تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


الوطـن الســـوري .. إنجــاز النصـر والحفـاظ علـيه

دراسات
الأثنين 24-2-2020
بقلم: د .أحمد الحاج علي

تقدم الحدث الكبير في سورية عبر التحولات العميقة التي جرى فيها إلينا وإلى كل العالم، فهذا مقطع تاريخي بنيوي وليس مجرد وقائع عسكرية واجتماعية في «منطقة محدودة»،

‏‏

هذا الحدث حمل معه نتائج صراع كوني شامل، وقد كانت الإرادة الوطنية السورية هي أساس البناء، وهي ذلك المصدر الذي اعتنق الشهادة والصمود، وقد اجتمعت له الأبعاد المصيرية واجتمعت فيه إرادة صارت مثلا ومثال تاريخ العالم المعاصر في رده على المشاريع الاستعمارية الكبرى للاستعمار الحديث.‏‏‏

وتقدم إلينا لهذا الحدث بكل ما يحدث فيه من إنجازات وتحولات وبكل ما يبنى عليه من مسارات سواء في الميادين العسكرية أم في الآفاق السياسية، أم بصورة مكثفة في البناء الوطني عبر مرحلة إعادة الإعمار، لهذا الجزء المهم والغالي من الوطن السوري، وواضح أن ما يجري في الشمال السوري تحول إلى مصدر اهتمام العالم كله، وإلى منطقة يدخل فيها التحليل والاعتبار، بل إعادة ذاكرة الدنيا بكاملها إلى قواعد صادمة ومهمة لطالما قدمها الوطن السوري بوعيه وتضحياته، وإذا ما أخذنا بنظرية الشرايين الحية نجد أن مطار حلب الدولي وتحرير طريق حلب دمشق الممتد من داخل تركيا نفسها مروراً بدمشق واتصالاً بالجنوب إلى الأردن والعراق والخليج العربي، هذا الشريان ينضم إلى تحرير وتأهيل مطار حلب الدولي الذي كان يشكل بالنسبة للقوى الإرهابية وداعميها هدفا مهما وثابتا إلى الدرجة التي لم يصدقوا حتى الآن أن هذا المطار طرح نفسه كشريان حيوي أيضاً،وكعنوان لابد أن تلتحق به كل العناوين المخطوفة حتى الآن في الشمال السوري، ويبقى الناتج الذي أطلقته منهجية التحولات والانتصارات هو هذا الأمان لمدينة حلب، أعني الأمان العسكري والاجتماعي والأمان النفسي والوطني.‏‏‏

ولقد تابع العالم صديقه وعدوه أن حلب والإنسان في حلب هما قصة تاريخ مجيد ووعد أكيد وموقع إنساني حضاري يتجدد ولا يتبدد، وينبعث ولا يتحول إلى مجرد أطلال وبقايا، ولقد أحسنت القيادات الرسمية في الدولة والحزب والقاعدة الشعبية حينما استوعبت حقائق الموقف الجديد ورحلت إلى حلب بتوجيه من قائد هذا الوطن السيد الرئيس بشار الأسد، وكانت لقطة مهمة أن يسلك بعض المسؤولين أوتستراد دمشق حلب في لحظة لما تنته المخاطر اللوجستية والمفاجئة على هذا الطريق.‏‏‏

وبالمجمل ومن الأعماق فإن التحول الوطني والنوعي في حلب وإدلب استقر مصدراً لاستيعاب خصائص الوطن السوري بما تشتمل عليه من ثبات وتضحيات وحيوية وإبداع في وحدة الإرادة والإدارة معاً، بل إن ما سوف يلي هذه المرحلة سوف يكون هو الدليل والواقع الملموس على أهمية ما حدث ولا يكفي في ذلك أن يبقى التحليل قائماً على طبيعة العدوان والمعتدين، فهذه مسألة صارت مكشوفة ومتداولة، ومن لايدرك في هذه الأيام حقيقة النظام السياسي التركي عبر حزب العدالة والتنمية وبالمنهج والاندفاعات المسمومة التي يطلقه المشروع المعادي عبر رجب أردوغان، والتبصر بالأعداء والعدوانات أمر ضروري بالتأكيد ولكن منظومة الأبعاد المبنية في أساس صمود الوطن السوري وإنجاز التحولات فيه هي التي تفرض حضورها منذ هذه اللحظة، فالانتصار في الميادين العسكرية صار هو المنطق العادي والمشهد المتكرر والمتطور والمتقدم إلى الأمام باستمرار.‏‏‏

ومن خلال هذه الآفاق الوطنية السورية كان لابد أن نكتشف ذاتنا الوطنية وهي الآن في أقسى الاختبارات وفي عمق ذلك أن نتعرف على قيمنا ومقومات وجودنا وحقائق صمودنا وأخلاقيات أدائنا العسكري والسياسي، وهذا ما ينجز مقاطع التأسيس للحفاظ على الانتصار بصورة أساسية حتى لا يتسرب منه ضياع جزئي، وحتى لا تدخل فيه انفعالات أو نتوءات، ومعروف تاريخياً أن الاحتفاظ بالنصر هو جزء عضوي من النصر ذاته، وأن الاستثمار في كل الأبعاد الوطنية المحرمات ومقدسات هذا النصر لابد أن تعطي الصورة الكاملة والمشرقة عن أصالة وخلود هذا الوطن.‏‏‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية