|
دراسات على وجه الخصوص لايمكن إلا وأن يسّر العدو ويحزن الصديق ويشكل هذا المشهد البائس وضعاً لم يسبق له مثيل في تاريخ النضال الوطني الفلسطيني ضد المشروع الصهيوني منذ أكثر من قرن من الزمن، والذي يتجلى في الانقسام السياسي والجغرافي وفي سلوك غير مفهوم يعزز هذا الانقسام عوضاً عن العمل لإيجاد الحد الأدنى للتوافق على خلفية الثوابت المبدئية الوطنية الفلسطينية التي يعلن الجميع عن تمسكهم بها. إن هذا المشهد الفلسطيني البائس الذي ينعكس سلباً عن صورة مقاومة هذا الشعب وصبره وتضحياته ويهدد مصير الشعب الفلسطيني وقضيته المقدسة، بضياع ما حققته عدالة القضية الفلسطينية على المستوى العالمي حيث ترى في الكثير من دول العالم العلم الفلسطيني والكوفية الفلسطينية يدخلان البيوت في كل مكان تقديراً واحتراماً لشجاعة وإصرار هذا الشعب على التشبث بوطنه وبحقوقه المشروعة ومقاومته الباسلة للوحش الصهيوني العنصري الذي يمارس أبشع المجازر ضد كل فلسطيني من الأطفال والشيوخ والنساء والرجال ويقوم بالتدمير المبرمج لكل مقومات الحياة في غزة وبقية الأراضي الفلسطينية المحتلة ويهدم المنازل ويسيطر على مصادر المياه ويصادر الأراضي التي تتضاعف بشكل مخيف ويقيم المستوطنات ويعمل لتهويد ما استطاع من أرض في الضفة عموماًَ والقدس بشكل خاص، ويجري كل ذلك من أجل خلق المقدمات الهادفة إلى إركاع هذا الشعب واستسلامه بالجوع والموت البطيء لإرغامه علىالهجرة من كل فلسطين بشكل طوعي أو قسري وعلى مراحل، وإذا كان الكيان العنصري الصهيوني يمارس هذه السياسة الإحلالية، فهل يمكن فهم أو قبول ما يجري داخل الساحة الفلسطينية من انقسامات تطول الجميع؟!. إن حالة الانقسام بين الفصائل الفلسطينية وفشل الحوارات بين الفصائل المتصارعة رغم تأجيلها عدة مرات توحي أن المعايير الوطنية للحوار لم تراع بالقدر الكافي ، في الوقت الذي يحتاج فيه الشعب الفلسطيني إلى أقصى التزام بهذه المعايير لأنها هي الأساس لنجاح أي حوار فلسطيني - فلسطيني، ولعل مضمون الحوار ذاته يحتاج إلى قدر كبير من الوضوح في الرؤية ومراجعة نقدية للمراحل السابقة وتشخيص دقيق لواقع الحال الفلسطيني والعودة إلى المفاهيم الأساسية لاستراتيجية المقاومة بكل أشكالها وفق آليات وبرامج لا بد من التوافق عليها والتي سقطت أهم مفرداتها في اتفاق أوسلو. إن الانخداع باللعبة السياسية التي تمارسها إسرائيل لا يتناسب مع كفاح الشعب الفلسطيني من أجل تحرير أرضه استناداً إلى حقه الثابت والعادل في أرضه والالتزام بحق العودة المقدس، وقيام دولة فلسطينية مستقلة فعلاً تضمن حق تقرير المصير بإقامة دولة يقرر شكلها وتوجهاتها الشعب الفلسطيني نفسه، وتكون عاصمتها القدس وكل مراهنة على كرم أعداء الشعب الفلسطيني سواء الكيان الصهيوني أم الولايات المتحدة ليست سوى سقوط في الوهم الذي لم يجلب لشعب فلسطين إلا خيبات الأمل وتعميق الخلافات والصراعات العبثية بين أبناء الصف الواحد الفلسطيني. فالثوابت الوطنية التي لا يمكن أن تكون ورقة للمساومة هي الوحيدة القادرة على إعادة اللحمة بين الفلسطينيين ولايملك أي طرف الحق بالتنازل أو التفريط بالتراب الفلسطيني، وبالثوابت الوطنية والمتمثلة بوحدة الشعب والأرض وإقامة الدولة المستقلة وقدسية قضية فلسطين، والالتزام بهذه الثوابت هو المخرج الوحيد للأزمة الراهنة التي تزداد عمقاً وخطورة واستفحالاً كلما جرى الابتعاد عن هذه الثوابت، وبقدر الحرص على هذه الثوابت الوطنية فإن الأمل يصبح مشرقاً في الخروج من نفق الخلافات والصراعات العبثية المظلمة وهي الأساس للوحدة الوطنية الحقيقية بين جميع الفصائل الفلسطينية. لقد استجابت الدول العربية للمبادرة السورية لإنقاذ أبناء غزة المحاصرة والجائعة والتي تحتاج أكثر من أي وقت من الأوقات لإنهاء حالة الانقسام الحالي وتوقيف التصعيد الإعلامي الفوري والوقوف على مسافة واحدة من الأطراف المتنازعة ووضع أطر أمام طرفي النزاع وترك مسألة الاتفاق لهما مع وجود سقف زمني للحوار، ولابد من مشاركة الجميع وبحقوق متساوية في الحوار الوطني وعرض كل طرف لوجهة نظره كأساس لتجاوز الأزمة الحالية، ما يؤدي بالضرورة إلى خلق قوة فلسطينية موحدة قادرة على الوقوف في وجه المذابح الصهيونية بحق شعبنا الفلسطيني في غزة وفي الأرض الفلسطينية عموماً وبالوحدة الفلسطينية يمكن إرغام إسرائيل على الالتزام: أولاً: بوقف أي إجراء استيطاني في القدس والضفة. ثانياً: إزالة المواقع الاستيطانية في الأرض الفلسطينية المحتلة. ثالثاً: رفع الحصار الجائر والوحشي عن قطاع غزة. إن هذه المطالب العادلة والمشروعة العاجلة تمهد الأرضية لتلبية الحقوق الوطنية الفلسطينية الاستراتيجية الكبرى، وكل نجاح فلسطيني مرتهن باستعادة وحدة الشعب الفلسطيني التي تشكل الأساس المتين لأي انتصار كبير للقضية الفلسطينية عموماً. |
|