تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


حملة أمريكية لإقالة بوش

الخليج
عالم الصحافة
الاثنين 3/9/2007
محمد خليفة

صوّت مجلس مدينة (ويست هوليوود) الأمريكية على مشروع قرار يدعو إلى عزل الرئيس بوش ونائبه ديك تشيني. وقال جون ديوران عمدة مدينة ويست هوليوود الواقعة جنوب ولاية كاليفورنيا, إن مدينته انضمت إلى ثمانين مدينة أمريكية أخرى نادت بعزل الرئيس بوش في إطار حملة قومية لحماية الدستور.

ويبدو أن حظوظ الرئيس بوش في البقاء في منصبه وإتمام ولايته التي تنتهي أواخر عام ,2008 قد أصبحت ضئيلة للغاية, وأصبح هناك احتمال كبير أن يتم إقصاؤه وتعيين شخص آخر مكانه يكمل ولايته, كما حدث للرئيس الأسبق ريتشارد نيكسون الذي أقصي عن الحكم عام 1974 بعد فضيحة (ووترغيت), وأكمل جيرالد فورد ولايته الرئاسية التي كانت ستنتهي عام 1977. لكن الرئيس الحالي بوش لن يُقال بسبب فضيحة معينة, بل بسبب اتخاذه قرار شنّ الحرب على العراق عام 2003. فهذه الحرب التي تم تصويرها في الولايات المتحدة والغرب, آنذاك على أنها حرب ضرورية لإنقاذ الحضارة والثقافة الغربيتين, قد أدّت إلى وقوع كارثة بالولايات المتحدة, لأن مجرياتها خالفت كل التوقعات.‏

فقد كان رجال الإدارة الأمريكية, ومن خلفهم المموِّلون الدوليون اليهود, يأملون أن تنتهي الحرب بسقوط نظام الرئيس صدام, وأن يصبح (العراق آمناً مستقراً تحت الهيمنة الأمريكية و(الإسرائيلية). غير أن الشعب العراقي فاجأ هؤلاء وفاجأ العالم أجمع بانتفاضته الباسلة لتحرير وطنه من هذا العدوان الظالم. فبدأت المقاومة وراحت تكبّد المحتلين خسائر فادحة في الجنود والمعدات والآلات, حتى وصلت الخسائر المادية الأمريكية في هذه الحرب حتى الآن 500 مليار دولار. بالإضافة إلى خسائر بشرية وصلت إلى عشرات الآلاف من الجنود والمرتزقة بين قتيل وجريح. ولم تفلح كل عمليات القتل المبرمج والمنظّم التي نفّذتها القوات الغازية بحق الشعب العراقي في إيقاف المقاومة, بل إن هذه الأخيرة ازدادت قوة ورسوخاً وازداد نشاطها في الأشهر الماضية باعتراف الغزاة أنفسهم.‏

وقد أصبح واضحاً أن الولايات المتحدة لن تحقق أي نصر في العراق, وأن عليها الرحيل من هذا البلد لكي تتجنّب المزيد من الخسائر. لكن إدارة بوش التي شنّت هذه الحرب لا تستطيع الاعتراف بالهزيمة, ومن ثم سحب القوات من العراق, لأن ذلك سيؤدي إلى محاكمة أعضاء هذه الإدارة, وعلى رأسهم بوش وتشيني, لمسؤوليتهم عن شنّ حرب غير ضرورية وفاشلة.‏

ومن أجل تجنيب بوش وأعضاء إدارته أية مساءلة قانونية أمام القضاء الأمريكي, ظهرت دعوات كثيرة في الكونجرس من الحزبين الديمقراطي والجمهوري, اللذين هما وجهان لعملة واحدة, تطالب بضرورة سحب الجيش من العراق. وقد ترافق ذلك مع إصرار بوش على أن المهمة لم تنته بعد وأنه يأمل أن يتحقق النصر في القريب العاجل. وفي مقابل تمسك الكونجرس بموقفه الداعي إلى إنهاء الحرب, فإن بوش تمسك بموقفه أيضاً, وكأنه أريد لهذين الموقفين في الكونجرس والبيت الأبيض, أن يصلا إلى نقطة التعارض بغير عودة, من أجل فتح السبيل أمام إقالة الرئيس بوش, وليس حلّ الكونجرس الذي يمثل السلطة التشريعية, في حين أن الرئيس يمثل السلطة التنفيذية.‏

وفي الدول الديمقراطية التي تدعي الولايات المتحدة أنها تنتسب إليها, وأنها قائدتها, ينبغي أن تخضع السلطة التنفيذية للسلطة التشريعية عند الضرورة, وليس العكس. ومن هذا المنطلق, بدأت في الولايات المتحدة حملة واسعة يقودها النواب وأعضاء الكونجرس للتوقيع على مشروع قرار لإقالة بوش. وقد صوّتت ثمانين مدينة أمريكية على هذا المشروع, ومن المتوقع أن تصوّت مدن وولايات أخرى عليه حتى يصار إلى إقالة الرئيس وأعضاء إدارته, ومن ثم يتولى الكونجرس تعيين رئيس آخر يكمل ولاية الرئيس الحالي. وسوف تكون مهمة الرئيس المقبل الوحيدة إصدار أمر بسحب الجيش الأمريكي من العراق, وإنهاء الحرب هناك. وبهذه الطريقة يتحاشى بوش وأعضاء إدارته المحاكمة, كما أنه يحفظ للولايات المتحدة ماء وجهها.‏

بيد أن العراق الذي سيصبح مكشوفاً من غير قوة, سيقع من دون أدنى ريب في قبضة إيران, لأنها أقوى وأكبر دولة إقليمية. وسوف تكون خسارة الولايات المتحدة عندئذ, مضاعفة. فبالإضافة إلى انسحابها المذلّ من العراق, فإنها ستخسر المعركة الاستراتيجية مع إيران أيضاً. فلن يكون بمقدورها بعد ذلك محاصرة هذه الدولة ولا بناء توازنات رعب حولها, كما كان الأمر أيام حكم الرئيس صدام حسين, بل إن المنطقة العربية كلها, ستنفتح على متغيرات كبيرة, وهذه المتغيرات ستدفع باتجاه ظهور زمن جديد ووجه جديد لهذه المنطقة.‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية