|
مجتمع الجامعة كخطة بناء القدرات، وخطة البحث العلمي، والخدمات التي تقدمها الجامعة للمجتمع، والعلاقة بين الجامعة وسوق العمل . كذلك تواجه منظومة التعليم العالي حاليا تحديات كبيرة على مستوى التخطيط الاستراتيجي ورسم السياسات. فهناك حاجة ملحة، على سبيل المثال، لرسم سياسة قبول جامعي جديدة تتسم بالإنصاف والمشاركة الواسعة وتستند إلى التوقعات المستقبلية المستمدة من خطط التنمية الاقتصادية وحاجات سوق العمل. وهناك حاجة ملحة لوضع تصور جديد للتعليم المفتوح في الجامعات والفئة المستهدفة منه. وهناك ضرورة لمعالجة مسألة العزوف عن الاختصاص العلمي في الدراسة الثانوية والتوجّه نحو الاختصاص الأدبي وما لذلك من تأثير كبير على خطط التنمية في القطر. ولا بد لنجاح عملية رسم السياسات ووضع الخطط المرتبطة بها من أن تكون مبنية على بحوث ميدانية مسندة بالبينات ومعلومات دقيقة تغطي كافة الأوجه المتعلقة بالسياسة المرسومة والخطط الموضوعة والفئات المستهدفة. وغالباً ما تتولى مراكز بحوث تخصصية في الجامعات القيام بمثل هذه البحوث لما يتوفر لدى الجامعات من خبرات أكاديمية رفيعة المستوى في طيف واسع من الاختصاصات العلمية والتربوية والاجتماعية. فعلى سبيل المثال، أنشىء في بريطانيا مركز بحوث ومعلومات التعليم العاليCHERI في عام 1992 في الجامعة المفتوحةOpen University . وجاء في رسالة المركز أنه يسعى من خلال فعالياته وأنشطته إلى توفير الخبرة والتحليل الموضوعي للقضايا والتغيرات التي تواجه أنظمة التعليم العالي ومؤسساته في بريطانيا وفي جميع أنحاء العالم. وقد أنشأ مركز بحوث ومعلومات التعليم العالي في بريطانيا قاعدة بيانات تسمى «قاعدة بيانات بحوث التعليم العالي التجريبية» HEER وتتضمن ملخصات عن البحوث المنشورة المسندة بالبينات في مجال واسع من المواضيع ذات الصلة بالتعليم العالي. وهي موجهة لواضعي السياسات، والأكاديميين والباحثين في مجال التعليم العالي. وفي ألمانيا، تأسس المركز الدولي لبحوث التعليم العالي INCHER في جامعة كاسل عام 1978. وكان في البداية مركز بحوث عن التعليم العالي وسوق العمل ، إلا أنه أصبح يعنى أيضا بالعديد من القضايا الأخرى التي تتعلق بالتفاعل بين الجامعات والدولة والمجتمع ليغطي طيفاً واسعاً من المواضيع والتخصصات، ويقوم بالعديد من البحوث المقارنة. كما أن لعمله بعداً وطنياً ودولياً إذ يهدف بشكل أساسي إلى المساهمة في تقدم البحوث النظرية والمنهجية في مجال التعليم العالي وإلى توفير معرفة نظامية وذات صلة بقضايا التعليم العالي المحلية والأوروبية والدولية. وتقع البحوث التي أجريت مؤخراً على أيدي باحثي مركز كاسل في ستة مجالات رئيسية : «التعليم العالي وسوق العمل»، و«الطلاب والمساقات التعليمية»، و«التقييم و الجودة »، و«التعاون الدولي والعولمة وتدويل التعليم العالي»، و«أنظمة التعليم العالي»، و«حاكمية التعليم العالي .» وقد صدر عن أعضاء المركز ما يزيد عن ألفي بحث منشور كان لها أكبر الأثر على سياسات التعليم العالي في ألمانيا وفي أوروبا خاصة فيما يتعلق بالعلاقة بين الجامعات وسوق العمل. و كان المركز أول من ألقى الضوء على قضايا هامة في قطاع التعليم العالي في ألمانيا . فعلى سبيل المثال، أظهر في الثمانينيات من القرن الماضي، أن أقل من خمسة في المائة من خريجي الفنون الجميلة في ألمانيا كانوا قادرين على كسب عيشهم من موهبتهم الفنية. كذلك أشار وبشكل مبكر جداً إلى ضآلة فرص المرأة في الوظائف الأكاديمية في ألمانيا مقارنة بالرجل، وبحثَ الأسباب الكامنة وراء ذلك. ومن هذا المنطلق تسعى جامعة دمشق لتأسيس مركز لبحوث التعليم العالي في الجامعة. وسيقوم المركز عند افتتاحه بإجراء البحوث والدراسات التي تدعم التطوير المؤسساتي والتعليمي في الجامعة، وكذلك عملية اتخاذ القرار في مجالات هامة من سياسات التعليم العالي كسياسة القبول الجامعي، والعلاقة بين الجامعة وسوق العمل، والجودة والاعتمادية في التعليم العالي، وغيرها. وسيجهّز بقاعدة معطيات تتضمن المعلومات ومؤشرات الأداء اللازمة لاتخاذ القرار. وسيصدر دراسات استشرافية تساعد في التخطيط الاستراتيجي كدراسات تبين احتياجات سوق العمل المستقبلية من الخريجين بالنسبة لكل اختصاص، وغيرها من الدراسات. إن قرار إحداث مركز لبحوث التعليم العالي في جامعة دمشق ينبع من قناعة الجامعة بضرورة تأمين ما يلزم من أدوات بحثية تُعين على حسن الإدارة واتخاذ القرار. وهي إذ تستفيد من التجارب العالمية التي أثبتت جدواها وكان لها أكبر الأثر في تطوير منظومة التعليم العالي في الدول التي لها باع في هذا المجال، لا تريد استنساخ هذه التجارب بل الإفادة منها ضمن سياقاتنا الخاصة وبحسب ضروراتنا الوطنية. |
|