تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


القصة وسرد العامود

كتب
الأربعاء 6-2-2013
باسم سليمان

تبدو المقارنة بين بيت الشعر في قصيدة العمود من حيث أنّه غني عن غيره عن بقية الأبيات في القصيدة العامود مع القصة القصيرة ومجموعة القصص المنداحة في صلب الرواية, فالرواية ما هي إلا مجموعة قصص مهضومة في الأمعاء الدقيقة للرواية

وأتتْ هذه المقارنة للسؤال عن استغناء القصة القصيرة كونها حدثاً بأشكاله كافة تمّ اقتطاعه من سياق الوجود/ التخييل وتسليط كشاف الدلالات والتأويلات عليه للوقوف على لحظة سردية/ وجودية يقاربها الكاتب كبيت الشعر في قصيدة العمود ومن هذا السؤال نسأل: هل من صالح القصة أنْ تبقى كبيت الشعر أم من المفترض أنْ تدخل مستوى القصيدة العضوية حيث كلّ بيت أو مقطع هو عضو في جسد القصيدة ككل!؟.‏

لا ريب أنّ مفهوم الثنائيات قد حكم أطول فترة في تاريخ العقل البشري, فبين ( أم – أو) تغدو علاقتنا بالوجود محكومة بهما لا نملك حالاً ثالثاً!؟. بين أسود وأبيض, بين شرّ وخير, استقرت السرديات فترة طويلة لدرجة نسأل: هل الوجود بهذا الوضوح الذي يعمي!؟. قالها إليوت: أنا ملكي في السياسة وكلا سيكي في الأدب وكاثوليكي في الدين؛ إليوت هذا رائد من رواد الحداثة والحداثة صاحبة اليقين قد تخلت لمَ بعد الحداثة وشكوكها عن اليقين ولكي لا نخرج عن موضوعة المقال وهي مقاربة المجموعة القصصية « الأفق الغائب» للكاتب علي حمدان, نسأل ألم يحن الوقت لتخرج القصة القصيرة من موضوعة الثنائيات رغم جاذبيتها للقارئ وللكاتب معاً, أليست نوعاً من الدوغما تقسيم الكون لفسطاطين من أبيض وأسود وكلّ يوم يثبت لنا الوجود تهكمه من الثنائيات وضيق أفقها!؟.‏

معطف لجسدين :‏

من معطف يتبادل عليه طفلان يبدأ الأب تداعيه, فالدوام الصباحي والمسائي سمح للطفلين أن يستعيرا المعطف وهذا برأي الأب استخدام جيد للوقت ويقارنه مع حالات أخرى حيث يضيع الوقت في الأرتال الطويلة أمام الدوائر والمؤسسات, لكن بنفس الوقت لا توجد هذه الأرتال أمام المكتبات وأقسام الشرطة وفي ضياع الوقت من يجد رزقه, فالذي يحصل على سلعة بعد انتظار طويل يعيد بيعها كذلك يبيع الأطفال أدوارهم في تلك الأرتال في حين يتم استخدام الوقت على أحسن حال في بيت ذلك الرجل الفقير, فالمعاطف لا تستريح على المشجب كذلك يتم فترة الدخول للحمام لقراءة العناوين الرئيسية في الجريدة ليسأل بعدها وتكون خاتمة القصة « أليس من الخطأ أن يتهمنا الغربيون بأننا أمة لا تحترم الوقت ولا نحسن استغلاله !؟».‏

الغراب الأبيض:‏

تدور القصة عن قابيل وهابيل وكيف أن قابيل قتل أخاه وبعث الله له غراباً ليعلمه أن يداري سوءة أخيه, قابيل شعر بفراغ بموت أخيه, فرأى في منامه أن أخاه يكلمه وأنهما كالليل والنهار وتمنى هابيل أن يكون قابيل قد فهم رسالة الغراب. استفاق قابيل وهو أكثر غضباً من أخيه وأقسم أن يقتله من جديد شرّ قتلة ولا يدفنه وتكررت الحادثة مع كل صراع بين الخير والشرّ والغراب ينعق الشرّ إلى أن ذهب وسكن الخرائب وفي نعيقه تتردد حكمة الغراب « لا قيمة للبياض إذا كان القلب أسوداً».‏

الأفق الغائب:‏

مجموعة قصصية للكاتب علي حمدان, تتميز لغتها السردية بالسهولة التي تدعمها صور لطيفة تعمل على تعميق المحتوى والدلالة في ذهن القارئ بالإضافة لمقاربتها لهموم الإنسان من زواية أفقية بحيث لا يظهر تأثير الخط الشاقولي الذي يعمل على تهديم البنى وإعادة تركيبها وهذا ليس بالمجل. الموضوعة الأثيرة في القصص تنوس بين قطبي الخير والشرّ والأسود والأبيض , فلا يظهر قلق الإنسان المابعد حداثي فيها من حيث تفكك اليقين وتراجع النسبية لصالح النسبوية.‏

تتألف المجموعة من العديد من القصص القصيرة و ق ق ج, نذكر منها: الزمن الأصفر – الأب الحجري – سقراط والسجن – بين الليل والنهار ونختم بهذه القصة القصيرة جداً:‏

حتى لو انقرضت الذئاب, سيظل نباح الكلاب ضرورياً لاطمئنان القطيع.‏

صدرت المجموعة القصصية, الأفق الغائب لعام 2012 عن دار نينوى.‏

Bassemsso91@gmail.com

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية