تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


النووي الإيراني في النقاشات الاسرائيلية

دراسات
الأحد 14-12-2008
علي سواحة

رغم مظاهر الاسترخاء التي أبدتها الأوساط الإسرائيلية واليهودية الأميركية إزاء وصول باراك أوباما إلى البيت الأبيض إلا أن هذه الأوساط لا تألو جهداً في الاستعداد للأسوأ والأيام هذه تشهد أصواتاً عالية داخل تلك الأوساط لوجوب

أخذ «إسرائيل» جانب الحذر في كل ما يتعلق إزاء ما يمكن أن تقدم عليه إدارة أوباما في معالجة الملف النووي الإيراني دبلوماسياً وبالتالي استبعادها خيار الحل العسكري كما تحبذه «إسرائيل».‏

إيهود أولمرت والعديد من المسؤولين الإسرائيليين ناقشوا مع إدارة بوش احتمالات فتح مفاوضات مباشرة بين إدارة الرئيس أوباما وإيران بعد تسلم الرئيس الجديد مهامه في البيت الأبيض في كانون الثاني المقبل وإن الإسرائيليين يبدون قلقهم في كل مناسبة من التصريحات الصادرة عن أوباما أو عن فريقه من أنهم لن يطرحوا شروطاً مسبقة للحوار مع الإيرانيين ولطالما أبدى الإسرائيليون رغبتهم الشديدة في أن يشاركوا في أي مفاوضات بين الغرب عموماً وإيران بشأن تجميد تخصيبها لليورانيوم كما يطالبون بذلك وهم سارعوا من جانبهم أيضاً في سياق ذلك وكجزء من خطتهم لتطويق أي احتمالات لإدارة أوباما مع طهران لتشكيل أربعة طواقم عمل في وزارة الخارجية الإسرائيلية لقيادة حملة دبلوماسية «إسرائيلية» ضد إيران في العالم. وحشد الرأي الغربي بشكل خاص ضد خطورة ما يسمونه بالتساهل الغربي الأميركي المحتمل مع إيران أبرز بنود هذه الخطة تحفيز الغرب على عدم وثوقه بأي حلول إيرانية قد تقدم إليهم ولا سيما ما يخص استعداد طهران لتجميد متبادل لتخصيبها اليورانيوم مقابل تجميد الغرب للعقوبات عليها ودفع الغرب بشأن إرغام إيران على وقفها النهائي للتخصيب بدلاً من تجميده لفترة زمنية محدودة، ولهذا بدأت «إسرائيل» تنفيذ خطتها وأوعزت لأطقمها الأربعة بالتحرك على مختلف المستويات والاتجاهات للعمل مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية والأمم المتحدة للدفع نحو مقاطعة شاملة للمصارف الإيرانية وتشديد الرقابة على الأموال الإيرانية في المصارف بالخارج وإثارة أيضاً مسألة حقوق الإنسان المزعومة في إيران، إضافة إلى حملة إعلامية مركزة لتتناول من جديد خطورة ملف إيران النووي على المنطقة والعالم والغرب بشكل خاص، حتى إن الأوساط الإسرائيلية في الداخل ذهبت من جديد إلى تحذير الحكومة الإسرائيلية من الاتكال على الإدارة الأميركية الجديدة لمعالجة الملف النووي الإيراني ليس على الطريقة التي تخدم بالطبع التوجه والخطط الإسرائيلية العدائية ضد إيران. وترى تلك الأوساط الإسرائيلية على مختلف انتماءاتها من يمينية ودينية أن على «إسرائيل» ألا تراهن على دور أميركي في عهد الرئيس أوباما يضمن لها معالجة أميركية أوروبية حازمة مع إيران ويعزون ذلك بسبب عدم قدرة إدارة أوباما على القيام بما يرونه ضرورياً من وجهة نظرهم حيال طهران لانشغال هذه الإدارة الجديدة في الأزمة المالية والاقتصادية التي تعصف بأميركا ناهيك عن انشغالها في الأزمة العراقية والأفغانية التي تصارع قواها وتبعثر قدراتها وهي لذلك أي الإدارة الأميركية الجديدة لن تستطيع أن تتحمل المزيد من الهموم والأزمات الجديدة التي تثقل كاهلها من جديد.‏

وإذا كانت «إسرائيل» التي أطلقت في هذا السياق الكثير من التصريحات التي تلوح بأنها ستبادر إلى معالجة الموقف عسكرياً لوحدها فيما إذا لم تشاركها سواء إدارة الرئيس بوش أو إدارة الرئيس أوباما هذا التوجه العسكري حيال طهران فهي أي «إسرائيل» هي إلى اليوم التي وإن تراجعت لغة تهديداتها الانفرادية العسكرية العلنية لا تزال تلهث على مختلف المستويات كي تنقل هذا الملف من إدارة الرئيس بوش إلى إدارة الرئيس أوباما كي يكون في صدارة أولوياته بسياسته الخارجية، وهي لذلك أي «إسرائيل» هي المتهم أولاً بالفريق الذي شكله أوباما وتعمل على أكثر من صعيد كي تشحذ هممه لتبني الرؤية الإسرائيلية العدوانية في معالجة الملف النووي الإيراني. كذلك من الخطط التي كشف عنها المعلق الإسرائيلي في صحيفة هاآرتس الإسرائيلية بشأن انتظار الأسوأ من إدارة الرئيس أوباما حيال استبعادها العمل العسكري تجاه إيران هو اللعب على ورقة التفاوض مع سورية والفلسطينيين أي محاولة إيهام العالم بأن «إسرائيل» التي تمد يد السلام المزعوم مع الأطراف العربية وتنشد العيش بأمان معهم تطالب العالم أيضاً أن يبادر مقابل هذه الخطوة الإسرائيلية بخطوة مقابلة لمعالجة الخطر الإيراني المزعوم والتصدي له بشكل حاسم وسريع. ويرى قسم كبير من الإسرائيليين أن هذه الخطة هي الأوفر حظاً لتعاطف الرأي الغربي عموماً معها وتحقيق هدفها الاستراتيجي في إعادة تجنيد ما أمكن من الرأي العالمي ضد إيران على حساب إيهام العالم بسعيها المخادع للسلام مع العرب.‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية