|
ثقافة
بين العاصمتين السياسية والصناعية والسبل المؤدية إلى طريق الحرير عادت حلب الشهباء مؤمنة آمنة مكللة بالغار الذي اشتهرت بصناعة الصابون منه وغزول الحرير والأقطان ومقارعة العدوان.. صيحات الفرح تتعالى وتعزف موسيقا الموشحات والقدود الحلبية والطرب والفن الأصيل.. محطة القوافل التجارية يأوي إلى خاناتها بأحماله كل من يطلب الراحة والأمن والأمان بعد تطهيرها من رجس الإرهاب في كل مراحل التاريخ، وخان الحرير وخان الوزير وخان الجمرك وخان الصابون وخان البنادقة كلها تشهد.. على أسوارها اندحر الإرهاب.. عاصمة الثقافة الإسلامية تنفض عن كاهلها كل وهابية العالم القتلة آكلي الأكباد، ذابحي الطفولة من الوريد إلى الوريد، ومئذنة جامعها الأموي الكبير ترفع الآذان مع قرع أجراس الكنائس لتنبئ أهلها والعالم أنه عهد الأمن والسلام.. قلعتها الصامدة تروي قصص أقدم مدن العالم في التاريخ ووثائق ماري وإيبلا أنبأتا باللفظ الفعلي(حلبي) لتؤكد وجود حلب ولتصبح على لائحة اليونسكو للتراث العالمي، الطراز العمراني في حلب بتنوعه يدلل على تنوع الحضارات المتعاقبة فيها من سلجوقية وبيزنطية ومملوكية.. على أسوار مدينة حلب المنيعة تكسرت أساطير كل الطامعين الغزاة على مر العصور حديثها وقديمها واندحروا لتفتح حلب أبوابها التسعة مشرعة من جديد لكل عشاق النصر والرجولة والسيادة للأوطان(باب الحديد، باب أنطاكية، باب قنسرين، باب الفرج، باب المقام، باب الجنان، باب الأحمر، باب النيرب).. مئة وثمانون موقعا أثريا تحكي قصص الحضارات الإنسانية المتعاقبة تم توثيقه إلى الآن ضمن قاعدة بيانات خاصة بجميع المواقع الأثرية في مدينة حلب ومحيطها. بعد تحرير حلب لابد من تقييم كل الأضرار التي لحقت بالمواقع الأثرية والعمل على إعادة تأهيلها، ولابد من استعادة كل ما سرقه أحفاد العثمانيين الذين اعتادوا اللصوصية واحترفوها، ولابد من محاسبة كل من قام بالتنقيبات غير الشرعية والجائرة في مواقعنا الأثرية، ولابد لليونسكو من إعادة كل المسروقات من المقتنيات الأثرية الخاصة بحضارتنا السورية إلى متاحفنا وجذور حضارتنا. النهضة الثقافية والفكرية والفنية في حلب تاريخية كأوابدها وآثارها التي تدلل عليها، فأعلام الشهباء في الحقل الأدبي والديني والفلسفي والشعري والموسيقي الصفوة كالمتنبي وأبو فراس الحمداني والصنوبري وقبلهم البحتري ثم الكندي والفارابي وكشاجم وابن خالويه.. معنى حلب في اللغة السومرية(التلة المحدبة) أي قلعتها، وفي اللغة العمورية(الحديد والنحاس).. تاريخ حلب يعود إلى أكثر من عشرة آلاف عام مضت، من أقدم المدن المأهولة في العالم كان عمرها فوق الألف عندما نشأت روما.. تخطت رقاب الزمن حتى بلغت سويداء العصر الحجري، يشهد لها بذلك مااكتشف من مغارات، وما أظهرته حفريات باب الفرج في السبعينيات، فقد اكتشف في مغارة الخناقية الواقعة في حي السريان القديم مقاعد منحوتة في الصخر الحواري وشوهدت خلوات هي أشبه بغرف وعثر على آنية فخارية وأسلحة حجرية وعظام وشوهدت على جدران المغاور رسومات ونقوش لعصور ماقبل التاريخ أي قبل اختراع الكتابة.. مبارك نصر حلب..مباركة تضحيات جنودنا البواسل ومبارك صمود شعب حلب عبر التاريخ.. |
|