تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


جـــــــــان دارك ملـــهمة الفرنســـيين علــى خشــبة الدائــري

ثقـــافـــة
الجمعة 26-12-2008م
لميس علي

كيف تكتب سير الأبطال ؟ وأي ألغاز تحاط بهم تجعلهم يصلون إلى مصاف أبناء الأساطير «جان دارك» الفتاة البسيطة راعية الماعز عجنت حكايتها بأسرار الأصوات التي أخذت تسمعها

وهي في فضاءات الحقول الفرنسية. هكذا انبثقت تلك القوى الصوت الماورائية على هيئة صوت الملاك ميكائيل مخاطباً القروية الصغيرة وليودع فيها أسراراً جعلتها بشجاعة تضاهي شجاعة أعتى الفرسان.. مجرد أصوات سمعتها جان دارك لتكون أساساً لأسطورتها التي كلفتها حياتها فماتت حرقاً معجزة هذه الفتاة كانت موضوع العمل المسرحي «جان دارك» الذي قدم مؤخراً على خشبة المسرح الدائري في المعهد العالي للفنون المسرحية بالتعاون ما بين المعهد ووزارة الثقافة السورية وفرقة دوديهور الفرنسية بإدارة السيد كونتان دي بورت.‏

تمكنت جان دارك من قيادة وتوجيه أصعب المعارك التي خاضتها القوات الفرنسية في مواجهة الانكليز الذين كانوا يتواجدون في الأراضي الفرنسية محتلين وحررت برفقة أصدقائها المحاربين بعضاً من المدن لكنها لم تنجح بإتمام طريق نجاحها في تحرير كامل البلاد، حوربت واتهمت بالكذب وأن ما تسمعه من أصوات إنما هو من أصوات الشيطان وليس من عند الملاك ميكائيل. فحوكمت محاكمة غير عادلة تلك الملهمة الصغيرة التي اعتلت ظهور الأحصنة وألهبت حماس المقاتلين متقدمة عليهم في ساحات القتال، فأعدمت حرقاً.‏

ما نعرفه عن جان دارك أنها أعدمت من قبل السلطات الفرنسية في مطلع القرن الخامس عشر ولكن ما ذكر في هذا العرض أن من حاكمها وأعدمها هم الانكليز، ولدى سؤالنا مدير الفرقة عن هذا الأمر أجاب: إن الفرنسيين باعوا جان دارك إلى الانكليز ليتخلصوا منها فحاكموها هؤلاء على هواهم.‏

قدمت جان دارك موضوعاً سينمائياً غنياً مناسباً لخيالات الفن السابع حيث اللعب بالصورة وفق أقصى طاقات هذا الفن.‏

ولكن في المسرحية لن نلمح تلك الحكاية ذاتها المروية في الأفلام مع الأخذ بالحسبان اختلاف طريقة التعاطي مع كل فن ،في العرض لا شخصيات كثيرة ولا أحداث ضخمة توازي أحداث تلك الحروب والمعارك ولا حتى تقنيات مسرحية موظفة في سبيل خلق قالب مسرحي مثير وجذاب للمتفرج.‏

لأن ما اعتمد عليه العرض هو السرد وتقديم حوارات جان دارك مع كل من الدوق والملك الفرنسي شارل محادثاتها مع كليهما وكيف أنها تمكنت من محاججتهما وإقناعهما بقيادتها للفرنسيين في مواجهة الانكليز.‏

ما أتاح المجال لإظهار «فكرجان دارك» تلك الفكرة التي آمنت بها وجعلتها تخوض المستحيل في سبيل تحقيقها، ومع أن العنصر الأبرز في العرض هو الحوار إلا أننا لم نشاهد طرفين يقومان به بمعنى الوجود الفيزيائي لهما، بل الممثلة الوحيدة «كلير شوليه» هي من سيؤدي دور هذين الطرفين فهي جان دارك والآخر الدوق، الملك بذات الوقت تنتقل بين هذا وذاك بسرعة وخفة وأداء صوتي يظهر الفروقات بين الشخصيتين اللتين تتقمصهما.. وفي المشهد ما قبل الأخير انضم إليها الشاب واثق سلمان الذي قام بترجمة النص وأدى دور أحد قادة القوات الفرنسية «لاهير» الذي يترك جان دارك ويتابع ملاحقة الانكليز الحلول الإخراجية لمشاهد المعارك كانت بأن أدتها كلير أداءً راقصاً يقترب من أسلوب الرقص المعاصر.‏

ابتعد العرض بمجمله عن الخوض في تقديم ذلك النوع من العروض الباذخة الضخمة منحازاً إلى الكلمة التي كانت البطل الأبرز للعرض ولكن عندما تزيد مساحة الكلمة ينقص فضاء الفعل (الدراما).‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية