|
معاً على الطريق وهي التي أعطتني هويتي الصغرى (دمشقية) فكبرت واتسعت هذه الهوية حتى شملت العالم العربي بأسره بما فيه من قيم روحية ودينية؟ وماذا سأعدد أيضاً وهي التي باختصار ولدتني في حي ( النوفرة) من دمشق القديمة ورعتني في حي ( العمارة) .. حتى فتحت عيني في أعقاب الحرب العالمية الثانية على كل ما مر فيها من أحداث جسام.. ومن وطنيين عظام قدموا تضحياتهم وربما أرواحهم في سبيل استقلالها وعزتها؟.. وهي التي كذلك منحتني حباً لها لم تمنحه مدينة ما لإنسان ما كما فعلت. ويقولون إنها انشئت منذ عصر آدم.. وأن من هبط من سفينة نوح على جبال ( آرارات) من شمال سورية هم الذين عاشوا فيها .. ويقولون إن أميراً غامضاً كأنه من الأساطير واسمه (دمشاق) هو الذي اطلق اسمه عليها .. والمهم أنها احتضنت العروبة.. وأن سكانها أصلاء منذ الغساسنة حتى هذا الاهداء وهو في الواقع ليس اهداء بل اعترافاً بما منحت ، فلقد أحببت ماءها وهواءها وجبالها وأنهارها منذ كانت مدينة صغيرة حتى أصبحت عاصمة كبيرة لها حضورها في كل مجال وهي أبداً المثل والمثال. عام بأكمله وأنا في كل اسبوع أقطف من أزهارها زهيرات.. ومن أوراقها وريقات أختبى وراءها لا لأسجل معلومات وانما لأعبر عما يكنه القلب.. وكأنني أردد ما قاله شاعر سوري قديماً وهو أبو فراس الحمداني مخاطباً سيف الدولة: ولو أنني أكننته في جوارحي لأورق ما بين الضلوع وفرعاوما أكثر ما يمكن أن أقول فيها أو أن أستعير من غيري مما قاله فيها ... وكانت تستحق مني كما استحقت من غيري مؤلفات ومجلدات... وموسوعات .. لكن أوراقي التي قدمتها في سفارتها الشاملة كعاصمة ثقافية هي في اعتقادي شفيعة لي في أن تمنحني العلامة الصغرى ( دمشق) والكبرى ( سورية). إنها عاصمة ثقافية دائمة وأزلية .. وإن غابت شمس هذا العام فلن تغيب شموسها التجليات الحضارية التي اطلعت عليها شعوب أخرى وأمم حملت اليها الفنون رموزاً للتآلف الحضاري ..والتمازج الثقافي... كما أوفدت النخب من علمائها ومثقفيها ومفكريها وأدبائها الخ.. ولعل الذين زاروا دمشق في هذه المناسبة اطلاعياً أو سياحياً هم أيضاً يحملون ليس التذكارات فقط بل الذكريات الرائعة عن كل ما في دمشق من ماض عريق وحاضر جميل وأنيق. فيا دمشق... يا مدينتي ومليكتي .. ماذا أهديك في هذه المناسبة أكثر من نبض القلب وحب الحب مع شعوري دائماً بأنك مني وأنا منك؟ إنها الزاوية الأخيرة عن العام الثقافي وليست كذلك في حب دمشق التي تغلغلت في شرايين حر وفي وفي كل ما كتبت وسأكتب .. وها قد وفيت بوعدي وعهدي في أن أكرس هذه الزاوية على مدى عام كامل عن دمشق .. وكأنني قد ساهمت بقطرة من بحرها.. وفوح من عطرها.. وسطر من تاريخها .. وثقة بحاضرها ... وأمل بمستقبلها. |
|