تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


أفاميا

الملحق الثقافي
5-2-2013م
أحمد محمود حسن:كنتُ في أفاميا

أُقَلِّبُ التَّاريخَ يا حبيبتي‏

حِكايةً‏

حِكايةً،‏

وأشربُ الماضي ثُمالاتِ هوىً‏

عندَ جفافِ ساقيةْ،‏

وقفتُ بالمُهَدَّماتِ‏

حجراً‏

وحجراً‏

وزاويةْ،‏

بسورِها الطَّويلِ‏

بالبكاءِ‏

خلفَ هادِمٍ وسافيةْ،‏

أسألُ أهلَ البلدِ القريبْ:‏

أخطأتُ بالعنوانْ‏

أم هذهِ أفاميا؟‏

أجابني من فوقِ تاجٍ‏

كانَ بالأمسِ على رأسِ عمودٍ باسِقٍ‏

في «بابِ حِمصْ»‏

وَلَدٌ يُخرمِشُ النُّقوشَ‏

يرمي بالحصى قنطرةً واطِئةً،‏

وبالعصى ينبشُ قبرَ مَلِكٍ‏

أو قائدٍ‏

أو سُوقَةٍ‏

ورُبَّ قبرَ امرأةٍ جميلةٍ من «بابِ حِمصْ»،‏

أجابني:‏

على الطَّريقِ لوحةٌ تَعرِفُ مِنْ خلالها أفاميا،‏

إنْ لم تجِدْ‏

اِسألْ برأسِ الشَّارعِ الفَوَّالَ‏

والجزَّارَ‏

والبقَّالْ‏

فكلُّهُمْ يسألُهُ الغريبُ عن أفاميا‏

وإنْ أردتَ الخبرَ اليقينْ‏

فالمُتحَفُ - الخانُ - الذي هناكْ‏

أوْ سَلْ مُحِبَّاً دارِساً‏

أوْ زُرْ مُديرَ النَّاحيةْ.‏

••‏

كنتُ في أفاميا‏

أسيرُ فوقَ القمرِ المكسورِ‏

والقصيدةِ المُهَدَّمةْ‏

على شظايا من قرونٍ مُبهَمَةْ‏

أبحثُ عن شيءٍ منَ الاسكندرِ الكبيرِ..‏

ذكرى مُؤلِمَةْ،‏

أبحثُ عن قصيدةٍ قد رُمِّمَتْ‏

أو زهرةٍ مُرَمَّمَةْ،‏

أبحثُ عن مستَودَعٍ يُخبِّئُ الماضي‏

لكي لا نَرجُمَهْ.‏

••‏

كنتُ في أفاميا‏

رأيتُ «أفروديتَ» في شارِعِها الطَّويلِ‏

تمشي حافِيَهْ‏

تُحطِّمُ الأشواكَ بالحَفا الجميلِ‏

لا مُباليَهْ،‏

تبحثُ عن «سُلُوقُسَ» العظيمْ‏

يُعَبِّئُ القادةَ والجنودَ والأفيالْ‏

لخَوضِ حربٍ آتيةْ،‏

تبحثُ عن عاصِمةٍ هدَّمها الزِّلزالُ‏

والإهمالُ‏

عَبْرَ أعصُرٍ مُتَّاليةْ،‏

تبحثُ عن «قناةِ عاشِقٍ»‏

قد وُئِدَتْ معَ الذُّكورِ‏

يومَ كُلُّ امرأةٍ مقطوعَةِ النَّهدِ تُسمَّى:‏

طاغيةْ.‏

••‏

كنتُ في أفاميا‏

أبحثُ للقصيدةِ التي كتبتها عن قافيةْ،‏

سَمِعتُ صوتَ امرأةٍ يأتي مِنَ الأعماقِ:‏

لا تبقَ هنا‏

أخشى على نَومِكَ رؤيا داميَةْ،‏

لا تُنْهِ ما بدأتَ مِنْ كتابةٍ‏

ولا تعُدْ تسالُ عن مدينةٍ كانت هنا‏

أسميتُها باسمي..‏

أنا.. أنا أفاميا.‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية