، vision for brain) تمكّن بروفيسور أمريكي من أصل مصري من إعطاء تفسير نفسي مباشر لحدوث العملية الفكريّة المعروفة بـ»التعرّف إلى الوجوه» وتمّ توظيفها في المعلوماتية عبر التقنية الرقمية- الضوئية التي جعلت الكومبيوتر قادراً على تقليد عملية الإبصار بواسطة الكاميرات الذكية المتطورة.‏

نشأ عن هذا الأمر نوع من الشك حول إذا ما كانت التقنيات الرقمية تتقن ميزة التعرف على الوجوه.. على وجه من يقع عليه «إبصارها»..؟‏

ضمن سلسلة المخاوف نفسها يرى البروفسور رودني بروكنز من «معهد ماساشوستس للتقنية»، أن كومبيوتر المستقبل ربما يتوصل إلى «مناظرة عقل الإنسان»، إذا استطاع أن «يتعلم كالإنسان ويراكم تجاربه وخبراته مثله».‏

ويبدو أن بروكنز يجري كثيراً من أبحاثه على إنسان آلي لديه، يطلق عليه اسم «كوغ».. يمتلك كاميرات حسّاسة هدفها تعريض «عقله الاصطناعي» إلى التجربة الحسيّة المتمثلة في البصر عند البشر، ولواقط للصوت لتجربة السمع.. كما يغطيه جلد اصطناعي بألياف سيليكونية مجهّزة برقاقات إلكترونية لمحاكاة تجربة «الحس باللمس».. وبروكنز ينتمي إلى مدرسة تعتقد بإمكانية تحويل الأحاسيس معلوماتٍ يزوّد بها الروبوت ويتم العمل على أساسها.‏

هل يمكن أن تنتقل «إنسانية» الوعي ولو بجزء منها إلى الآلة..؟‏

ما المصطلح الذي سيطلق حينها على وعي الآلة..؟‏

هل بتنا، فعلياً، في زمن «أنسنة» الروبوت..؟‏

في فيلم (Automata) تُطرح فكرة امتلاك الروبوتات وعياً ذاتياً يمكّنها من تطوير نفسها وإصلاح أي عطب تتعرض له.. الأمر الذي يكتشفه بطل العمل أنطونيو بانديراس بعد فترة بحثه عن المطوّر الذي اعتقد أنه وراء عمليات تحسين آلاتهم.. ليتوصّل، بمراقبته روبوتات وجدت لصالح خدمة الآدمي، إلى أنها ترتقي «ذاتياً».‏

وفي فيلم آخر هو (هي، her) نجد أن بطل العمل (ثيو) الذي يؤدي دوره الممثل خواكين فينيكس، سيقع في حب مجرد نظام تشغيل «ذكي»، تطبيق يقوم بتحميله لأجهزته الذكية يعمل عمل سكرتيرته التي تظهر له بصوت وشخصية أنثوية تبدو مكتملة الفهم والنضج..‏

لوهلة.. من الممكن أن يخطر ببالك كمتابع لهذا العمل، التساؤل:‏

ما المانع أن يكون مبرمج التطبيق أكساه بعضاً من صفاته..؟‏

أو لعله جعله على شيء من وعيه أو شخصيته.. وبالتالي وقع «ثيو» في حب أشلاء من شخصية.. أو أجزاء من وعي..‏

وكما لو أننا نلمح شيئاً من مستقبل يبشّرنا بتلاشي وجود وعي مكتمل بهيئة آدمي مكتمل..‏

هل سيبقى وعي الإنسان محافظاً على خصوصيته..؟‏

في هذه النقطة يرى الفيلسوف الأمريكي كولن ماكغن أن الإنسان لن يتمكن أبداً من حل لغز «وعيه»، ببساطة لأنه... إنسان.‏

وفي مقدمتها القصيرة جداً عن مؤلفها «الوعي» تتفق سوزان بلاكمور مع ماكغن حين تقرّ «أن الوعي أكثر الأشياء التي يمكننا بحثها وضوحاً، وأكثرها غموضاً في الوقت نفسه»..‏

وكأنما كل منهما يرحّج الرأي: لايمكن منح ما يسربله الغموض لأي اختراعٍ مهما بدا متكامل الهيئة.. ربما..؟!!‏

lamisali25@yahoo.com

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية