|
مجتمع ولكني خفت أن أفقد بضاعتي فأعود خالي اليدين لأبي فيضربني.! هذا جزء من نسيجنا الاجتماعي وما هم سوى أطفال أبرياء لاذنب لهم فمن يلملم أشلاءهم ويغتنم راحة الضمير ومن يضمد جراحهم الغائرة النازفة دونما انتظار عائد من مثيب من يقطع الطريق على الأنانية المتوحشة, من يمنع هذه الجرائم اللاإنسانية من الاقتراف ويقف بالمرصاد لزحف الحقد الكاسر الناقم القادم لا محالة في المستقبل القريب لكي ينتقم ويثأر من ذلك الاضطهاد الذي يتداوله أعداء الطفولة الذي أذاق أطفاله الحرمان وسقاه من كؤوس المرارة والعذاب أشكالا وأصنافا. حالات ولكن وحتى نتعرف أكثر على الأسباب التي دعت الأطفال للعمل في الشوارع تئن لتأخذ أحجاما كبيرة ومخيفة لها مساوئ على المدى البعيد فقد تحدثت مع الطفل (ف.ج) 14 عاما الذي يبيع الورد أمام باب الجامعة حيث قال: إنه يقف ليبيع الورد كل يوم تحت حرارة الشمس المحرقة ليجمع النقود لوالده الذي يجبره على ذلك وذكر أنه لا يحب ذلك العمل وأنه يريد أن يذهب للمدرسة كباقي الأطفال ويحمل حقيبة مليئة بالكتب ليصبح مهندسا كبيرا..! وفي جهة أخرى من السوق التقينا محمد وهو طفل في العاشرة يقف عند الإشارة لبيع المناديل بينما ترقب عيناه بخوف وحذر أخاه الأصغر سنا في الجانب الآخر, وهو يبيع عبوات المياه الصحية!! يقف وحيدا أمام سيل متدفق من السيارات المسرعة وعن سبب عمله قال: إنني أساعد أبي وأهلي, كما أنني أصرف على نفسي. (ز,ش) 9 سنوات والدي عاجز عن العمل منذ مدة طويلة بسبب سقوطه على ظهره وهو الآن مقعد أساعد والدتي في تنظيف البيوت وشطف أدراج البنايات, إخوتي أيضاً يعملون مع أنهم صغار, لا يوجد طريقة أخرى لجلب المال حتى نعيش. مشاكل ومخاطر ومما يزيد من قسوة (الكارثة) وجود نوع آخر من عمالة الأطفال وهو الأكثر قسوة وهو عمالة الأطفال بلا مأوى (أطفال الشوارع) حيث إن الطفل يواجه قسوة مزدوجة قسوة العمل وقسوة الشارع ومع تعدد وجهات النظر والآراء المفسرة للأسباب الكامنة وراء اتساع نطاق الظاهرة يقول د. ثائر حيدر مدرس الطب النفسي في كلية الطب جامعة دمشق هناك عدد من المسببات وأول الأسباب التي تدفع الطفل للنزول المبكر إلى سوق العمل والتي يكون أولها على الإطلاق (الفقر).!! وعن المشاكل والمخاطر التي تنتج عن عمالة الأطفال الصغار انقطاعهم عن التعليم, الجنوح للجريمة, المخاطر الصحية, حيث يتعرض هؤلاء الأطفال لمخاطر الطرق والمواصلات كالإرهاق الجسماني المستمر, كما أن فئة منهم تعمل بجمع القمامة ما يعرّضهم للأمراض جراء أكل الأطعمة الملوثة الفاسدة, والعنف الجسدي والكلامي الذي يمارسه رب العمل على الطفل يؤدي في المستقبل لشخصية ضعيفة الثقة بالنفس أو اكتئابية أو عدوانية. ناهيك عن الاستغلال الجنسي حيث يستغلون في أعمال مخلة وفي أعمال التهريب. ونتيجة لاحتكاكهم الدائم برفقاء السوء, وأرباب العصابات مع غياب الرقيب العائلي, فيصبحون فريسة سهلة للانحراف الأخلاقي فيتعلم الأطفال أموراً سيئة وتصرفات غير مؤدبة, كما يلجؤون إلى التسول بسبب انقطاع فرص العمل عنهم فيضطرون للتسول لتأمين لقمة العيش وعندها تكون النتائج على حاضر ومستقبل هذا الطفل وعائلته وعلى المجتمع كارثية. خطوات.. لا بد منها كما يشار الى أن هناك عددا من الخطوات التي يجب اتباعها للحد من الظاهرة هذا ما قالته الاختصاصية النفسية رفاه ترزي وهي: - حصر الأعداد الحقيقية للأطفال العاملين وتصنيفهم وسن القوانين لحمايتهم (والأهم من ذلك كله تنفيذها) إلى جانب وضع برامج التدخل وإشباع احتياجاتهم. - لا بد من وجود فترة زمنية يحدث خلالها تغير شامل ومتكامل لجميع السياسات الاجتماعية والاقتصادية ما يؤدي إلى القضاء على عوامل انتشار الظاهرة. - تتضافر الجهود بين مختلف الهيئات الرسمية والأهلية للتعامل مع الظاهرة. - التدخل المكثف للجمعيات الأهلية والدولية ورجال الأعمال في إصلاح الوضع المادي لهؤلاء الأطفال. وأي رقي للمجتمع في ضياع من يعوّل عليهم أن يكونوا صنّاع الحياة, ومن يديرون دفة هذا المجتمع إلى برّ الأمان.. عالة في الطرقات, يفترشون الأزقة, ويقتاتون الجوع, ويتوسدون الوحدة!! |
|