تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


كوبا بعد كاسترو .. وأي علاقة ستربط هافانا بواشنطن?!

شؤون سياسية
الأحد 24/2/2008
فؤاد الوادي

اليوم الغروب سيكون مزدوجاً في هافانا, وسيشعر الكوبيون ببرد شديد لم يعرفوه طيلة نصف قرن..

هذا الغروب الذي يرافقه غياب شخص بحجم كاسترو عن الحياة السياسية ستذكره كوبا طويلاً , التي لن تقبل بسهولة وجود شخص مكان زعيم الثورة و( أبو الامة الكوبية) حتى ولو كان هذا الانسان شقيق فيدل ورفيق نضاله راؤول كاسترو.‏

اليوم.. تنتخب الجمعية الوطنية الكوبية بنوابها ال 614 رئيسا للدولة الكوبية خلفاً للرئيس فيدل كاسترو ( 81عاماً) الذي اعلن في رسالة وداعية الى مواطنيه الثلاثاء الماضي استقالته من منصب الرئاسة بعد أن حكم كوبا طيلة 49 عاماً, وبعد ابتعاده عن السلطة زهاء 19 شهراً بسبب المرض.‏

والمرجح الابرز المتوقع لتولي هذا المنصب هو راؤول كاسترو (76عاماً) المسؤول الثاني في النظام وعلى رأس وزارة الدفاع منذ العام 1959 ويتولى السلطة بالنيابة عن كاسترو منذ 31 تموز 2006.‏

وفي حال رفض راؤول تسلم مقاليد الحكم , فإن كارلوس كاسترو (57 عاما) الاخ الاصغر لفيدل وأحد نواب رئيس مجلس الدولة الخمسة , سوف يكون المرشح الاقوى لهذا المنصب وسواء تولى الحكم راؤول اوكارلوس , فمن المؤكد أنه لن يطرأ أي تغيير جذري على الحياة السياسية الكوبية على الصعيدين الداخلي والخارجي , ذلك ان كلا الرجلين قد تخرج من مدرسة كاسترو, وسيحافظ خليفة كاسترو على الارجح على اتباع النموذج الصيني لادارة البلاد لمواجهة الحصار الاقتصادي المفروض على كوبا منذ عقود.‏

وعلى الرغم من أن تخلي كاسترو عن الحكم حدث توقع المحللون منذ مدة, إلا أنه أرخى بظلاله على كوبا والعالم وتباينت ردود الفعل على هذا الحدث الهام الذي ترتبط اهميته بأهمية صاحبه الذي شغل العالم قرابة 50 عاما.‏

وكاسترو الذي قال في رسالته الوداعية : ( كنت أرغب في اتمام واجبي حتى الرمق الاخير) اصبح رمزا لكل المناضلين والثوار في العالم بسبب تحديه ومواجهته لكل السياسات والمخططات الامريكية التي كانت تحاول دوما وضع كوبا في المدار الامريكي , وهو ما جعله عدو أمريكا الاول التي حاكت أكثر من 600 مؤامرة لاغتياله واذا كان الحصار الامريكي لكوبا قد منع كاسترو من الارتقاء ببلاده نحو الافضل واقامة مجتمع مزدهر واقتصاد قوي .. فإنه قد منحه صفة الاسطورة التي سيخلدها التاريخ.‏

وقد مرت العلاقات الامريكية- الكوبية بالعديد من الازمات الشهيرة التي شكلت منعطفا هاما في شكل تلك العلاقات نذكر منها :‏

- أزمة خليج الخنازير ( ازمة الكاريبي):‏

في نيسان عام 1961 حاولت الولايات المتحدة في عهد الرئيس الامريكي جون كنيدي اسقاط الحكومة الكوبية من خلال تجنيد جيش خاص من الكوبيين المنفيين لاجتياح جزيرة كوبا , إلا ان القوات الكوبية تمكنت من ردع المهاجمين وقتل العديد منهم واعتقال نحو الف شخص.‏

- أزمة الصواريخ:‏

في تشرين الاول 1962 اكتشفت المخابرات الامريكية ان السوفييت يبنون قواعد لصواريخ هجومية في كوبا بهدف حمايتها من اي محاولة امريكية لغزوها , واعتبر الرئيس الامريكي كنيدي ان وجود صواريخ للمعسكر الشرقي على بعد أقل من مئة ميل من حدوده يعتبر تحدياً واستفزازا متعمدين , فأمر البحرية الامريكية بمحاصرة جزيرة كوبا براً وبحراً واصبح العالم على حافة حرب نووية لكن التدخلات أدت الى فك الحصار مقابل وعد سوفييتي بتفكيك تلك الصواريخ .‏

حرب كلامية مع اسرائيل:‏

كما نشبت ازمة حادة بين اسرائيل وكوبا في الخامس من شهر شباط الجاري اثناء جلسة الامم المتحدة بعدما هاجم السفير الكوبي لدى الامم المتحدة السياسة الاسرائيلية وحملها نتيجة تردي الاوضاع في غزة وأدان في خطابه الذي ألقاه باسم دول عدم الانحياز السياسة الاسرائيلية تجاه الفلسطينيين .‏

وبدأ الاستياء الاسرائيلي بحسب صحيفة ( يديعوت احرنوت) بعد ان ألقى السفير الكوبي كلمته وطالب السفير الاسرائيلي على الفور رئاسة المجلس بالرد الذي تساءل خلاله ماذا تمثل مجموعة عدم الانحياز بعد انتهاء الحرب الباردة?!‏

ختاما.. نستذكر قول الباحث الفرنسي بيير ريجولو مدير معهد التاريخ الاجتماعي بباريس في كتابه ( غروب الشمس على هافانا)..‏

الشيء المؤكد هو انه سواء أكان كاسترو موجودا أو غير موجود فإن طيفه سوف يظل يحوم فوق كوبا لفترة طويلة من الزمن , لانه لا أحد يستطيع الحلول محله بصفته شخصية اسطورية حكمت البلاد طيلة نصف قرن .. ولا احد يستطيع ان يحل محل أب الامة الكوبية ومؤسسها ومدشن النظام الاشتراكي فيها , وستكون العلاقة مع واشنطن كما هي لأن رموز الثورة الكوبية لا يزالون يديرون دفتها‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية