|
مجتمع وبينما تؤكد التقارير الرسمية استمرار انخفاض نسبة الأمية لتصل الى حوالي 5 % من عدد السكان الذين تجاوز أعمارهم 15 عاماً، وأن معدل انتشار الأمية ينخفض بنسبة 8 بالمئة سنوياً، ما سيؤدي بدوره إلى اختفاء الأمية من سورية بحلول عام 2015. فإن التقارير غير الرسمية تقول عكس ذلك، ومهما يكن من تضارب تلك الأرقام، الاأن العمل على تحرير سورية من الأمية قائم وبتعاون اطراف عدة منها وزارتا الثقافة والتربية ومنظمتا الشبيبة والاتحاد العام النسائي، وكل ذلك يأتي بالتوازي مع التشجيع والأنشطة التي تقوم بها وتقدمها منظمة الأمم المتحدة للتربية والثقافة والعلوم “اليونسكو”، وآخرها المؤتمر الدولي السادس لتعليم الكبار الذي نظمته المنظمة، منذ أيام قليلة بحضور أكثر من 1500 مشارك يمثلون أكثر من 156 دولة عضوا في منظمة اليونسكو. ويتدرج اهتمام المنظمة من تعليم القراءة والكتابة للكبار، الى ما هو أبعد من ذلك وهو تمكينهم، وهو الشعار الذي رفعته الأمم المتحدة هذه السنة بعد الاحتفال باليوم العالمي لمحو الأمية قبل شهرين، وهو ما ركز عليه المؤتمر وهو موضوع العيش والتعليم من أجل مستقبل يصلح للحياة فتعليم الكبار و محو الأمية يشكل كفاءة أساسية للتعليم مدى الحياة . وبالعودة الى الأرقام نجد أن التحسن يتحقق تباعا فالمؤشرات المتعلقة بالموضوع في كافة أرجاء العالم، وخاصة في البلدان النامية توضح هذا التطور المتسارع والذي كأنه يسابق الزمن لتحقيق الأهداف الانمائية للألفية فقد ازدادت ما بين العامين 1980 و2000 وهي سنة انطلاق الأهداف من 40 إلى 63% في الجزائر ومن 77 إلى 85% في افريقيا الجنوبية ومن 80 إلى 93% في زيمبابوي ومن 85 إلى 92% في كولمبيا وحتى في افغانستان فقد ازدادت نسبة المتعلمين من 18 إلى 47% في المدة نفسها. كما أن نسبة المتعلمين ازدادت في الهند من 41 إلى 53% وفي الباكستان من 28 إلى 43% وفي أندونيسيا من 69 إلى 87% وفي الفلبين من 89 إلى 95% وفي سيريلنكا من 85% إلى 92% وفي طاجكستان من 94 إلى 99% وفي ايران من 51% عام 1980 أي في فترة بداية الثورة إلى 77% عام 2000. كما قفزت في الصين نسبة المتعلمين من 66% عام 1980 إلى 85% عام 2002. ان هذه الأرقام مثلما تطمئن على النمو الثقافي، فانها تفيد أو تساهم في تحقيق الأهداف الأخرى للألفية، فالتعليم يؤثر على الديموغرافية والديمغرافية ، وكما يقول في هذا المجال ايمانويل تود، عالم الانثروبولوجيا والديمغرافيا التطبيقية عن تأثير تلك العناصر : - أدى القضاء على الأمية ونشر التعليم الجماهيري في العالم وهذا «عامل ثقافي» إلى انخفاض الخصوبة وهو«عامل ديمغرافي» على المستوى العالمي. وبالعودة الى شعار المؤتمر وهو التمكين فإن التعليم يفتح المجال أمام الانسان الى خيارات أفضل في فرص العمل، وتصبح التنمية في طريق التحقيق، بالتقاء تلك العناصر: تعليم ، انخفاض الخصوبة، ايجاد فرص العمل. إذاً التمكين المقصود لايعني محو الأمية فقط بل نوعية تعليم، فكلما كان العامل أو الفرد تعليمه أقل كلما كان عرضة للاستغلال أكثر. اذا اعلان مدننا خالية من الأمية ليس نهاية المطاف، بل الاهتمام بتسارع وتيرة ونوعية التنمية التعليمية والتثقيفية في الأجيال الشابة أيضا يجب أن يمضي بالتوازي مع محو الأمية. لأنه حيثما تكون الثورة التعليمية غير مكتملة فالنمو الاقتصادي سيكون كذلك، فالعولمة الاقتصادية تؤثر على الجميع وترمي إلى تعظيم الربح في بيئة عالمية خاصة تتمثل بوجود فيض نسبي من اليد العاملة المتعلمة والمواكبة للتقنيات والمعارف الجديدة داخل حدود كل دولة وخارجها. ان فوائد التعليم متعددة، فإذا كان احدها التأثير على الزيادات السكانية. فإنه أيضا الطريق لخيارات متعددة في الحياة. |
|