|
أسواق الفكرة ببساطة شديدة تكمن في إلغاء الحلقات الوسيطة بين الفلاح والمستهلك لإيصال المنتج الزراعي بالسعر المقبول إلى سكان المدن وبذلك تصبح الفائدة مضاعفة لكلا الطرفين من خلال وفر حقيقي بالسعر والجودة العالية . وهذه الفكرة باتت ضرورية جدا بعدما أثبتت نجاحها عندما انطلق بها متطوعون شباب في مدينة اللاذقية عام 2008 وسموها (سوق الضيعة) وهي بذلك تتيح الفرصة الدائمة للفلاحين عوضا عن التسويق المؤقت العفوي وفي أماكن غير مناسبة على شكل بسطات تشوه المدينة وتعطي انطباعا خاطئا عن الريف حيث كان يستغلها بعض الباعة ويلبسون الزي الريفي لجذب الناس إليهم والبيع بسعر زائد بدعوى أنها طازجة ومضمونة من الريف بل أنهم كانوا يستغلونها للغش في بعض الحالات . أما الأسواق الدائمة فهي للفلاحين فعلا وبضاعتهم مكفولة وسعرها أقل وبذلك لا يقعون في استغلال بعض تجار سوق الهال ويحصلون على سعر مجز وبذات الوقت يشعر المستهلك من سكان المدن بالطمأنينة ولا يتعرض للغبن في السعر والنوع .. وما يدعو للتفاؤل هو سرعة التنفيذ وتبني المحافظين شخصيا لهذه الفكرة الرائعة وقبل نحو أسبوعين بدأت محافظة حلب في تطبيق هذه التجربة بشكل محدود على أمل توسعها لتشمل أحياء عديدة وبشكل حضاري ، واليوم تعلن محافظة دمشق للفلاحين عن إحداث ( أسواق الضيعة ) لكي يتقدموا بطلباتهم وتحديد الكمية المراد تسويقها وموعد التسويق علما أن حجز المواقع سيكون بتعرفة رمزية ويضمن تسويق المنتج بشكل لائق . ولئن كانت محافظة دمشق قد حددت موقعين الأول في باب شرقي بجانب الشركة العامة للدباغة والموقع الثاني بداية شارع الثلاثين مقابل أبنية القاعة ، فإنها ستستمر بتوسيع التجربة لتشمل أحياء عديدة في العاصمة و ستطلق موقعين جديدين خلال الأشهر القادمة في منطقتي القابون والسومرية. ونعتقد أن هذه الأسواق ستجد صدى ايجابيا بدمشق بعدما عرض نموذج ممتاز عنه في الملتقى الأول للمنتجات الصديقة للبيئة الذي أقيم الشهر الفائت وجذب سكان دمشق بشدة حيث زاره نحو 11 ألف مواطن خلال خمسة أيام ونفدت جميع المنتجات بسرعة.. والجميل في هذه الأسواق أنها ستكون منظمة ومتنوعة ولا تقتصر على المنتجات الزراعية النباتية والحيوانية فقط ، بل منتجات أخرى يدوية وتقليدية ريفية يحتاجها سكان المدن وهذا يعني تنشيط المشاريع الريفية وتشغيل النساء والشباب وبمشاركة معظم أفراد الأسرة وهو ما كان سببا رئيسا في نهضة الصين واليابان حيث إن العمل في مثل هذه المشاريع لا يتطلب الشروط التي يتطلبها العمل في المؤسسات إذ تتكيف هذه الأعمال مع الظروف المختلفة للريف السوري وتوظف أوقات الفراغ لأبنائه في أعمال تدر أرباحا وتحسين مستواهم المعيشي إضافة لإحياء مهن تقليدية عريقة في طريقها للانقراض أو حتى ابتكار أعمال يدوية وفنية جديدة . ولهذا كله ، فإننا نعلق آمالا كبيرة على هذه الفكرة ولن تبخل الصحافة المحلية وباقي مؤسسات الإعلام المقروءة والمسموعة والمرئية عن تقديم الدعم ل ( أسواق الضيعة ) من خلال الترويج لها والتشجيع عليها وتذليل العقبات التي قد تعترضها وقد تكون مفيدة جدا في جذب السياحة الخارجية أيضا. |
|