|
ترجمة لقد اتخذ المسؤولون الأمريكيون ذات النهج الذي اتبعته صحيفة نيويورك تايمز من إدعاء بأن الغارة الجوية على سورية كانت تستهدف قافلة عسكرية تحمل أسلحة إلى حزب الله على الرغم من التصريح الذي أدلى به مسؤول في الحكومة السورية من أن الطائرات الحربية الإسرائيلية قصفت مركزا للبحوث في جمرايا بريف دمشق، وذكر به بأن اثنين من العاملين في هذا المركز لقوا مصرعهم جراء القصف وأصيب خمسة آخرون، كما نشرت وكالة الأنباء الرسمية السورية سانا خبرا مفاده «أن طائرات إسرائيلية انتهكت المجال الجوي واستهدفت أحد الفروع العائدة لمركز البحوث العلمية الذي يهدف إلى رفع مستوى المقاومة والدفاع عن النفس». اعتبرت سورية بأن ما جرى من هجمات جوية إسرائيلية قد جاء نتيجة لما قام به المتمردون المدعومين من الغرب والولايات المتحدة بالتمهيد لها عبر استهدافهم لشبكات الرادار وأنظمة الدفاع الجوي. أما إسرائيل فقد التزمت الصمت إزاء ما حدث. أما سورية فقد أصدرت بيانا ألمحت به إلى إمكانية قيامها بأعمال انتقامية. لقد تم تنفيذ الهجوم بأربعة طائرات إسرائيلية حلقت على ارتفاع منخفض في الأجواء السورية وأطلقت الصواريخ مستهدفة في ذلك مركز البحوث في جمرايا. وقد استشهدت صحيفة الديلي ستار اللبنانية بما ذكره السكان في المنطقة الذين قالوا بأنهم استيقظوا على أصوات الانفجارات وقالت إحدى النساء التي تعيش في المنطقة:»كنا نياما عندما سمعنا الصواريخ تقصف مركز البحوث العلمية الأمر الذي حدا بنا للنزول إلى الأقبية والطوابق السفلية» وقال آخر:«بأن ثمة عشرات من الصواريخ قصفت بناء البحوث». أما رئيس الحكومة اليمينية المتطرف بنيامين نتنياهو فقد قال بأنه يخشى من أن يكون استمرار النزاع سببا لوصول أسلحة متطورة إلى حزب الله أو إلى الميليشيات المدعومة من الغرب في سورية. وفي الواقع فإنه ما أن بدأت ولايته الثالثة حتى عمدت حكومته إلى استغلال الأزمة السورية لتنفيذ ضربات تهدف منها إلى إضعاف خصومها وتمهيد الطريق لاندلاع حرب مفتوحة. ذكر مسؤولون أمريكيون بأن القافلة لم يكن على متنها أسلحة كيميائية أو أي نوع من الأسلحة الهجومية بل كانت تحمل أسلحة روسية مضادة للطائرات يمكن استخدامها في ضرب القاذفات الإسرائيلية أو المروحيات والطائرات بدون طيار. ذكرت قناة إن بي سي نيوز بأن إسرائيل تسعى جاهدة إلى منع أي طائرات من غير سلاحها الجوي التحليق في الأجواء اللبنانية في الوقت الذي دأبت به مؤخرا على التحليق في تلك الأجواء خاصة في الأيام القليلة الماضية حيث ذكر متحدث رسمي لبناني يوم الأربعاء الفائت بأن الطائرات الإسرائيلية نفذت طلعتين جويتين فوق الأراضي اللبنانية يوم الثلاثاء لعدة ساعات وكررته فجر يوم الأربعاء. إن إسرائيل ترغب أن تبقى منفردة دون منازع في السيطرة على المجال الجوي اللبناني وذلك تحسبا من خوض حرب ضد لبنان التي سبق لها وأن غزته آخر مرة عام 2006. تمكنت بها من تدمير بنيته التحتية عن طريق قصف المواقع اللبنانية من الجو والبحر وأفضت تلك الحرب إلى مصرع 1100 لبناني. قال الماجور جنرال عمير ايشيل قائد القوى الجوية الإسرائيلية بعد قيام الطائرات بقصف مركز البحوث السورية بان إسرائيل قد اتخذت هذا الإجراء لحجب أي تهديد يمكن أن تتعرض له في الوقت الحالي وخلق ظروف أفضل من شأنها تمكينها من الفوز في أي حرب تجري في المنطقة. واستطرد ايشيل القول بأن «القيادة في تل أبيب تعمل على إبقاء قواتها بحالة من الاستعداد التام لكنها ستخوض الحرب بكل ما تستطيع من قوة إن وجدت نفسها مضطرة لذلك». يؤكد الواقع بأن الهجوم الإسرائيلي قد تم تنفيذه بعد التشاور مع إدارة أوباما التي التزمت الصمت إزاءه ومن ثم جاء تعليق الولايات المتحدة على الحدث بشكل تصريح لنائب مستشار الأمن القومي للبيت الأبيض بين رودز الذي حذر به سورية «من زعزعة استقرار المنطقة عبر القيام بنقل أسلحة إلى حزب الله». إدعت إسرائيل بأن ما نفذته من هجوم ليس إلا «عملا عسكريا وقائيا» الأمر الذي يجعل من هذا الفعل أمرا غير مبرر ويشكل اعتداء على سيادة دولة مستقلة لكن الإدارة الأمريكية لم تعتبر هذا الاعتداء زعزعة لاستقرار المنطقة ولم تأخذ باعتبارها السلسلة الطويلة من الأعمال الإجرامية التي تقوم بها حليفتها ومنها شن هجوم على مصنع مزعوم للأسلحة في السودان في تشرين الأول الفائت ولم تأخذ باعتبارها أعمال العنف ضد السكان الفلسطينين في الأراضي المحتلة في الضفة الغربية وقطاع غزة ولم تر به أمرا مثيرا لزعزعة الاستقرار. أدانت الحكومة الروسية الغارات الجوية واعتبرتها غير مبررة لأنها شنت على أهداف دولة ذات سيادة وتمثل انتهاكا صارخا لميثاق الأمم المتحدة وهو أمر غير مقبول. كما وحذرت إيران (حليف سورية الإقليمي) إسرائيل من أن الهجوم على ريف دمشق سيكون له تداعياته وعواقبه الوخيمة على تل أبيب. وقد سبق لإيران أن حذرت إسرائيل من أن أي هجوم على سورية يعتبر بمثابة هجوم على أراضيها. وستتعاطى معه على هذا الأساس. أما لبنان، فقد ندد رئيس الجمهورية العماد ميشال سليمان بالهجوم الإسرائيلي واعتبره عدوانا صارخا واتهم إسرائيل باستغلال التطورات الحاصلة في سورية لتنفيذ سياستها العدوانية متجاوزة في ذلك جميع المعاهدات الإنسانية والدولية». كما ذكر موقع الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية debka.com المرتبط مع أجهزة المخابرات الإسرائيلية بأن الهجوم على سورية «قاد إلى تحركات عسكرية كبيرة في المنطقة» حيث تبين بأن جزءا من الاسطول الروسي قوامه 18 سفينة قد حط في شرق البحر الأبيض المتوسط، وأن الجيشين الأردني واللبناني والقوات الأمريكية المتمركزة في القاعدة الجوية انجرليك في تركيا قد استنفروا قواتهم وأن قوات العمليات الخاصة في الأردن قد اعادت انتشارها. إن الهجوم الإسرائيلي المدعوم أمريكيا على سورية ليس في واقعه إلا بداية لتهديد قد يفضي إلى الانفجار وقيام حرب واسعة النطاق، تشارك بها إيران أيضا، تتسبب في جر المنطقة بأكملها إلى حمام دم تهدد به حياة الملايين. بقلم: بيل فان اوكن |
|