تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


المسرح الجامعي على أبواب الأربعين... مختبر الكبار وشغف الشباب

شؤون ثقا فية
الأحد 24/2/2008
بشار الفاعوري

الحديث عن المسرح الجامعي يطول بحكم تاريخه الطويل الذي قارب على أربعة عقود من الزمن, ويعتبر أهم رافد للحركة المسرحية و الدرامية

في بلادنا, فأغلب الأسماء التي تخرجت منه باتت نجوماً الآن, سواء أكانوا كتاباً أم ممثلين , ولعل أهم ما ميز النشاط المسرحي الى الآن هو الحب والهيام لهذا الفن الرفيع القريب من الناس, والذي طغى على نقص الامكانيات المادية والصعوبات الأخرى التي تواجهه, هذه ليست كل الحكاية وإليكم الحكاية من البداية:‏

بداية يمكن لنا تقسيم حياة المسرح الجامعي الطويلة الى ثلاث مراحل أساسية ابتدأت بالمرحلة الأولى الناضجة والتي تميزت باختيار نصوص وذات توجهات فكرية تقدمية عن طريق استقطابها لأسماء وكتاب كممدوح عدوان وحسيب كيالي ومخرجين مهمين كفواز الساجر ونائلة الأطرش, كما تميزت بالحضور الجماهيري الواسع ابتداء من المسؤول وانتهاء بالانسان العادي.‏

وبعد مسرحية ليل العبيد لممدوح عدوان, توقف المسرح لمدة سنتين فتفرق شباب الفرقة وذهب كل منهم في طريق سواء الى المسرح القومي أو الى التلفزيون, ليتم احداث تطورات تمثلت بتولي المكتب التنفيذي الاشراف على فرقة المسرح الجامعي ويسدي خدماته بدلاً من المكتب الاداري وهذا ناتج عن تطور الحياة الجامعية واحداث جامعتي البعث وتشرين لتبدأ المرحلة الثانية وتشكيل فرقة جديدة عملت دورات اعداد الممثل اضافة الى انشطة تطبيقية ألقى فيها الاساتذة علي عقلة عرسان توفيق المؤذن وفرحان بلبل, فأنتجت هذه الدورة كوادر مسرحية ذهبوا من خلالها لاقامة فرق في مدنهم ويستمر هذا المسرح في التقدم والنجاح.‏

بعد انتقال المهرجان المركزي من دمشق الى المحافظات الاخرى فقدت الفرقة بريقها لأسباب تتعلق ببعد المهرجان عن دمشق لأن فيها الاعلام والنقاد الذين يراقبون عن كثب الاخطاء التي تحدث سواء في اختيار النصوص او الاخراج, جانب آخر يتعلق بأنه يوجد في العاصمة مسارح محترفة مناسبة وواسعة وتقنيات مسرحية عالية على عكس المحافظات التي تكون خشباتها ضيقة وبتقنيات بدائية لا بد ان نشير هنا ان اهم النصوص المعروضة وفي المرحلة الاولى هي من انتاج مسرح دمشق الجامعي, وفي المرحلة الثانية بعد احداث المهرجان المركزي كان لدمشق المكانة الأولى لينتقل بعدها الى المحافظات الاخرى.‏

الواقع الراهن‏

بعد هاتين المرحلتين لم يسمع شيء عن المسرح الجامعي رغم انه حافظ على صفة الديمومة والاستمرارية مع عدة سنوات من الانقطاع , ولا نسقط هنا تجارب اخراجية وتأليفية لمجموعة من الشباب الجامعيين كأمجد طعمة الذي أخرج خمسة عروض, فابتعد هذا المسرح عن لغة النقد والشهرة المحلية, وربما هي اسباب تتعلق بضعف الاستراتيجيات التي رسمها لنفسه والتي ساهمت في تغييبه عن الساحة او قلة الامكانيات المتاحة, على كل حال يمكن القول ان المرحلة الثالثة بدأت بالظهور في مطلع الالفية الجديدة.‏

يتجه به الى آفاق حملت سمات المرحلة الأولى والثانية وصنعت اشياء لم تعملها مرحلة السبعينيات ولا حتى مديرية المسارح فكان لقاؤنا مع الخولي ليطلعنا عن أهم ما حصل للمسرح الجامعي بعد الانقطاع الطويل . أميز نشاط للمسرح الجامعي هو مهرجانه المقام سنوياً في احدى المحافظات السورية بالتناوب من حيث المكان ولعل أهم ما عمل للمهرجان المركزي مجموعة من الخطوات لا بد من ذكرها كاختيار النصوص ثم اقرارها من قبل لجنة مختصة لفترة تقارب الشهرين ثم اعطاء مساحة زمنية لتحويل النص الى عرض مسرحي وتمتد الى أربعة اشهر , وبعد الانتهاء من البروفات على العروض والاعلان عن جاهزيتها تشكل لجنة مشاهدة تقوم بجولة على العروض المنتجة في الفروع ويتم انتقاء بعض منها للمشاركة في المهرجان المركزي على أساس السوية الفنية وهذا لا يعني ان العرض المسرحي الذي انتج ولم يشارك في المهرجان انه ممنوع من العمل بل نعطيه فرصة العرض في الجامعة,والمكان الذي انتج فيه ,بعدها تشكل للمهرجان المركزي لجان تحكيم متخصصة ويتم الاستناد في منح الجوائز والدرجات وفق أسس ومعايير علمية ولكل من يمتلك عرضه مواصفات فنية وفكرية ممتازة فضلاً على ان العروض المنتجة هي حديثة الولادة انتجت خصيصاً للمهرجان ولم تشارك بعرض سابق وعلى أساس هذه النوعية و السوية الفنية يمكن ان نعيد نهضة المسرح الجامعي.‏

معايير الحكم‏

وعن المشاركات سواء الداخلية أو الخارجية يضيف الخولي نعتقد ان أحد أهم معاييرنا للحكم على سوية العرض تكون من خلال المهرجان فنحن شاركنا في مهرجان دمشق للفنون المسرحية والرقة , وحمص والشباب ونشارك عندما تأتينا دعوات من مهرجانات خارجية ففي السنة الفائتة حاز عرض ( رياح الحريق) لفرقة جامعة تشرين المرتبة الاولى وجائزة افضل ممثل في مهرجان (المينستير) وفي هذا العام اتتنا أكثر من ثلاث دعوات من ايران واسبانيا وسويسرة.‏

أما اذا كان هناك مقارنة في ا لمرحلتين الاولى والثانية والآن سواء من حيث النصوص والكتاب والجرأة يقول مدير المسرح الجامعي ( الشكل والمضمون الحاليين للمسرح الجامعي هو الاستمرارية الذي بدأ على أيدي مجموعة من الرواد وما زلنا نواكب مسيرتهم ونهجهم مع فارق ان العرض المسرحي بشكل عام سواء, الجامعي ام القومي او غيره قد تطور فهناك استفادة من أساليب الاخراج والتقنية, وربما هي لم تكن متاحة في زمانهم ايضا على مستوى الفكر الذي تحمله العروض هو نفسه فكر السبعينات باعتبار ان الهم الانساني واحد, اما الشكل الفني فإن الشباب العاملين يستفيدون من تقنيات تتاح لهم فيمكن ان تكون بعثة خارجية او تأسيس ورشة عمل خارج القطر وبالتالي كل الخبرات المكتسبة يصبونها في بحر المسرح الجامعي , ايضا مجموعة من الطلاب أتوا الى المعهد العالي للفنون المسرحية من المسرح الجامعي كعاصم حواط وفؤاد حميرة, وأمجد طعمة فما زال مسرحنا يرفد الحركة المسرحية والدرامية السورية بمجموعة من المواهب والاسماء.‏

أما من ناحية الجرأة فما زلنا نملكها بل ان من يشاهد الجرأة المطروحة على مستوى الشكل والمضمون في المهرجان المركزي يرى بوضوح من خلال شهادات لجان التحكيم المحترفة ان جرأة مسرحنا تتجاوز المسرح القوي وخاصة ان العاملين هم من الشباب الذين يملكون الاندفاع والحماسة والرغبة في التغيير وأقصد بالجرأة هنا طرح الاشياء الملامسة للواقع لأن العرض المسرحي لا يهدف للتشهير بهذا الواقع وانما طرحه رغبة في تغييره وهذا يتبين من خلال اغلب العروض التي تتناول تلك الاشياء بقالب فني مع مضمون فكري جميل.‏

تلك الاجابات تقودنا الى سؤال مهم هل المسرح الجامعي بدأ يتطور ?ويوضح الخولي ذلك (المهرجان بدأ يصل الى صيغة من الاستقرار واعتقد ان الأسس التي وضعت منذ ست سنوات اذا تم الاستناد اليها وتطويرها في المرحلة القادمة اعتقد بأنه سيكون لمسرحنا عودة لائقة في حياة المشهد المسرحي السوري الذي يعاني فقط من قلة تسليط الضوء عليه, وفي الدورات الاخيرة أسسنا لمنح جائزتين معنويتين , واحدة باسم الدورة واخرى باسم المكرم.‏

اتحاد الطلبة : إدارة للإشراف‏

بدورنا توجهنا الى رئيس مكتب النشاط الفني والاجتماعي السيدة شيرين اليوسف التي ذكرت ان الخطوة الاساسية في استراتيجيتنا كانت في انشاء ادارة للمسرح تشرف على كل الخطوات اللازمة لانتاج عرض مسرحي لائق مع سابق الاصرار على السوية الفنية والفكرية, بالاضافة الى سعينا الدؤوب لجعل النشاط المسرحي أحد الركائز الكبيرة في عمل مكتب النشاط الاجتماعي.‏

المعوقات مادية‏

أما عن أهم المعوقات المطروحة أمام هذا المسرح أضافت اليوسف لعل الامكانيات المادية المرصودة لهذا النشاط خاصة في الفروع هي من أهم المعوقات وغالباً ما يكتفي الفرع بانتاج عرض مسرحي واحد لتعدد النشاطات الفنية الأخرى, كما ان غياب أماكن العرض يشكل عائقاً هاماً بالاضافة الى انصراف العاملين في المسرح الجامعي الى شؤونهم الخاصة بعد تخرجهم أو انتقالهم الى العمل الفني المحترف وهذا لا يعني ان الاتحاد لا يقدم الدعم بل على العكس يدعمه بحدود امكانياته والمهم ان هذا النشاط ما زال مستمراً ويتطور الآن بحكم عروضه في السنوات الاخيرة ومشاركاته في المهرجانات المحلية والعربية والدولية والتي غالباً ما تنال هذه العروض الجوائز الاولى وهذا دال على قدوم المسرح الجامعي بقوة على الساحة المسرحية السورية بعد سنوات طويلة من الازدهار والانقطاع .‏

شهادات‏

فرحان بلبل : كان قوياً‏

بعد عروضه القوية في المرحلتين الأولى والثانية , فجأة انحدر المسرح الجامعي انحداراً كبيراً فصار يعتمد على مخرجين من قارعة الطريق وتحول الى مهرجان يضم عدداً من العروض الضعيفة فخسر دوره الريادي, ويبدو ان الاتحاد الوطني لطلبة سورية اعاد النظر في وضع هذا المسرح واعادته الى بنائه السابق بشروط وخصائص تناسب ما وصل اليه حال المسرح السوري فتحول المهرجان من مجرد عروض ضعيفة الى عروض تتلمس الشكل الفني الجميل في الفترة اللاحقة لتصبح معلماً من معالم الحركة المسرحية السورية الجديدة‏

نضال سيجري: بدأ يستعيد مكانته‏

من كم سنة قريبة بدأ المسرح الجامعي يأخذ مكانه المعتاد على الساحة المسرحية ومن خلال مشاهدتي لأعماله فهي لا تقل أهمية عن الحراك المسرحي خصوصاً بعد تولي ماهر خولي ادارته والذي اعطاه في مرحلته الاخيرة نقلة نوعية مؤسسا لحالة مسرحية يغلب عليها الخطاب الثقافي ولكن الملاحظ ان التطور بطيء لكنه مهم ولعل أهم ما ينقصه الانتاج وبحاجة الى دعم مادي اكبر في الجامعة ومن قبل المسؤولين فالامكانيات والافكار موجودة.‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية