تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


لايهزّون.. حين يصبح النقد هداماً؟!

مجتمع
الأحد 14-12-2008
محمد عكروش

الإنسان من خلال مراحل حياته يتعرض لتأثيرات عدة ولمواقف اجتماعية مختلفة يختار منها مايتلاءم وخصائصه الذاتية ومايتوافق مع أهداف حياته وفي الوقت نفسه يرفض الأمور التي يشعر أنها من الممكن أن تهز صورته أمام نفسه وأمام الآخرين. ومن أكثر المواقف الاجتماعية التي نرى الأشخاص ينفرون منها (النقد).

فكيف نتقبل النقد في حياتنا وما الأسلوب الذي نتبعه في انتقاد الناس بعد أن ننقد انفسنا.. تعالوا معنا نستطلع آراء من التقيناهم وتركنا لهم فسحة في التعبير عن آرائهم...‏

شيء يعنيني‏

عن ذلك تقول: رهام الحلو طالبة فنون جميلة أنا بصراحة إذا كان الانتقاد لمصلحتي والشخص المنتقد يحبني ويخاف على مصلحتي فأنا أتقبل الانتقاد وأقول له ان معه حق وأثني على اهتمامه. أما إذا كان الانتقاد بهدف الاستهزاء أو التفشيل أمام الناس بالطبع سوف أتكلم بأسلوب مهذب بأن هذا الشيء يعنيني وأنا أعرف مصلحتي أكثر منه وخاصة أن هناك أناس ينتقدونك ولاينتقدون أنفسهم ولا أحبذ هذا وللأسف يوجد الكثير منهم.‏

أمامروان خليل يعمل في شركة اتصالات، بالنسبة لي أفرح لما أرى أحد ينتقدني لكن بأسلوب مهذب وبعيد عن التجريح ولشيء فعلاً يستحق النقد كما اعتبر النقد أيضاً وسيلة للتقدم نحو الأفضل لأن الإنسان من الصعب أن يكون كاملاً فيمايفعل أو يقول فالكمال لله وحده.‏

الصديق من صدقك‏

بصراحة أنا أحب أن أنقد نقداً بناء واتقبله بصدر رحب لأنه كالمرآة تستطيع من خلاله أن ترى عيوبك وبالتالي تحاول اصلاحها وخاصة انتقاد الصديق «الصديق من صدقك» هذا ما عبر عنه خالد دهان محامي.‏

أما مرح الحلاق سكرتيره: انتقاد الناس لي يأخذ اتجاهين أحدهما أتقبله بكل صدر رحب وأسعد به عندما يكون من إنسان اثق به كثيراً لأنه يريد مصلحتي وكل ما يعود بالنفع علي أما الآخر صاحب النقد عديم الفائدة والجدوى فلا أعيره أي اهتمام لأن لديه احساس بالنقص فعذره معه.‏

عن الأصل في النقد وأنواعه الايجابي والسلبي والتأثير الناجم عن عوامل اختلافه التقينا الدكتور محمد كمال الشريف استشاري الطب النفسي ليقول: الأصل في النقد أن يكون وسيلة للأخذ بيد الآخرين ليتحسن أداؤهم أو إبداعهم عندما يتم تنبيههم إلى عيوبهم أو مكامن الخطأ في أعمالهم أو سلوكهم وهو بهذا الهدف فعل محبة وتنمية وتطوير لمن يوجه إليه النقد، لذا قال أحد عظماء الأقدمين: رحم الله امرىء أهدى إلي عيوبي ،أي دلني على عيوبي.‏

النقد البناء والهدام‏

-- متى يمكن للنقد أن يعبر عن العداء والكراهية والحسد؟‏

-يمكن للنقد أن يعبر عن العداء والكراهية أو الحسد حين يتحول إلى هجوم يهدف إلى تحطيم المعنويات وتحطيم شعور المنقود بالنجاح وهو في هذه الحال لايستحق أن يسمى نقداً. وبخاصة عندما يوجه إلى شخص الإنسان لا إلى سلوكه وأعماله.‏

--كيف نميز في النقد بين النصيحة والفضيحة؟‏

-النقد الحقيقي نصيحة نابعة من حب الخير لمن نوجه إليه النقد أما الهجوم على شخصه ففضيحة تهدف إلى تشويه صورته وحرمانه من إعجاب الناسب به.‏

