|
فنون هؤلاء المنظرون تركوا أماكنهم في ساحات الإبداع, ليتربعوا على كراسي من جلد ميت محشوة بريش يمكن أن يتطاير بنفخة هواء .. هؤلاء تصدوا للتنظير تاركين مساحات مليئة بالخيال والحرية والإبداع سبق وأن عانقها بعض منهم لكنهم ,آثروا أن ينتقلوا إلى مصاف أخرى باردة الروح, لكنها تغري ببوقها الكبير .. ولعل الكثير منهم بعد أن ابتعد عن الحراك الإبداعي الحقيقي تخلى عن رائحة خشبة المسرح بعد أن كان أحد أقطابها فعلاً لا تنظيراً وقولاً , وآخر استبدل العرق المتصبب من جبهته جراء الإضاءة في موقع التصوير وتكرار المشهد ليكون أداؤه هو الأفضل, استبدل ذلك بتكبرٍ مصطنع, فكل فعل يقوم به هو الإبداع ذاته !!.. هؤلاء الذين لمعت في عيونهم فكرة (التنظير) باتوا أسرى لها حتى في منطقهم ,فابتعدوا عن الحقيقة والحميمية وكأنهم (شاهد ما شفش حاجة) فما معنى أن يجري فنان لقاءً تلفزيونياً لمدة ساعة يتحدث فيه عن انتقاده لكيفية تعامل الإعلام مع الفنان, وبعد أن تُطفأ الكاميرات يقول هامساً, إنه منذ سنوات كثيرة لم يقرأ صحيفة أو حتى كتاباً ? فأي تنظير انبرى ليمتطي صهوته أمام الجمهور وهو أصلاً ليست لديه فكرة عما يُنشَر أو يُقَدم ? وآخر بعد أن ترك المسرح واصطف ليشحذ نجوميته من أمام الكاميرات بات من منظري المسرح دون أن يعرف آلياته الآن, وهل تغير فيها شيء لا بل هل هناك محاولات وعمل جاد ?.. والأمثلة للأسف أكثر من القول :إنها بعدد أصابع اليد الواحدة .. وبالتالي أليس مثل هؤلاء هم شهود زورٍ ? أليسوا شهوداً لم يروا شيئاً, وإنما أتوا متسلحين بفكرة سلفية يحاولون قولبتها لتناسب أي زمان ومكان ? أليس من المحزن والمخزي أننا خسرناهم مرتين , مرة كمبدعين ومرة أخرى كمنظرين ? أليس الأجدى بهم أن ينفضوا عنهم غبار التعالي على الإبداع, ليستنشقوا مرة أخرى رائحة خشبة المسرح وتدغدغ جبهتهم من جديد حبيبات العرق أمام الكاميرا ?.. "> fmassad@scs-net.org |
|