|
فضائيات وبطريقةٍ حرفتها عن مسارها الفني وأدخلتها إلى عالمنا العربي. العالم الذي أتخمته ببرامجٍ وإن دلَّت على هدف, فهو رغبة تلك الفضائيات, بإيصال رسالة تحريضية إلى النفوس المنحرفة التي سرعان ما وسوس لها شيطانها,بارتكاب الأذى, وكُلَّما حُرِّضت غرائزها المحكومة بالشرِّ والعنفِ والحقدِ والعداء, وسوى ذلك من أفعالٍ إجرامية.. نعم.. الأفعال الإجرامية التي استشرى عرضها على فضائياتٍ لا تمتُّ بمنطقٍ أو أخلاقٍ إلى المنطقِ والأخلاقِ العربية.. فضائيات تقصَّد مالكوها والمأجورون والمنقادون إليها, نشرِ ثقافة العنف والقتلِ والذبحِ والخطف, وبما أحال أصحابها إلى تجَّار موتٍ وبأمرِ صنَّاع المؤامرات ومحترفي إدارة العصابات, بل المهووسين بالمروِّعِ و الدموي من البرامج والمسلسلات.. بيدّ أنها تجارة, لأن العصابات التي أدارتها وروَّجتها أيقنت بأن الكسبَ فيها سيطيح بكلِّ خسارة, سارعت لتكثيفِ إنتاجها المرعب في دمويته وأيضاً فاعليته.. تلك التي سلَّحت عقل كل من أفقدته وعيه بشعبه ووطنه, بما جعل منه مسلوب الإرادةٍ وعلى درجة متمرسة فيما أريد منه قتلنا والإبادة.. كل هذا ودون أن يكتفي قوَّاد الهيمنة السينمائية بإراقة أهدافهم على مدى فضاءٍ من أفلام الرعب الأمريكية, ليقوم أيضاً, القوَّاد ممن اعتقدنا بأنهم أصحاب, بإغراق فضائنا بأجزاءٍ من دراما المافيات. الدراما التي مرَّرت إرهابها والعنف الساري في ديارها, عبر حلقات مدبلجة ومبرمجة من «الأرض الطيبة» الدراما التركية التي احتوت من أساليب البشاعة في العنف والقتل, مالا يمكن أن يصدِّقه عقل, لنصدقه, وبعد أن رأينا بواقع ويلنا, ما بات عليه حالنا, وبما يُعتبر صورة طبق المأساوية عما في تلك الدراما من لقطاتٍ اعتقدنا بأنها درامية.. صور أجسادٍ مشوَّهة وأوصالٍ مُقطَّعة.. لقطاتٌ فيها قطع رؤوس من قِبل مسلَّحين وحوش.. مشاهد لأعمال قتلٍ ودمارٍ وانتهاكاتٍ.. أيضاً, تدمير وتفجير وإحراقٌ وتهجير, بل وتخديرٌ لكلِّ عقلٍ يسعى للقضاءِ على الجهل والعنف و بالعلمِ والتنوير.. كل هذا رأيناه في "الأرض الطيبة" ونراه اليوم على أرضنا التي باتت الإنسانية عنها مغيَّبة.. رأيناه أيضاً في "وادي الذئاب"..الدراما التي منحت لبطلها الحق بأن يكون رئيس عصابة تقتل بأمرهِ العشرات, وبدعوى حماية دولةٍ عدوها الداخلي أشدُّ خطراً عليها من عدوها الخارجي لطالما كثر فيها المنتفعون المتعاملون مع هذا العدو ومقابلِ المتدني من الصفقات.. لاشكَّ أن هذه الدراما, وبالرغمِ من احتوائها على الكثير من مشاهد العنف أيضاً, على الرغم من اعتبارها من أكثر الأعمال تشجيعاً للأعمال الإرهابية, إلا أنها حقَّقت شهرة واسعة المتابعة ومؤثرة على أعداد كبيرة ممن امتهنوا العنف سبيلاً لأداءِ ما اعتقدوه بطولاتٍ حقيقية.. للأسف, هذا ما صدَّرته إلينا الدول العميلة والحاقدة والخائنة, ومن خلال فضائيات, باتت ناطقة بأبجدية القتل الرهيب, ودون أن تبالي بأن كفى, يا أعداء الوطن الحبيب.. |
|