|
اقتصاديات تبدو المصارف العامة هذه الأيام ساحة الاختبار في تحرير النشاط الاقتصادي, إذ تعول الحكومة عليها في تمويل مشاريع التنمية وجذب المدخرات المالية وتحريك الاقتصاد, في الوقت الذي تتخوف أوساط اقتصادية من أن عملية تحديث التشريعات المالية والمصرفية لا تكفي ما لم تتم مواكبة هذه الأخيرة إصلاح الخطط المصرفية ومعالجة نقاط الضعف في السياسة المالية!! عملياً شهدت المصارف العامة مؤخراً تطوراً لا بأس به في أدائها المالي مدفوعاً بالبيئة الاقتصادية المحلية الملائمة بفضل تعديل مراسيم إحداثها وإعادة النظر بآليات القروض انعكس ذلك في تقديم الخدمة الجيدة وفتح قنوات جديدة للتوظيف وفي زيادة حجم القروض والودائع.. كما أن إمكانية دخول مصارف أجنبية جديدة إلى السوق السورية جعل المصارف العامة تؤسس لامتيازات مقارنة بوضعها السابق.. لكن الخوف الآن من أن تعجز هذه الأخيرة عن مواجهة تحديات المنافسة وتحرير الأسواق مستقبلاً. إفساح المجال ولعل أهم التحديات التي تعترض المصارف العامة العمل ضمن بيئة متقلبة تتأثر بالأحداث الاقليمية, والافتقار إلى التوسع الاقليمي وتأهيل الكوادر وتدريبها على استخدام الأدوات المصرفية والمالية الجديدة فضلاً عن مشكلة توظيف الودائع - علماً أن هناك 350 مليار ليرة سورية أموا ل تبحث عن توظيفات - وكيفية ابتكار قنوات توظيفية جديدة تنسجم مع رغبات المودعين والمقترضين! فمشكلة المصارف العامة تتعلق بكيفية إدارتها وفق المفاهيم الحديثة إضافة إلى معالجة وضع كل منها على حده.. دور أكبر ويراهن مصرفيون على أن المصارف العامة ستضطر - إذا بقيت على حالها - لضخ جزء من ودائعها في خزائن المصارف الخاصة بسبب عدم قدرة الأولى على توظيفها بشكل قروض في السوق ما يشكل عقدة للعمل المصرفي الذي يبحث عن وسيلة تتلخص بكيفية إعطاء دور أكبر للسيولة المتوافرة في دعم انطلاقة الاقتصاد.. لكن مستشار وزير المالية للشؤون المصرفية فاروق عياش لديه وجهة نظر مختلفة.. وبدا متحمساً للحديث عن تغييرات مهمة حدثت على الساحة المصرفية ولاسيما على صعيد المصارف العامة مؤكداً أنها تسير بالاتجاه الصحيح مع تعديل مراسيم إحداثها وأنظمة عملياتها ومع هامش الحرية الممنوح لها إضافة إلى إعادة النظر بآلية عمل القروض وتوفير الجهد والوقت من خلال إلغاء الكثير من التواقيع غير المبررة فضلاً عن عمليات الأتمتة المتوقع إنجازها بداية العام المقبل! فاروق عياش لم يخف استياءه من حجم التحديث الذي يواجه قطاع المصارف مع احتدام المنافسة, معتبراً أن المصارف العامة تعمل على التطوير منذ أربع سنوات فقط وتحتاج إلى وقت كاف للتطوير حيث اعتمدت وزارة المالية خطة لتطوير المصارف من خلال مراسيم احداث جديدة علماً أن مراسيم إحداثها لم تتغير منذ 30 عاماً, وتوفير الاعتمادات اللازمة لأتمتة العمل وتدريب الكوادر المصرفية وتأهيلها بأحدث العلوم المصرفية والتقنية). التحدي الأصعب وتواجه المصارف العامة مشكلة توظيف الودائع, وربما التحدي الأصعب هو كيفية ابتكار قنوات توظيف جديدة تنسجم مع رغبات المودعين والمقترضين, غير أن المستشار المالي اعتبر هذا الرقم (حكي جرائد) مشيراً إلى (أن الصحافة تتكلم دائماً عن وجود ودائع كبيرة في المصارف العامة دون توظيف, لكن هذه الودائع عبارة عن أموال المودعين ويجب أن يكون المصرف أميناً في توظيفها, ومع ذلك وبعد اعتماد المصارف قنوات توظيف جديدة لم تبخل على طالبي القروض بأي مبلغ إذا كانت أضابيرهم مستكملة. أما بالنسبة للقروض التي ترفض من قبل المصارف فهي قروض غير ذات جدوى اقتصادية أو أن بطاقة استعلام المقترض لم تكن دقيقة, في هذه الحالة فقط ترفض المصارف الإقراض حتى تتوضح شفافية المقترض. واعتبر عياش أنه بالرغم من أن هناك قسماً كبيراً من أموال المصارف بدأت تجد طريقها للتوظيف بشكل آمن إلا أنه ليس في المصارف العامة ذلك التكدس الكبير الذي تتداوله الأغلبية والتكدس ليس سببه المصارف بل المقترضون وعدم شفافيتهم وتزايد الودائع في هذه المصارف إنما هو دليل ثقة وليس العكس والمطلوب منها حالياً أن تتخذ مقرات جديدة وتجهيزات لائقة في شأن زيادة التوظيفات من خلال تخصيص الأموال مع احتدام المنافسة والأهم إعادة النظر بطبيعة عمل الكادر المصرفي من خلال منحهم طبيعة عمل خاصة. عياش دعا - في هذا السياق - إلى ضرورة إعادة النظر بقانون الشركات التجارية وقانون التجارة والتمويل وأنظمة التحكم ونظام محاسبي موحد وشفاف وإعطاء هامش أكبر للمصارف في تحديد أسعار الفائدة وتسهيل التعامل والإقراض بالقطع الأجنبي إضافة إلى زيادة العمل بتمتين الثقة مع العملاء وزيادة الودائع والتوظيفات وخصوصاً أن المصارف العامة ليس لديها نسبة كبيرة من الديون المشكوك فيها وذلك دليل على صحة عملها. وتوقع أخيراً أن يشهد القطاع المصرفي السوري نمواً في إجمالي الأرباح نتيجة زيادة الودائع مع نهاية العام بعد أن أكد أن المصارف لن تكون قاصرة بعد الآن. |
|