تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


هل تطوى صفحاته السوداء؟!

شؤون سياسية
الجمعة 19-12-2008 م
محمد كشك

يقول الناقد الأمريكي «مايكل بارينتي» في كتابه اختراع أو فبركة الحقيقة: إن تحديد من هو إرهابي ومن ليس إرهابياً أمر تقرره سياسة وسيلة الإعلام الذي تصفه،

فحرب العصابات الشعبية تصفها وسائل الإعلام الغربية عادة بالإرهابية بينما يوصف المرتزقة في أنغولا ونيكاراغوا وموزمبيق ممن توظفهم وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية C.I.A بالثوار، وهذه الوسائل تنعت عمل الدول اليسارية التي تدافع عن نفسها في وجه هؤلاء « الثوار» بـ إرهاب الدولة، ولاتستعمل هذا النعت لما تقوم به الولايات المتحدة من كبت للحركات التحررية الشعبية في العديد من الدول.‏

والشخصية التي جسدت الإرهاب الأمريكي بكل أبعاده وتطبيقه على المستوى العالمي هو جورج دبليو بوش.. فإذا تصفحنا صحيفة الرجل أي بوش طيلة الثماني سنوات الماضية لم تجد له أي شيء إيجابي ... ولم تجد سوى الغطرسة وازدراء الآخر، والتعالي عليهم واحتقارهم ،لم تجد إلا تهديداً ووعيداً لكل العالم ولكل من يعارض وإن لم تكن معي فأنت ضدي!! لم يكن هناك من بصيص أمل في أن يشرف أو يبيض وجه هذا الرجل، قيل ليس هناك شر مطلق أو خير مطلق - ولكنني أجزم بأن جورج بوش هو شر مطلق لا شك فيه ولاارتياب.‏

ما وجدت في ملفه إلا عنفاً ودماراً لم يسبق له مثيل في تاريخ العالم أجمع ويملي وجه البسيطة على الإطلاق، اعتقالات وتعذيب واغتصابات وعاهات مستديمة وأمراض نفسية وسرطانات وأمراض جديدة بسبب ما ألقي على العراق من قنابل محرمة تفشت بين الجنود الأمريكيين وبين أطفال العراق ومواطنيه مات أكثر من ثلاثة آلاف جندي أمريكي « هذه نتائج الاحصائيات الأمريكية» ولكن واقع الحال يقول: إن أكثر من ثلاثين ألفاً قتلوا في العراق وحتى الكوارث الطبيعية كانت في عهد بوش هي الأسوأ، فإعصار كاترينا كان أسوأ إعصار على أمريكا وكان الأسوأ منه إدارة أمريكا بقيادة بوش لهذه الأزمة بشهادة مواطنيه،ا كذلك تتضمن صحفات ملفه، تجسسه على مواطنيه في أول انتهاك واضح وفاضح للدستور الأمريكي علناً، إذ تصنت على محادثاتهم الشخصية عبر الهواتف في أول سابقة ابتدرها هو.‏

كذلك انهيار للاقتصاد العالمي طال كل الناس ودخل كل البيوت وجاب كل المدن، بفضل جورج دبليو بوش، فأي يوم كان هذا الذي أتى بك لتجثو على صدور العالمين، وتكيد لهم كيدك هذا بل أي يوم هذا الذي ولدت فيه فولد الظلم والقهر والاستبداد؟.. هذا الرجل الذي ليس له أي أياد بيضاء في أي مجال هو أحق بأن يقدم إلى المحكمة الدولية، وهو أحق أن تضم صفحات موسوعة «جينيس» للأرقام القياسية اسمه في القتل والدمار وسفك الدماء والتسبب في تعاسة الآخرين والكذب والتضليل والافتراء فقد كان يكذب ثم يكذب ثم يكذب وضلل ومازال حتى صدق نفسه وصدق كذبه هو ومن معه وشهد شاهد من أهله، هو كولن باول، إذ قال: (لم تتوفر لدينا معلومات جديدة حول أسلحة الدمار الشامل في العراق، وكان يتعين علينا استبعاد بعض المعلومات غير الدقيقة) (وغير الدقيقة هذه في قاموس الدبلوماسية تعني الكاذبة!!)... لقد وصفه ابن جلدته الصحفي المعروف «سيمور هيرش» بأنه كارثة حقيقية حلت بالولايات المتحدة الأمريكية أجل.. بل بالعالم أجمع، وكذلك مادلين أولبرايت الصهيونية المتطرفة وصفته بأنه من أسوأ الناس أي أنه أسوأ منها!! وبمثل ذلك أيضاً وصفه مارتن شولتخر رئيس المجموعة الاشتراكية في البرلمان الأوروبي، وعدد الذين يقررن بذلك لا حصر لهم... وبات العالم أجمع يدرك أنه ليس هناك من هو أسوأ منه !! وضمت ملفاته كذلك دعمه لحكام الصهيونية فاستباحوا الأرض والعرض - ولايزالون - ولم يسلم منهم لا بشر ولا شجر ولا حجر، ومنع بوش الاستقرار في الصومال بعد أن كان قاب قوسين أو أدنى لإنشاء دولة مستقرة على يد بعض القوى الوطنية فحرك بعض حلفائه ولوأدها في مهدها، تدخل كذلك في جنوب السودان وغربه حتى عمت الفوضى في ذلك البلد المتعايش منذ قرون مضت في سلاح وأصبح شراذم - دمر لبنان بحربه التي لا تبقي ولا تذر في مخاض عسيرحسب وصفه لتشكيل الشرق الأوسط الجديد فولد له ذلك الهزيمة والتقهقر في جنوب لبنان ولولا صمود المقاومة اللبنانية لكانت جزءاً من إسرائيل الكبرى اليوم.‏

هدد إيران واعتدى على باكستان ودمر قرى الآمنين في الحدود مع أفعانستان، حاصر كوريا الشمالية ولم تسلم منه ليبيا ولا اليمن!! شرع التعذيب في غوانتانامو وأبو غريب - دعم قوى الانفصال في العديد من بقاع الأرض، استعمل حق النقض لنصرة الظالم على المظلوم وبسبب تدميره للاقتصاد العالمي انهارت شركات ضخمة وبيوت استثمار عالمية، وفقد الآلاف وظـائفهم وذهبوا إلى الشوارع وأفلست بنوك عظيمة لها تاريخ تليد، وهكذا طويت صحيفة سوداء في البيت الأبيض، ويأمل العالم في أن تكون صحيفة القادم إلى البيت الأبيض بيضاء.‏

كاتب سوداني‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية