|
الصفحة الأولى وليست المرة الأولى التي تحول فيه قوات الاحتلال الميلاد المجيد إلى لحظات حرمان من أبسط شروط الحياة، وتتحدى كل ما يوحي به الميلاد من معاني، ومن دلالات، وهي التي لم تحترم يوما معنى له، ولم تقم وزنا لما ينطوي عليه من قيم. الميلاد الكئيب في الأرض المقدسة أحيت قداسه غزة على أضواء الشموع، وأي تفصيل بعد هذا ينفع، أو أي موقف خلافه يمكن أن يسمع، وهي التي أمضت لياليها قبل الميلاد على الشموع ذاتها، ولا تدرك على أي أضواء يمكن أن تقضي لياليها القادمة المتخمة بالتهديد والوعيد، والمعبأة بتحضيرات العدوان. غزة المحاصرة كانت تمني النفس أن تحتفل بالميلاد، كما يحتفل به العالم، وأن يشارك أبناؤها مثلما يشارك الآخرون ، وأن يقيموا فيه ما يجب أن يقام، وأن ترتسم على وجوه أطفالها ابتسامة الفرح التي ترتسم على وجوه سائر الأطفال في العالم، وأن يكون لهم ما لغيرهم. لكن الاحتلال الذي اغتصب الأرض يغتصب اليوم حتى الفرحة بالميلاد، ويحول شوارع ومدن غزة من مظاهر احتفال إلى مآتم لتأبين الشهداء وتشييع جثامينهم، ويمطر أزقتها وبيوتها بقذائف دباباته وصواريخه، «هدايا» الميلاد لأطفال غزة. |
|