|
شؤون سياسية ولكن الأمر المقابل, والذي يلفت النظر أن الأمم المتحدة ممثلة بمجلس الأمن استفاقت من غفوتها وصحت على ما يجري في العراق ولكن بتحريض أميركي- بريطاني بعد ما يقرب من أربع سنوات ونصف السنة من الاحتلال الأميركي, والذي دمر العراق أرضا وحضارة ومؤسسات وقتل حوالي مليون عراقي وشرد ما ينوف على خمسة ملايين داخل العراق وخارجه. وها هو مجلس الأمن يصدر يوم الجمعة 10/7/2007 بعد يوم من اجتماع دول جوار العراق في دمشق قرارا يقضي بأن توسع الأمم المتحدة صلاحياتها في العراق وتتحمل مسؤولياتها في حل مشكلاته من حيث المصالحة الوطنية العراقية ومعالجة حقوق الإنسان والمشكلات الإنسانية الناجمة عن الاحتلال وتفعيل دور الجوار لحفظ الأمن في العراق. والسؤال الذي يطرح نفسه هنا: هل تستطيع الأمم المتحدة أن تصلح ما أفسدته الولايات المتحدة وحلفاؤها في العراق بعدما استفحلت الأمور, وانتظرت طويلا لتأخذ خطوات متأخرة قد لا يكون لها تأثيرات سريعة ومباشرة على الواقع العراقي وقد ينطبق المثل القائل: لا يصلح العطار ما أفسده الدهر. وإذا كان المثل القائل: ( المجيء المتأخر أفضل من عدم المجيء) يصح على التأخر عن موعد محدد أو حفلة أو زيارة خاصة بسبب ظروف استثنائية معوقة, فهذا لا ينطبق البتة على موقف الأمم المتحدة التي تعرف تماما ما جرى في العراق قبل الاحتلال الأميركي وبعده. فهل تستطيع الأمم المتحدة بعد هذا التأخير غير المبرر, أن تعيد إلى العراق وحدته وأمنه واستقراره? هل تستطيع الأمم المتحدة أن تعيد العراق دولة قوية بمؤسساتها واقتصادها الذي دمر أو سرق? وهل تستطيع الأمم المتحدة أن تعيد إلى العراق حضارته التي دمرت, وآثاره العريقة التي نهبت وسرقت أمام أعين الاحتلال وبدعم منه? وكيف تستطيع الأمم المتحدة أن تتعامل مع المقاومة العراقية, من جهة ومع المنظمات الإرهابية من جهة أخرى ولها تجربة سابقة في ضرب مقرات بعثاتها? وهل تستطيع أن تلزم القوات الأميركية بوقف هجماتها ومداهماتها للمواطنين العراقيين الأبرياء? وهل تستطيع الأمم المتحدة أن تلزم الإدارة الأميركية وحلفاءها بوضع جدول زمني للانسحاب من العراق? لا شك أن الإجابة عن هذه الأسئلة ليست بالسهولة وإنما تحتاج إلى انتظار ريثما تختبر فاعلية بعثة الأمم المتحدة التي تقدر بمئة فرد والخطوات العملية التي ستقوم بها ومدى صدقية تعاون القوات الأميركية معها لانجاز بعض المهام التي ستوكل إليها. ولكن الأمر الأكثر إثارة للشكوك في نظر المراقبين هو أن تتحول بعثة الأمم المتحدة إلىي مدافع عن فشل سياسة الإدارة الأميركية في العراق وتتولى عملية الحراسة بدلا من القوات الأميركية لحفظ ماء وجه هذه القوات وربما لتسهيل انسحابها بالصورة اللائقة بدلا من صورة الهزيمة التي تحاول الإدارة الأميركية- البريطانية إخفاءها ولا سيما أن القرار من صنع أميركي- بريطاني..! |
|