|
جون أفريك- بقلم: باتريك سيل وكأنهم لم يستوعبوا بعد درس عام 2003! وكأن الحرب الكارثية على العراق ليس فيها البرهان الكافي على نزوات ( المحافظين الجدد ) الذين يصرون على استخدام القوة الأميركية لزعزعة الأنظمة, وإعادة صياغة الأنظمة العربية لجعل الشرق الأوسط أكثر أمناً لاسرائيل والولايات المتحدة. وإن كان ثمة نظام يجب تغييره في المنطقة لتجنب نيران دوامة عنف, فهو ايهود أولمرت, ووزير حربه ايهود باراك, والاثنان شغلا منصب رئيس وزراء فاقد لمصداقيته. فقدها أولمرت بسبب حربه الخاسرة والكارثية التي شنها على لبنان عام .2006 وباراك بسبب عجزه انتهاز فرصة إقامة سلام مع الفلسطينيين وسورية عام 2000 , وبدلاًمن استيعاب دروس أخطائهم جيداً, يبدو أنهم وقعوا أسرى أفكار من نسج الخيال وهي توسيع بناء المستوطنات دائماً مهما كان رأي المجتمع الدولي. ويمكن القضاء على حركات المقاومة مثل حماس وحزب الله بالقوة, وبالعقوبات والحصار, ولأن إيران تشكل ( خطراً وجودياً ) ليس بالنسبة لإسرائيل, بل للعالم أجمع, ينبغي بأي ثمن إقصاؤها, حتى ولو بالقوة, وإسرائيل ليست مستعدة لإعادة مرتفعات الجولان إلى سورية, وتعتبر سياسة الردع هي المفتاح المضمون لأمن إسرائيل, والولايات المتحدة ستضمن لها تفوقها العسكري الكبير على العالم العربي. وثمة تناقض صارخ بين سياسة طمر الرأس في الرمال الإسرائيلية, وبين موقف الكثير من الدول العربية المتمسكة بالمبادرة العربية من أجل حل الصراع العربي - الإسرائيلي. حتى إن حماس عرضت على تل أبيب عقد هدنة بينهما أياً كانت فترتها. وتستمر اسرائيل وبتعنت رفض مد يدها إلى الأيادي الممدودة إليها, متمسكة بموقفها السلبي. وأكد الرئيس الفرنسي ساركوزي إلى نظيره الإسرائيلي شيمون بيريز خلال حفل عشاء أقامه له في باريس أن إقامة دولة فلسطينية مستقلة وديمقراطية قابلة للحياة, هو أفضل ضمان لأمن إسرائيل. ويدعو المجتمع الدولي أجمع إسرائيل إلى الالتزام بطريق السلام, فيما إسرائيل تصم أذنيها. وتشير استطلاعات الرأي الإسرائيلية إلى عكس خط سير الحكومة حيث ثلثا الإسرائيليين مستعدون للتخلي عن المستوطنات مقابل السلام, و64 % منهم يعتقدون أنه ينبغي على حكومتهم التحدث مباشرة إلى حماس, ولكن المسألة لا تتعلق بالرأي العام الإسرائيلي, بقدر ما هي طبيعة السياسة الإسرائيلية الحالية, حيث يتحكم اليمين الإسرائيلي المتطرف بقادتهم من خلال تهديدهم إسقاط الحكومة. ويطالبون بوقف المباحثات مع الفلسطينيين إن تجاوزت سقف ما يعتقدونه تبادلاً, وهو عقيم, ذلك ما يمنع اولمرت من اتخاذ مبادرات شجاعة من أجل السلام.. ومن هنا تنبع أهمية التغيير الحكومي العاجل, وعزز ذلك الأحداث الأخيرة التي شهدتها غزة, فقد عجزت العملية العسكرية الإسرائيلية الشرسة ضد القطاع من وقف اطلاق الصواريخ على اسيدروت ومستوطنات غيرها, بل أدت إلى مقتل 130 فلسطينياً جلهم من النساء والأطفال, والرد على مجازر غزة نفذه شاب فلسطيني ضد المدرسة التلمودية ميركاز هاآرف في القدس. ومن تبقى به بعض من عقل من الإسرائيليين مقتنع أن تلك العملية كانت متوقعة أكان ضد المدرسة أو ضد هدف آخر. والرئيس بوش الذي اكتفى خلال الهجوم على غزة بدعوة إسرائيل إلى ضبط النفس,وصف عملية القدس بالبربرية الكريهة واستنكرتها هيلاري كلينتون بوصفها (عملاً ارهابياً حقيراً), بينما وصفها باراك أوباما بالعمل الجبان والمخزي, وديفيد ميلباند الغر في مكتب الخارجية رأى فيها ( سهم مسدد ضد عملية السلام), ولكن أي عملية سلام? فهذه المدرسة هي مأوى للتطرف الديني الصهيوني, إنها مهد حركات الاستيطان والاحتلال. وعقب الحادث تجمع اسرائيليون غاضبون على صرخة واحدة ( الموت للعرب) وطالب عناصر من اليمين ببناء ثمانية مستوطنات في الضفة الغربية,وأذعن أولمرت إلى الطلب, وسمح ببناء 750 وحدة سكنية في القدس الشرقية, وبدون القدس الشرقية لا يمكن بناء دولة فلسطينية قابلة للحياة, وبالتالي لن تكون هناك عملية سلام, جديرة بهذا الاسم, وفي تلك الاثناء واصل باراك رفض أي فكرة وطرح لوقف اطلاق النار مع حماس مؤكداً ( أن العمليات العسكرية ستتواصل في قطاع غزة). وحالياً لا يمكن ترجي أي أمل من جورج بوش,وقد جرت السنوات الثماني التي قضاها في البيت الأبيض الكوارث والويلات لبلاده والشرق الأوسط, وهذا ما يفرض على الرئيس الأميركي المقبل إلى جانب الاتحاد الأوروبي تشكيل جبهة للقضاء على هذا الجنون, ومنح فرصة للسلام, بما فيه مصلحة للطرفين. |
|