والذي يوجه إليه النقد يكون معرضاً لأن يتشكك في نفسه وقدراته أو الشعور بالدونية أن توجه النقد إلى شخصه فيقل تقديره لذاته وشعوره بقيمته ما يعرضه للقلق والفشل في المستقبل.‏

وأخطر مايكون النقد عدوانية عندما يوجه إلى طفل من الكبار المهمين في حياته لأن الطفل يصدق مايقوله الكبار عنه وينظر لنفسه النظرة التي ينظرونها إليه ما يكون له أثر في نفسيته وشخصيته قد يدوم العمر كله.‏

بالمقابل هناك أشخاص نرجسيون لايتقبلون أي انتقاد مهما كان محقاً بل يرونه إساءة وعدواناً مهما كانت النية وراءه طيبة ومخلصة. إنهم معجبون بأنفسهم بطريقة غير سوية ولايتوقعون من الناس إلا الإعجاب والمديح.‏

--من هو الشخص المتوازن في الاستفادة من النقد؟‏

-الشخص الناضج المتوازن فيحاول الاستفادة من النقد حتى لوشعر أنه نقد عدائي إذ قد يكون نقداً محقاً رغم العداوة التي تكمن وراءه. لكن يبقى قوياً ولايسمح للنقد أن يحطم ثقته بنفسه أو أن يحطم معنوياته ويثنيه عن مواصلة ما بدأ به من إنجاز أو إبداع.‏

وعلى من يوجه النقد أن يكون منصفاً لامتجنياً وبذلك يكون لنقده مصداقية ويلقى القبول وتحصل منه الفائدة المرجوة.‏

اختلاف بعوامل عدة‏

--وماذا عن التأثيرات الناجمة عن هذين النوعين من النقد البناء والهدام فهي تختلف باختلاف عوامل عدة ماهي؟‏

هذا ماأدلت به الاختصاصية الاجتماعية وئام ابراهيم لتقول: يختلف باختلاف عوامل عدة منها مايتعلق بعمر الشخص مثلاً الطفل قد يعتبر هذا النقد نوعاً من أنواع التوبيخ والمراهق يعتبر هذا النقد إهانة ولايتقبلها بأي شكل كان ونراه ينفعل بسرعة ويدافع عن نفسه أمام هذا النقد بوسائل تكون أحياناً بعيدة كل البعد عن موضوع النقد الموجه له.‏

كما وقد يختلف تأثير النقد وفقاً لمستوى التعليم والثقافة، فمثلاً إذا ما وجهت النقد لشخص يملك مستوى مرتفعاً من التعليم الجامعي فإنه يتلقاه بطريقة تختلف عنه إذا ما وجهته لشخص يملك مستوى منخفضاً من التعليم.‏

وأضافت الاختصاصية ابراهيم على أن المستوى الاجتماعي أيضاً يؤثر في مدى تقبل النقد و هناك عبارة جميلة يمكن ذكرها بهذا الخصوص «بقدر قيمتك يكون النقد الموجه لك» فإننا نلاحظ أنه إذا مااكتملت الخصائص والصفات العظيمة في نفسك أو إذا تعددت المواهب في شخص نرى العالم يبحث عن أي ثغرة أو أي خطأ يرتكبه هذا الشخص لتمد له أصابع الاتهام والنقد وتتوجه لهذا الشخص التعليقات المرة والتشويه المتعمد والتضخيم الجائر لأخطائه.‏

سر النقد‏

وإذا مابحثنا عن سر النقد فإننا نجده في شخصية الشخص الذي يوجه النقد فالدميم يرى في الجمال تحدياً له والغبي يرى في الذكاء عدواناً والفاشل يرى في النجاح ازدراء به.‏

وإن كثيراً من الناس يجدون تشفياً في اتهام شخص آخر يفوقهم ثقافة أو مكانة أو نجاحاً.. وبالمقابل فإنه من الواجب على الشخص الواعي أن يكون عصياً على النقد السلبي ويجب عليه أن يدع أمر الناس جانباً ويدفع بقواه الخاصة شاقاً طريقه الى غايته لتحقيق أهدافه. وأما النقد الايجابي فمن واجبنا أن نقبله وأن نفكر بالحلول التي تخلصنا من أدق المشكلات في حياتنا.‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية