تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


«مغطس أرخميدس» الإبداع الروسي وأثره في الأدب الغربي

عن الفيغارو
ثقافة
الأربعاء 6-2-2013
ترجمة: مها محفوض محمد

تحتفل الاوساط الثقافية الاوروبية شرقاً و غرباً حالياً بهذه المناسبة و ذلك للتأثيرات العميقة التي خلفها هذا التيار المدعو «اوبيريو» على الوجدان الادبي في القارة العجوز حيث كان الشعراء الروس وراء انطلاق عدة مدارس في الادب والفنون التشكيلية والموسيقية  قبل وبعد كل من:

كليبينكوف وماياكوفسكي و بوريس باسترناك وحركة المستقبليين وفاسيلي جوكوفسكي وباتيوشكوف وصولا الى بوشكين وآنا اخماتوفا.‏

هذه الكوكبة من الشعراء العمالقة التي رأت النور بين القرنين الثامن عشر والعشرين تركت بصمات في الشعر الاوروبي لايستهان بها حتى في ظل الحكم السوفييتي في روسيا.‏

حول تلك المرحلة وماسبقها و أعقبها من تطورات تيارات شعرية في دول المنظومة الاشتراكية تدور فصول كتاب ظهر مطلع هذا العام  تحت عنوان «مغطس أرخميدس».‏

 يتناول الكتاب انطولوجيا حركة شعرية ذات صولة وجولة يطلق عليها اسم «اوبيريو» تتألف من أوائل حروف : «تجمع الفن الحقيقي» نشرتها دار سيرسيه، قدم لمختاراتها و ترجم قصائدها الى الفرنسية الاديب هنري ابريل.‏

ويعتبر هذا التجمع الابرز في روسيا على صعيد تمثيله لما يسمى الطليعة الروسية في الأدب والتي شملت انذاك المجالات الفنية كافة في اوروبا عامة.‏

ولدت حركة ال «اوبيريو» عام 1927 في مدينة لينينغراد  - كما كانت تدعى سابقا  رغم ان الحركة بدات في الحقيقة قبل ذلك بخمسة عشر عاما  -  على يد كل من دانييل هارمس و أليكسندر فيفيندينسكي  ونيكولاي زابالوتسكي وقسطنطين فاغينوف وايغور ياختيرييف ونيكولاي اولينكوف وغينادي غور.‏

هذه الاقلام جميعها التي كانت تنظم الشعر انضم اليها فيما بعد الفنان التشكيلي الروسي كازيمير ماليفيتش لتشكل مجموعة أطلقت بيانا تعلن فيه أن قصائدها تحترف صقل لغة شعرية جديدة و طريقة مبتكرة لتلمس الحياة وتذوقها، و في تلك المناسبة كتب زابولوتسكي قائلا يومذاك:‏

أيها المدافع عن الكلمة ‏

حان الوقت ليسمع العالم غناء سيوفك في قلب الظلام‏

إنها معركة الكلمات و صراع المعاني... هكذا نحن‏

 ويقارن هنري أبريل- وهو ناقد فرنسي وشاعر يتقن الروسية - بين  ال «اوبيريو» وبين الدادائية و السوريالية  اللتين  وجدتا أصداء لهما في بيان تلك الحركة الشعرية الروسية التي شغلت اوروبا الفكر والثقافة يومئذ.‏

أما «مغطس أرخميدس» فيشير الى تصدي تلك الأقلام الشعرية للروتين الادبي المستفحل فبل صعود نجومية الواقعية الاشتراكية كحركة فكرية ذات طابع خاص وقد أيد عدد من أدباء النثر الروسي أسوة ب «تيخونوف واوليشا وتينيانوف وشيكلوفيسكي» هذا التجمع الشعري الى جانب المستقبليين الاوروبيين و على سبيل المثال من الاسماء التي سطعت في سماء تلك الحركة الادبية كان يوري اوليشا  (ولد عام 1899 في اوكرانيا و توفي عام 1960 في موسكو) وينحدر هذا الاديب من اسرة بولونية تطوع في الجيش الاحمر ثم عمل في الصحافة الروسية و نشر قصصا خيالية للاطفال و عدة روايات كروايته «الحسد» عام 1927 التي أثارت ضده نقاد عصره لانها تطرح التساؤل التالي: هل يهتم مجتمع ما بعد الثورة البولشيفية  بالشعر والمشاعر الانسانية  و الرومانسية أم بالتطور التقني والاستهلاك من أجل الاستهلاك ؟‏

وروايته  «الحسد» أقرب ما تكون الى روائع تشيخوف  كما تنقل اوليشا بين المسرح والرواية وقصص الاطفال، من مسرحياته «تآمر العواطف» و«قائمة الاعمال الحسنة» اخراج ماير هولد و فيها يسلط الاضواء على ممثلة نجمة تسعى للتأقلم مع المجتمع الجديد ومدى نجاحها ؟.‏

أما فاسيلي جوكوفسكي فيعتبر عراب الرومانسية في الشعر الروسي، ولد عام 1783 و توفي عام 1852، تبناه احد النبلاء و ادخله جامعة موسكو حيث اشتهر في الجامعة بنظم الشعر و كتابة القصص القصيرة و كانت أول مجموعة شعرية له بعنوان «مقبرة الريف» عام 1802.‏

شغل منصب رئيس تحرير مجلة «مراسل اوروبا» التي كانت تعنى بنشر ترجمات لأدباء اوروبيين انكليز وفرنسيين وألمان ثم انخرط في الجيش الروسي ضد نابليون وقد أثارت قصائده الوطنية مشاعر الشارع الروسي حتى أطلق عليه اسم  «شاعر الشعب» كما تم اختياره كمدرس للامبراطورة القادمة أليكساندرا والتي نظم لها أجمل القصائد ثم عمل مدرساً للقيصر الصغير الكسندر الثاني وكان تأثيره كبيراً  على القيصر إذ كان يرافقه في رحلاته إلى أنحاء روسيا.‏

اشتغل جوكوفسكي في ترجمة أعمال كل من شيلر و غوته وهابل وبايرون كذلك ترجم الاوديسا من اليونانية الى الروسية، ويوم وفاته  اجريت له مراسم دفن لم تعرفها سان بطرسبرغ  من قبل.‏

قال عنه النقاد: لولا وجود جوكوفسكي لما حظي بوشكين بشهرته تلك.‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية