|
ثقافة سيرة أبو خليل القباني كانت عنوان امسية اقيمت في المركز الثقافي العربي بأبي رمانة. وخلال عرض مسيرة حياته تم تقديم باقة من الاغاني التي لحنها القباني بصوت كل من ظافر الجسري وملكيوناكي اللذين أبدعا في إحياء هذا التراث المتجدد.. وتحدث الاستاذ مصطفى عبد القادر عرب عن مسيرة حياة القباني الطويلة المليئة بالتعب والمعاناة زمن المتعصبين والمتزمتين حتى استطاع ان يوصل رسالته الفنية إلينا وما زال فنه ومدرسته منهلاً لعشاق هذا الفن حتى وقتنا الحاضر. وعدد المحاضر المراحل التي مرت بها حياة الفنان القباني. نشأته وتعليمه اسمه الحقيقي أحمد آقبيق من مواليد دمشق 1833 من أسرة ميسورة الحال. وبدأ بتحصيل علومه الاولى في المسجد الاموي فختم القرآن وهو في سن العاشرة وتعلم اللغة العربية على أصولها فذاع صيته بين الاساتذة والطلاب بذكائه وصوته الجميل الساحر. وعشق القباني مسرح خيال الظل والمسرحيات الغربية التي كانت تعرض زمن الوالي صبحي باشا , وحاول والده جاهداً ابعاده عن هذه الهواية لكنه مضى مصمماً في مشواره الفني. مرحلة ممارسة الهواية صار أكبر همه تأسيس مسرح في دمشق لمجموعة من الشباب الهواة الذين عشقوا التمثيل مثله. وفي عام 1865 بدأ خطوته الأولى فمثل بعض المشاهد التي حفظها من الفرق الاجنبية أما البعض الآخر فكانت من تأليفه وباعتبار ان المرأة زمن القبابي لم يكن لها مجال في دخول التمثيل فلجأ الى اعطاء الأدوار لبعض الشباب بعد ان يجري عليهم عملية المكياج لاظهارهم كأنهم نساء هذا ما أثار عليه سخط ابيه فطرده من البيت فامتهن عند خاله مهنة (القبان) ولزمه هذا الاسم ولكن هذه المهنة لم تقف في وجه طموحه فقدم العديد من ا لمسرحيات الغنائية الراقصة, حتى اصبح المتزمتون من الناس يهاجمونه ويعتبرونه مارقاً وتغير الحال عندما تسلم مدحت باشا ولاية الشام عام .1879 مرحلة الاحتراف كان لمدحت باشا الفضل في اسكات المتزمتين ا لذين هاجموا القباني وكان ظهور مسرح في دمشق ولادة لفن جديد وافد غير معروف من قبل, و انشغلت دمشق بهذا الحديث واقبلت الجماهير على حضور العرض وكان انجازاً غير مسبوق. فكانت (ناكر الجميل) أولى مسرحياته بالاضافة الى عنترة بن شداد وامسية الشعر وكان أول من اشرك النساء في العمل المسرحي بدمشق بعد ان استقدمهم من لبنان . واستغل المتعصبون نقل ولاية مدحت باشا من دمشق الى الطائف, فشنوا حملات متعصبة ضد القباني.وقدموا عريضة الى السلطان عبد الحميد, وقام الرعاع بحرق مسرحه وبقي ابو خليل مهاناً محروماً صفر اليدين الى ان زار دمشق المطرب الكبير عبدو الحامولي الذي شجعه على الرحيل الى مصر وذاع صيته هناك حتى دعاه القائمون على دار الاوبرا لتقديم اعماله على مسرحها ويقال انه أول عربي قدم اعمالاً مسرحية في دار الاوبرا المصرية. في امريكا وفي عام 1892 شاهد مجموعة من الاقتصاديين الامريكان عروضه المسرحية فأعجبتهم فوجهوا له الدعوة لحضور معرض كريستوف كولومبوس وعرض مسرحياته هناك وبذلك استطاع ابو خليل القباني ان يوصل فنه وابداعه للقارة الجديدة. ويعتبر القباني اول عربي عرف الغرب بفنون الشرق وعاد ابو خليل الى مصر ولكن الحاسدين احرقوا مسرحه عام 1900 وعاد بعدها الى دمشق بعد ستة عشر عاماً من العمل , الابداعي المتواصل. ولما عاد الى دمشق بدأ يقيم الحفلات الغنائية ولم يقترب من المسرح وتخلى عنه تماماً. وكان القباني رحمه الله نسمة عطر شامية الاريج خرجت من الشام عطرت وادي النيل فذاع صيته وأحب الشعب المصري فنه وصار حديثه على كل لسان وكان شأنه شأن كل مبدع وصار الحساد يختلقون الفرص للايقاع به وتلويث سمعته لأنه صار علماً من أعلام الفن الكبار بل رائداً للمسرح العربي والمسرح الغنائي العربي الحديث يحمل ارثا غنائياً متميزاً. وقد أخذ الموسيقار سيد درويش اسلوبه في تلحين الاغاني الشعبية التي اصبحت نموذجا للاغاني الحديثة والتي نهج الملحن فيها اسلوب التطوير والخروج عن رتابة اللحن والتكرار بحيث اصبح اللحن يعبر عن النص الذي يعالج معاناة الناس حتى اصبحت اغانيه رمز الثورة. فكان القباني مدرسة شاملة لمن بعده من الفنانين اذ أدرك ان اللحن يجب ان يعبر عن النص مثلما فعل السيد درويش من بعده بأن يعكس اللحن مجمل رؤية النص المكتوب بكامله وليس التوقف عند كلماته و التعامل معها بصورة افرادية. |
|